ميلاد مرصد المجتمع المدني

صوت المواطن في تطبيق السياسات العمومية

صوت المواطن في تطبيق السياسات العمومية
  • القراءات: 388
شريفة عابد شريفة عابد

يكرّس توقيع رئيس الجمهورية على المرسوم الرئاسي الخاص بإنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني، الانطلاقة الميدانية لهذه الهيئة الاستشارية، التي شكلت أحد أهم المحاور في مسار تعديل الدستور، لما لها من أثر في تعميق مفهوم الديمقراطية التشاركية وفي إقرار وتطبيق السياسات العمومية وبالتالي الوقاية من الفساد بكل أشكاله.

وإذ يأتي ميلاد المرصد الوطني للمجتمع المدني، كخلاصة للجهود والمشاورات العديدة التي قامت بها القيادة السياسية في إطار الوفاء بالتزامها بترقية دور الجمعيات وتمثيليات المجتمع المدني، فإن الدور المنتظر أن يؤديه  يعول عليه كثيرا في تقويم السياسات المتبعة من قبل مختلف القطاعات بحكم تنوع تركيبة المجتمع المدني وتشعب تخصصاتها، ما يسمح بتعميق الديمقراطية التشاركية. ويحرص رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون على ترقية هذه النظرة التشاركية، بحكم العناية والاهتمام الذي يوليه للجمعيات التي تعهد بالعمل على تفعيل دورها في المجتمع ومرافقتها، بدليل استقباله في الأيام الأخيرة لعدد من الجمعيات في إطار جلسات التشاور والحوار التي يجريها مع مختلف القوى الحية في البلاد، وهو الذي أوصى برعاية المجتمع المدني ودعمه للعب دور إيجابي في المجال السياسي من خلال مشاركته في تشريعيات 12 جوان القادم. 

وتحدّد المادة 213 من الدستور الصلاحيات المتعددة للمرصد الوطني للمجتمع المدني، حيث تعتبره "هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية،  تضطلع بتقديم آراء وتوصيات متعلقة بانشغالات المجتمع المدني، وترقية القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة.. كما يشارك المؤسسات الأخرى في تحقيق أهداف التنمية الوطنية"من هذا المنطلق سيكون المرصد الوطني الذي سيتم تنصيبه قريبا، هيكلا فاعلا في الحياة  العامة، إذ ستلزم المجالس الوطنية والمحلية المنتخبة والدوائر الوزارية والحكومية، باستشارته في تحديد السياسيات العامة وفق ما يقدمه من تصوّرات وآراء، باعتباره صوت المواطن ولجان الأحياء المختلفة والجمعيات المتخصصة، الذي يسمح بضبط الأولويات والاحتياجات الأساسية من القاعدة إلى القمة..

كما سيعنى المجتمع المدني بهما مراقبة التسيير، وهو ما سيقي من الفساد ويحد من تبذير المال العام، إذ سيكون بموجب الدستور وما خوّله له من صلاحيات "عين رقابة"، على عديد  العمليات، كتلك المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية ومختلف العمليات التنموية التي يرصد لها أموالا طائلة، دون أن يلمس المواطن أثرها في الميدان. ويجنب نشاط المرصد مظاهر الفساد التي كانت تطبع التسيير في المرحلة السابقة، لاسيما وأن الهيئات الدولية كالبنك العالمي و"الشفافية الدولية" تعتبر إشراك المجتمع المدني في التسيير معيارا في قياس درجة الفساد ومدى شفافية السلطات العمومية. كما سيقوم المرصد الوطني للمجتمع المدني، بتأطير واحتواء الجمعيات التي برزت في السنوات الأخيرة بتشجيع من السلطات العليا في البلاد، من خلال توجيهها وترقيتها حسب تخصصاتها، عبر برامج تكوين وبرامج شراكة محلية ودولية مع هيئات عالمية تعني بنفس مجالات النشاط والفئات. 

وتظهر المعطيات الأخيرة، نوعا من التفاعل الإيجابي للمجتمع المدني، بدليل الكم الهائل من الجمعيات التي يتم اعتمادها بصفة منتظمة من قبل وزارة الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة الإقليم، حيث سبق لمستشار رئيس الجمهورية المكلف بالمجتمع المدني والجالية الجزائرية بالمهجر نزيه برمضان، أن أشار إلى اعتماد ما يربو عن 2600 جمعية من أصل 4000 طلب جديد، (شهر جويلية 2020) وهو رقم تبرره التسهيلات التي وضعتها السلطات في مجال اعتماد الجمعيات، مدفوعة بالدور الكبير الذي لعبته هذه الأخيرة خلال أزمة كورونا، حيث رفعت القيود في مجال تشكيل الجمعيات بموجب الدستور الجديد الذي تنص المادة 53 منه على أن "حق إنشاء الجمعيات مضمون، ويمارس بمجرد التصريح".

واستكمالا لهذه التسهيلات تنوي السلطات العمومية أدراج تعديل على قانون الجمعيات بجعله أكثر مرونة وفاعلية، بالتوجه نحو تمكين الجمعيات من الاستثمار لتمويل نفسها من خلال إنشاء مؤسسات مصغرة أو  أنشطة تدر عليها أرباحا تمكنها من خلق مناصب شغل والمساهمة في التنمية الوطنية.