باسم انقاذها من "مقصلة" التشريعيات القادمة

حرب التموقع تؤجج الحركات التصحيحية داخل الأحزاب القديمة!

حرب التموقع تؤجج الحركات التصحيحية داخل الأحزاب القديمة!
  • القراءات: 475
شريفة عابد شريفة عابد

دفع طموح مناضلي عدد من الأحزاب السياسية، ورغبتهم في التموقع بمناسبة الانتخابات التشريعية المقررة في 12 جوان القادم، إلى إحداث حركات تصحيحية لمحاولة الإطاحة بالقيادات السياسية الحالية وتولي التسيير، مستغلين الظرف السياسي الجديد الذي انبثق عن الحراك الشعبي لـ22 فيفري 2021، من أجل ضمان  التواجد في المشهد السياسي الجديد والتموقع في القوائم الانتخابية أملا في حصد مكاسب سياسية لاحقا.

ويعد حزب جبهة التحرير الوطني، من بين أكبر الأحزاب التي تعوّدت على الحركات التصحيحية، عشية كل موعد انتخابي، فباستثناء الحركة التصحيحية التي شهدها الحزب عشية رئاسيات 2004، وتشريعيات 2012، اللتين كانتا قائمتين على اختلاف واضح في النظرة السياسية، كانت الحركات التصحيحية الأخرى التي عرفها الحزب تحركها المصالح الخاصة ورغبة عرابوها في التموقع سواء داخل المكتب السياسي أو في المحافظات، لما يجلبه ذلك من امتيازات عديدة، بحكم تواجد الحزب في السلطة، أو بغرض "البزنسة" بالقوائم الانتخابية. وما المحاكمات التي مسّت قيادات الأفلان بعض نوابه مؤخرا، إلا  دليلا على حجم الفساد الذي كان يسير به الحزب، خدمة لأغراض ومصالح فئة محددة.

ومع التحضير للانتخابات التشريعية القادمة، عادت الحركات التصحيحية داخل الأفلان إلى الواجهة، حيث احتج عدد كبير من أعضاء اللجنة المركزية أمام المقر المركزي للحزب مطالبين الأمين العام أبو الفضل بعجي، بالاستقالة هو ومكتبه السياسي وعقد مؤتمر جامع. ولم تبق دائرة الاحتجاجات على مستوى العاصمة، بل توسعت إلى المحافظات على خلفية رفض بعض المحافظين قبول ملفات ترشح بعض المناضلين، بحجة أنهم لا تتوفر فيهم الشروط المحددة في القانون الأساسي والنظام الداخلي (العضوية 10 سنوات على الأقل في الحزب). أو لأن الحزب قدر أنهم لا يمثلون أوراقا انتخابية رابحة، لاسيما في ظل الظروف التي يمر بها وحجم الضغوط الذي يواجهها لدى الرأي العام الوطني بعد إدانته من قبل الحراك الشعبي.

في المقابل، يبدو أن القيادة الحالية للأفلان، لا تكترث بالحركة التصحيحية التي يقودها اعضاء من اللجنة المركزية وبعض اعضاء مجلس الامة، إذ يعتبرها أبوالفضل بعجي "سحابة صيف عابرة"، بدليل أنه يواصل التحضير للانتخابات التشريعية وفق البرنامج الذي سطره ومكتبه السياسي. كما عرف حزب العمال من جهته، حركة تصحيحية فاشلة، قادها بعض النواب السابقين في الحزب، ضد الأمينة العامة للحزب لويزة حنون، وانتهت باسترجاع هذه الأخيرة لتشكيلتها السياسية في دورة طائرة للجنة المركزية، حيث تمت تزكيتها مجددا على رأس الحزب الذي أسسته عشية الانفتاح السياسي..

ويدافع الفريق المناهض للقيادة الحالية لحزب العمال، على برنامجه، برفضه للبرنامج السياسي الذي تنتهجه القيادة الحالية "وعدم انفتاحها على الحوار والتغيير"، حسبما أكده لـالمساء" النائب السابق فتحي كوشي. غير أن الخلفيات السياسية للصراع تعود إلى سنة 2019، عندما رفضت مجموعة من النواب الاستقالة من المجلس الشعبي الوطني بطلب من لويزة حنون، التي يختلفون معها في الطرح إلى غاية اليوم..

وعرف حزب طلائع الحريات مؤخرا حركة تصحيحية تم إجهاضها في وقت وجيز. فبعد استقالة الأمين العام السابق للحزب علي بن فليس، من منصب الأمانة العامة،  أجمع المناضلون على وضع عبد القادر سعدي أمينا عاما بالنيابة، مع تعيين المكتب السياسي، وإقرار انخراط الحزب في ورشات الإصلاح السياسي، إذ باشر لقاءات مع الفعاليات السياسية في البلاد وفي طليعتها رئيس الجمهورية، غير أن الامور لم تستقر داخل الحزب، حيث تم انتخاب هيئة رئاسية مؤقتة لتسيير شؤون الحزب تتكون من 21 عنصرا من مؤسسي الحزب عقب دورة استثنائية طارئة للجنة المركزية عقدت يوم 17 مارس الفارط.

وقد كلفت المجموعة بالتحضير للمؤتمر الأول للحزب، سيتم على إثره انتخاب قيادة جديدة تتولى تسيير الحزب خلال المرحلة القادمة. حركة النهضة، تعيش هي الأخرى أجواء تشتت طفت للسطح مع الإعلان عن تنظيم الانتخابات التشريعية في 12 جوان القادم. وحتى وإن لم تأخذ الأزمة الداخلية للحركة طابع الحركة التصحيحية، إلا أنها أبانت على شرخ حاصل في صفوفه، حيث اختارت بعض قياداته التاريخية ونواب السابقين الترشح ضمن قوائم حزب العدالة والتنمية.

كما شهد حزب جبهة القوى الاشتراكية، أيضا احتجاجات لم ترق إلى مستوى الحركة التصحيحية، إلا أنها أحدثت خلافا حادا داخل الحزب بسبب وجود نظرتاين مختلفتين في القيادة، وتطوّرت هذه الاحتجاجات بمناسبة عقد المجلس الوطني للحزب بالعاصمة يوم 3 أفريل الجاري، حيث احتدم الصراع بين الفريق الداعم للمسار الانتخابي والرافض له، لينتهي الخلاف بفرض الرأي الأخير، والإعلان عن أن التشريعيات القادمة لا تشكل أولوية بالنسبة للحزب.