يبدأ من المدرسة ويشرك جميع النخب.. خبراء يقترحون:

تكوين مستمر لمواجهة التضليل ومحاربة الجريمة السيبريانية

تكوين مستمر لمواجهة التضليل ومحاربة الجريمة السيبريانية
  • القراءات: 339
شريفة عابد شريفة عابد

ضرورة إشراك جميع النخب في التصدي لهذا التهديد

الجزائر مستهدفة بشكل كبير بسبب مواقفها السيادية

من مهام الجامعة والمساجد والإعلام تحرير العقول بفضح الأخبار الكاذبة

يجمع الخبراء المختصون في مجالي الأمن القومي وتكنولوجيات الإعلام والاتصال على أن مواجهة الحروب السبيريانية التي تهدّد الأمن القومي، ينبغي أن تبدأ بتكوين الأفراد على عدة مستويات أولها المدرسة ثم الجامعة ثم عبر الإعلام وأخيرا على مستوى المؤسسات، بشكل يسمح بالتمييز بين الحقيقة والتضليل، حتى لا تستغل الشعوب ضد دولهم وتتم بالتالي حماية مصالحها الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية.

في هذا الإطار، شدّد الخبراء المشاركون في الندوة التي نظمتها الإذاعة الوطنية أمس حول "الأمن الإعلامي.. أدوات مواجهة خطر الأخبار الكاذبة والمضللة والهجمات السيبريانية" على أهمية إشراك جميع النخب الجامعية والإعلامية في التصدي لهذا التهديد، لتمكينها من تأدية دورا توعويا، فضلا عن  تكييف الاستراتيجيات الأمنية وطبيعة تحديات الجريمة السيبريانية التي تأخذ، حسبهم، طابع التهديد الإرهابي والجوسسة وتحطيم الدول، باستخدام شعوبها، وذلك باستعمال أقل الوسائل تكلفة وأكثرها فتكا و سرعة.

الجزائر تتعرض لحرب سيبريانية

وبعد تعريف لمفهوم الجريمة السيبريانية ومحاورها، تطرق منشطو الندوة إلى النموذج الجزائري، الذي أصبح، حسبهم، مستهدفا في الفترة الأخيرة بشكل كبير، بسبب ثباتها على مواقفها السيادية، لاسيما على خلفية القضية الصحراوية والنزاع القائم بين المغرب وجبهة البوليزاريو.

وقال رئيس المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية، عبد العزيز مجاهد، أن الحرب السيبريانية المستهدفة لكيان الدول تركز على التضليل وغسل العقول والتشويش على أفكار الشعوب، حتى يسهل فيما بعد تنفيذ مخططاتها. مقدرا بأن أول خطوة ينبغي اتباعها في مواجهة هذا الخطر، "هي معرفة العدو وتتبع الواقفين وراء منصات التواصل الاجتماعي، ليتم تحديد الجهة التي تقف وراء الحرب السيبريانية ذات الطبيعة الأمنية، ليأتي في مرحلة ثانية، حسبه،  دور النخب من أساتذة جامعيين وإعلاميين ومؤسسات دينية كالمساجد وغيرها من الهيئات التي تعنى بمهمة "تحرير العقول" والتي تعنى بالرد ن تلك الهجمات وفضحها وكشف الحقيقة وتقديمها للرأي العام، معتبرا هذه المهام، عاملا مهما لإعادة زرع الثقة بين أفراد المجتمع. في سياق متصل، ذكر الأستاذ أحمد عظيمي، بوجود مغاربة يتقمّصون شخصيات جزائرية لنشر أكاذيب ضد الدولة، مشيرا إلى أنه تعرض شخصيا لهذا التهجم ومحاولة التضليل.

أما المختص في مجال تكنولوجيات الاتصال الرقمي، الأستاذ يونس قرار، فأبرز في تدخله الأهمية الاقتصادية التي تمثلها وسائل التواصل التكنولوجي، ما يستدعي، حسبه، استغلالها وعدم تجاهلها في الحرب الإلكترونية التي يعيشها العالم، مستشهدا بالنموذج الصيني كموقع "علي بابا" الذي يبلغ رقم أعماله اليوم 62 مليار أورو في اليوم الواحد، من خلال المبيعات التي يحققها في مناسبة "الجمعة الأسود" (بلاك فرايدي)، فضلا عن نماذج أخرى أمريكية كشركتي "ميكروسوفت" و"آبل"، وغيرهما من الشركات التي ينمو رقم أعمالها بشكل جنوني، حيث وصل لدى بعضها إلى 1000 مليار دولار سنويا. وحسب نفس الخبير فإن الحروب السيبريانية لا تستهدف دائما الأمن الاقليمي والوحدة الترابية، وإنما أيضا الاقتصاد لسهولة إقناع المستخدم، وكذا المنصات التي تهم المواطن كموقع الإعلان عن الناجحين في شهادة البكالوريا مثلا، "وهو أمر يجب على الجزائر أخذ مخاطره بعين الاعتبار، من خلال جاهزية خلايا متخصصة في مواجهة هذه الأخطار الإلكترونية". ونبّه المتحدث إلى أهمية إلمام القائمين على مجال الإعلام والاتصال بنسب المشاهدة لوسائط التواصل الاجتماعي، "حتى تكون الرسائل المراد إيصالها ناجحة ومؤدية للغرض وليس نشرها بطريقة ارتجالية".

الإعلام مطالب بتحديد مصطلحاته ورفع مستوى الخطاب

من جهته، أبرز الأستاذ بوزيد بومدين، المختص في مجال تكنولوجيات الاتصال أهمية المصطلحات في الحروب الدعائية والسيبريانية، محذرا وسائل الإعلام من الاستخدام الخاطئ للمصطلحات بالنظر لأضرارها على سمعة الدول. وساق في هذا الإطار، مثالا يرتبط بتناول موضوع غلق الكنائس بمنطقة القبائل "والتي هي في الأصل مستودعات كون مراكز العبادة أي الكنائس مرخص لها قانونيا مثلها مثل المساجد"، مؤكدا في سياق متصل، الضرر الذي تحمله مثل هذه الأخبار التي تعتمد على مصلحات مغلوطة على سمعة الدول وعلى تعاطيها مع ملف حقوق الأنسان، "حيث تستند السفارات الأجنبية في إعداد جزء كبير من تقاريرها على منشورات الإعلام". ودعا المتحدث إلى ضرورة على صناعة إدراك جديد لدى الشعب، أساسه الثقة، من خلال كشف المؤمرات التي تأتي من دول أجنبية واستعمال نفس أدوات العدو في مجال  التجهيز والتمويل. وأعطى مثالا آخر، عن إذاعة "ميدي أن" المغربية وموقع "هيسبريس" اللذين يشنان حملات ضد الجزائر بشكل ممنهج، وتوقف أيضا عند الدور الذي يلعبه مركز الدراسات الإفريقي - المغربي للترويج للأجندة المغربية، وكذا منظمة أئمة الساحل التي يحاول المغرب الاستثمار فيها.

بدوره، شدّد الباحث أحمد كاتب المدير العام لقناة "كنال ألجيري"، على أهمية رفع مستوى الأداء الإعلامي وتكييفه والمستجدات وجعله في مستوى قادر على استقطاب المشاهد وإقناعه بالرسالة، معترفا بحدوث تغييرات عميقة في المجتمع الجزائري الذي دخل العولمة الإلكترونية وتفاعل معها، بشكل يفرض اليوم على وسائل الإعلام، حسبه، مواكبتها حتى تستطيع الإجابة عن التحديات وتحقيق الأمن الإعلامي وتنوير الرأي العام بما يحفظ الأمن القومي. وعاد الأستاذان أحمد عظيمي ونوفل حديد إلى التأكيد على ضرورة إدماج المدرسة والجامعة في هذه الحرب من خلال التخلي عن الأساليب القديمة التي لم تعد تؤدي دورها المجتمعي. وأبرزا في هذا الصدد  أهمية تلقين التلاميذ والطلبة في مرحلة لاحقة أسس التمييز بين الأخبار المضللة والأخبار الصحيحة، حتى لا تؤثر عليهم، إلى جانب تحديث البرامج التعليمية تبعا للتطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم على المستوى الأمني الاقتصادي والتربوي وغيرها.