ترحيب واسع بإدانة الشرطي قاتل جورج فلويد

هل هي بداية إنصاف المواطنين السود في الولايات المتحدة؟

هل هي بداية إنصاف المواطنين السود في الولايات المتحدة؟
  • القراءات: 698
ص. محمديوة ص. محمديوة

لقي حكم الإدانة الذي أصدرته محكمة مينيابوليس، في حق الشرطي ديريك شوفين قاتل المواطن الأمريكي الأسود، جورج فلويد ترحيبا واسعا بداية من الرئيس الأمريكي جو بادين وصولا إلى أبسط مواطن أمريكي الذين اعتبروا منطوق الحكم بمثابة تحقيق للعدالة المنشودة، منذ سنوات، ونقطة فاصلة فيما يتعلق بمحاسبة الشرطة في الولايات المتحدة ومساءلتها.

فعلى مدار ثلاثة أسابيع من محاكمة الشرطي الأبيض، ديريك شوفين وسط حالة من التوتر الشديد الذي يسود مدينة مينيابوليس منذ مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد العنصرية قبل حوالي عام من الآن، خلصت هيئة المحلفين المكوّنة من 12 عضوا من مختلف العرقيات إلى أن شوفين مذنب بالتهم الثلاث الموجهة له والمتعلقة بجرائم القتل من الدرجة الثانية والقتل من الدرجة الثالثة والقتل غير العمدي في مقتل جورج فلويد شهر ماي 2020. وكان إعلان القاضي بيتر كاهيل، بإدانة شوفين بقتل فلويد عبر مكبر الصوت في المحكمة التي عرفت أسوارها الخارجية مجيئ ما لا يقل عن 200 شخص من المطالبين بتحقيق العدالة، بمثابة جرعة أكسجين، أثلجت صدور عائلة الضحية وكل الأمريكيين المناهضين للتمييز العنصري والمطالبين بالمساواة وتحقيق العدالة بين أبناء الوطن الواحد.

ورحب بان كرومب محامي عائلة فلويد بما وصفه بـ"الانتصار لأولئك الذين يكافحون من أجل العدالة وضد اللاعدالة"، معتبرا القرار "منعرجا تاريخيا" خاصة وأنها المرة الأولى منذ سنوات يدان فيها شرطي أبيض بالولايات المتحدة في جريمة قتل مواطن أسود.

فقد جرت العادة بتكييف الحكم في مثل هذه الجرائم العنصرية المتكررة خاصة على يد عناصر الشرطة البيض في الولايات المتحدة على أنه دفاع عن النفس يخرج منها الجلاد بريء في حين يهدر فيها حق الضحية. وأعرب الرئيس الأمريكي، جو بايدن عن "ارتياحه" لمنطوق الحكم. وقال في مكالمة هاتفية مع عائلة فلويد "نحن جميعا نشعر بالارتياح"، وأن الحكم "في غاية الأهمية"، متعهدا بإحضار العائلة على متن الطائرة الرئاسية لزيارة البيت الأبيض. وقبل إجرائه لهذه المكالمة، ندّد الرئيس بايدن في كلمة له بالبيت الأبيض بالعنصرية التي "تلوث" روح أمريكا، وأضاف أن "حكم الإدانة لن يعيد جورج" ولكنه "قد يكون وقت التغيير" الذي ينشده شارع أمريكي غلبت عليه النزعة العنصرية ولم يعد فيه الأمريكي من غير البشرة البيضاء يأتمن فيه على نفسه.

ويعتزم البيت الأبيض تشجيع المصادقة على مشروع قانون "جورج فلويد للعدالة في الشرطة" الذي صادق عليه مجلس النواب الأمريكي السنة الماضية بدعم من نائب جمهوري واحد، والذي يهدف إلى تعزيز المراقبة على قوات الشرطة خاصة من خلال وضع حد للحصانة المؤهلة وخفض معيار النية الإجرامية وإنشاء قاعدة بيانات وطنية حول انتهاكات الشرطة. والمفارقة أنه عندما كان الرئيس الأمريكي يثمن قرار المحكمة واصفا اياه بالمنعرج التاريخي، نزل خبر مقتل أمريكية سوداء من أصول افريقية في سن 15 على يد شرطية في مدينة كولومبس بولاية أوهايو ضمن واقعة مأساوية هي الثانية من نوعها في ظرف أسابيع قليلة على حادثة مماثلة راح ضحيتها شاب أسود في العشرينيات من عمره بعدما أصيب بجروح قاتلة بطلقات نارية من بندقية صعق لشرطية بإحدى ضواحي مينيابوليس.

ووضع مثل هذا الخبر أمريكا كلها أمام سؤال هل حكم الإدانة الصادر في قضية فلويد يعد بداية لإنصاف السود ونزع صفة "المجرم" النمطية عنهم وبالتالي التعامل معهم كمواطنين سواسية مع البيض، أم أنه حكم فرضه واقع سياسي أمريكي تكرس خلال سنوات حكم دونالد ترامب وتجلت معالمه بصورة واضحة في حادثة اقتحام مقر الكابيتول شهر جانفي الماضي بالتزامن مع تثبيت فوز الديمقراطي جو بايدن بالرئاسيات. ويفرض هذا السؤال نفسه بقوة في مجتمع أمريكي، انقسم على نفسه بين أبيض وأسود وملونين في ظل صعود لافت لليمين المتطرف، الذي وجد ضالته في حكم الرئيس السابق دونالد ترامب لتعزيز نزعته العنصرية التي توّجت بقرار ترخيص امتلاك السلاح لكل مواطن بكل ما حمله من مخاطر في تنامي أعمال العنف المرتبطة بالميز العنصري.