من الماضي

عبد الرحمان سوخان... لوهافر وفريق جبهة التحرير محطاته البارزة

عبد الرحمان سوخان... لوهافر وفريق جبهة التحرير محطاته البارزة
عبد الرحمان سوخان
  • القراءات: 646
ع. إسماعيل ع. إسماعيل

المعروف عن عبد الرحمان سوخان، الشقيق الأصغر لمحمد وأحد صانعي الملحمة الرياضية الخالدة لفريق جبهة التحرير الوطني، أنه إنسان متواضع إلى حد الخجل. الابتسامة الصادقة تنير وجهه كلما يلتقي بمعارفه. تعوّدنا في الثمانينات وحتى التسعينات ملاقاته في كثير من المرات، بالسوق الشعبي الموجود في الشارع المحاذي لمسجد "الخلفاء الراشد" بالأبيار؛ حيّه المفضل، الذي رأى فيه النور لأول مرة في 1936، السنة التي وُلد فيها، أيضا، زميله محمد معوش.

إرادة الله أرادت أن يجمع الاثنين جزء من مسارهما الرياضي؛ وأي مسار! شاركا في منافسة البطولة الاحترافية الفرنسية، وانضما إلى فريق جبهة التحرير الوطني، الذي لايزال خالدا في أذهان الجزائريين.

كان عبد الرحمان سوخان في بداية الخمسينات لاعبا ضمن فريق شبيبة اتحاد الأبيار رفقة شقيقه الأكبر محمد وصديقه وابرير. مر عبد الرحمان على كل الفئات الصغرى لهذا النادي؛ حتى أصبح من بين لاعبيه الأساسيين، لكن ظروف اندلاع حرب التحرير في الجزائر دفعته إلى مغادرة وطنه في منتصف الخمسينات، فكانت مدينة لوهافر محطة تنقله إلى فرنسا، حيث أمضى بسرعة عقدا احترافيا مع النادي الأول لهذه المدينة، وكان ينشط في القسم الثاني من البطولة المحترفة الفرنسية، لتجمعه مسيرته الرياضية من جديد، بشقيقه الأكبر محمد، الذي كان أيضا أحد أعضاء هذا الفريق.

سطع نجمه بسرعة وفرّ من فرنسا ليلتحق بالثورة

عبد الرحمان على عكس شقيقه محمد، سطع نجمه بسرعة ضمن فريقه الجديد الذي افتك فيه منصبا أساسيا كقلب هجوم يمتاز بحاسية التهديف، فلم يلبث أن فاز في الموسم الموالي بلقب أحسن هداف في البطولة المحترفة الثانية، وكان متجها نحو بلوغ مستوى كبير في اللعب. وفي الوقت الذي كانت تهتم به بعض الأندية من القسم الأول، جاءه اتصال مفاجئ من أحد معارفه الخاصة، أخبره بضرورة الفرار إلى تونس لتشكيل فريق الجبهة، شأنه في ذلك شأن شقيقه محمد.

واجه عبد الرحمان مخاطر كبيرة لتلبية نداء الوطن لتواجده في الخدمة العسكرية التي كانت مفروضة على الجزائريين من طرف المستعمر الفرنسي. ولم يكن الخروج من فرنسا سهلا عليه بسبب صفته العسكرية، لكن لحسن حظه أنه انتقل إلى خارج حدود البلد المستعمر بدون أي عائق، ثم تمكن، بفضل مهربين موالين لجبهة التحرير، من عبور الحدود البلجيكية - الألمانية مشيا على الأقدام عبر مسالك وعرة وممنوعة، ومن بعد ذلك انتقل إلى روما رفقة مجموعة من لاعبين جزائريين فروا من البطولة الفرنسية؛ حيث كانت إيطاليا المحطة ما قبل الأخيرة للوصول إلى تونس والانضمام إلى فريق جبهة التحرير الوطني، الذي شكّل فيه مع زميله الجديد رشيد مخلوفي، ثنائيا من ذهب في المباريات التي لعبتها التشكيلة الثورية في شتى ملاعب العالم؛ من أجل تعريف نضال الكفاح الجزائري ضد المستعمر الفرنسي الغاشم.

وفور نيل الاستقلال عاد عبد الرحمان سوخان رفقة شقيقه، إلى نادي لوهافر، ثم انتقل إلى نادي تولوز الذي قضى فيه ثلاثة مواسم رياضية، قبل أن ينهي مشواره الاحترافي مع نادي "ريد ستار"، الذي لعب في صفوفه موسما واحدا. وعاد من بعد ذلك إلى الجزائر، وخاض تجربة قصيرة مع اتحاد بلعباس، قبل أن ينهي مشواره كلاعب بصفة نهائية.

ومعروف عن عبد الرحمان سوخان أنه حمل ألوان الفريق الوطني عدة مرات في الستينات، ثم اختارته الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ليكون ضمن الطاقم الفني الوطني الذي قاده رشيد مخلوفي أثناء تتويج الجزائر بالميدالية الذهبية في ألعاب دول البحر الأبيض المتوسط (1975) والألعاب الإفريقية (1978). وفي 1982 استنجدت به الاتحادية من جديد؛ حيث تم تعيينه كاتبا إداريا للفريق الوطني خلال مشاركة هذا الأخير في نهائيات كأس العالم بإسبانيا. وتوفي عبد الرحمان سوخان في 2015 بالجزائر، متأثرا بمرض عضال.