بختي يعرض بالمركّب الثقافي بشنوة 

قضايا من عمق المجتمع

قضايا من عمق المجتمع
  • القراءات: 683
مريم. ن مريم. ن

يقيم الفنان عبد الرحمن بختي معرضه التشكيلي بالمركّب الثقافي "الفنان عبد الوهاب سليم" بشنوة، إلى غاية 17 أفريل الجاري؛ حيث يقترح مواضيع لها علاقة بالمجتمع والثقافة، ويعكس في لوحاته الثلاثين، سخاءه الفني، وألوانه المتدفقة كالشلال، حاملة معها الصفاء وزرقة مدينة شرشال.

عبّر الفنان خلال تسجيل عرضه على صفحته الإلكترونية، عن انبهاره بهذا الصرح الثقافي بشنوة، الذي وصفه بالتحفة الفنية التي تقع قبالة أمواج البحر مباشرة، وأنها مكسب ثمين للفنانين الجزائريين.

وبالنسبة للمعرض فهو يضم 30 لوحة زيتية وأخرى بالحبر الصيني، وأغلبها في الأسلوب السريالي الذي يعشقه هذا الفنان حتى النخاع، تماما كما يعشق الملامح والمشاهد المكبرة والمباشرة. وتطرق الفنان لعدة مواضيع نفسية وفلسفية واجتماعية وثقافية تخص مجتمعنا، معتبرا أن الفنان ما هو إلا لسان حال مجتمعه وبيئته. كما تناول في لوحات أخرى، الروحانيات وبعضا من التصوف بعمقه الباطني، وبأسراره التي تخص الوجدان للفرد الجزائري المشغول بهذه المسائل، التي هي من صميم ثقافته وتاريخه، متوقفا عند مساهمة الشمال الإفريقي والجزائر في الثقافة الإنسانية منذ الأزل، ومعتبرا أن اللوحات تعكس البعد العربي الإسلامي والإفريقي والأمازيغي، وهي أبعاد راسخة في المجتمع الجزائري؛ ما يعكس الرقيّ.

وككل مرة، يحرص الفنان بختي في معارضه، على استحضار مدينته شرشال، التي أضافت له البهجة وحب الجمال، وتعلّم من أهلها ملازمة روح المرح والتفاؤل؛ إنها بحق مرآة البحر، وتجسد سحر الطبيعة، وتجمع الأزرقين؛ زرقة البحر وزرقة السماء. ويجمع الفنان في هذا المعرض باكورة أعماله؛ فهناك بعض اللوحات أنجزها سنة 2003، وأخرى احتفظ بها في ورشته، لتكون تأريخا لمسيرته الفنية. ومن لوحاته الجديدة لوحة زيتية بعنوان "الجدار"، التي أنجزها في 2021. والجدار كان دوما دعامة للرسم؛ ففي جدران الكهوف والمغارات رسم الإنسان، وعلى صخور التاسيلي، وفي أبنية الفراعنة وهكذا، ثم يقف عند عالم اليوم الذي اكتسحته وسائل الإعلام خاصة مع جائحة كورونا، لتفتح الباب للتهويل والفزع والإشاعات، ولتكون صورة من ظل العولمة الكاسح.

للإشارة، ظل الفنان عبد الرحمن بختي ينشط حتى في عز أزمة كورونا؛ من خلال معارضه الافتراضية، وظل يزرع البهجة والأمل في نفوس الجزائريين، ويشد أيضا على يد الجيش الأبيض الذي كان في مقدمة محاربي الجائحة. وباختصار، يلزمك أكثر من إحساس لتنعم بإبداعات هذا الفنان الراقي؛ فهو متعدد الأساليب والمدارس والرؤى والمواضيع، التي قد تضيع معها العين المجردة؛ إذ لا تستطيع مجاراتها وتتبّع ما تخفيه من أسرار الكون والحياة. 

ويحاول ابن مدينة شرشال المفتوحة على كل الآفاق، أن يستمد من مدينته الهيام والسفر؛ فعبّر بكل حواسه الملموسة والخفية عن مكنوناته التي تنهمر سخاء؛ فرسم بعضها باللونين الأبيض والأسود، واختار للأخرى ألوانا مختلفة، تعبّر عن حركة الحياة والأنوار. ويحاول من خلال ذلك كله أن يكتشف عالما موازيا، يضمن الحرية والانطلاق بدون أي قيود. لوحات أخرى تظهر فيها المرأة بكل حالاتها، تماما مثل الطبيعة، فيترسخ أكثر اختياره للفن السريالي الذي يعبّر عن العقل الباطن، علما أنه يدقق في التشخيص؛ فهو شديد التركيز على الملامح، خاصة ملامح وجه المرأة.

للإشارة، الفنان عبد الرحمن بختي منسق بالاتحاد الوطني للفنون الثقافية بولاية تيبازة. وسبق أن أقام معارضه عبر مختلف ولايات الوطن، وذلك منذ 1986، إضافة إلى معارضه في الخارج.