الطرف الفرنسي يعترف بأسرار الذاكرة وجرائم المستعمر

انتصار آخر للجزائر الجديدة..والسيادة ليست للبيع

انتصار آخر للجزائر الجديدة..والسيادة ليست للبيع
المحامي الجزائري الشهيد علي بومنجل
  • القراءات: 410
مليكة. خ  مليكة. خ

ماكرون: بومنجل تعرّض للتعذيب والقتل على أيدي الجيش الفرنسي خلال الثورة

السفارة الفرنسية: لا أساس من الصحة لموافقة الجزائر حول المشاركة عسكريا بالساحل

أخذت العلاقات الجزائرية - الفرنسية مؤخرا منحى جديدا، على ضوء التقارب الذي رسمته تصريحات رئيسي البلدين، مضفية بذلك المرونة على العلاقات الثنائية التي لطالما اتسمت لسنوات بالتشنج والمشاحنة، بسبب مسألة الذاكرة التي كثيرا ما ألقت بظلالها على التعاون بين البلدين، وتمسك جماعات الضغط الفرنسية المعارضة لأي تطبيع طبيعي مع الجزائر، ما حال دون المضي قدما بالتعاون إلى المستويات المنشودة.

ويمكن استقراء هذا التقارب عبر رسائل التودد بين الرئيسين، حيث ما فتئ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يقر في مناسبات عديدة بأن نظيره الفرنسي له نوايا حسنة وأن هناك لوبيات تقف عائقا أمام الانطلاق في مشاريعه من أجل تصفية الأجواء بين الجانبين، خصوصا ما تعلق بمسألة الذاكرة، في الوقت الذي يبدي فيه  الرئيس ماكرون استعداده التام لفتح صفحة جديدة من التعاون الثنائي.

ويستدل مراقبون في هذا الصدد، بتصريح الرئيس تبون خلال لقائه بممثلي وسائل الإعلام الوطنية يوم الاثنين الماضي، عندما وصف العلاقات الجزائرية الفرنسية بـ"الطيبة"، بعيدا عن عقدة المستعمر السابق، محذرا من لوبيات داخل فرنسا تسعى إلى تقويض هذه العلاقات، والتي لايزال بعضها يحلم بـ"الجنة المفقودة".

ويعتقد متابعون أن اللغط الذي قد يثار إزاء القضايا التي تهم البلدين والذي كان آخره ما نسب من تصريحات للرئيس الفرنسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بخصوص اعتزام الجزائر إرسال قوات عسكرية إلى منطقة الساحل، يدخل في سياق إثارة القلاقل في العلاقات بين البلدين، في الوقت الذي تتمسك الجزائر بمبادئ عدم التدخل في شؤون وسيادة الدول الأخرى.

وهو ما أكده رئيس الجمهورية في تصريحه الأخير، عندما فنّد هذه الاشاعة، مشيرا إلى أن مهمة المؤسسة العسكرية تكمن في مساعدة "جيراننا على تجاوز المراحل الصعبة والأزمات التي تمر بها".

وشهد شاهد من أهلها

ونفت السفارة الفرنسية بالجزائر من جهتها في بيان أصدرته، أمس، ما نسب للرئيس إيمانويل ماكرون من إعلان موافقة الجزائر حول المشاركة عسكريا في مكافحة الإرهاب بالساحل، خلال قمة نجامينا، مشيرة إلى أن هذه المعلومات عارية من الصحة.

وأوضحت السفارة أن ماكرون لم يؤكد خلال قمة مجموعة الساحل بتشاد موافقة الجزائر على المشاركة في هذه القوة المكلفة بمكافحة الإرهاب، مضيفة أن الرئيس الفرنسي أكد فقط ترحيبه بالتزام الجزائر في الوساطة بشأن أزمة مالي خلال اجتماع كيدال الأخير.

ووفق "وشهد شاهد من أهلها"، يعكس بيان السفارة الفرنسية المواقف الثابتة للجزائر بخصوص عدم المساس بسيادتها باعتبارها خطا أحمر، حيث أعطى الرئيس تبون رسالة واضحة بهذا الخصوص في لقائه الإعلامي الأخير، عندما أشار إلى "أن الجزائر ليست محمية لأي دولة في الوقت الذي توجد فيه دولة في المنطقة تطبق ما يملى عليها".

ويبدو أن رسالة رئيس الجمهورية التي كانت بمثابة تذكير للقاصي والداني بالمواقف الثابتة للجزائر، إزاء القضايا الدولية قد وصل صداها إلى الضفة الشمالية وهو ما تجلى في الرد الفرنسي السريع الذي فضل من جهته وضع حد لهذه الإشاعة ومن ثم التأكيد على احترام مواقف الجزائر الثابتة، ما يعد مؤشرا إيجابيا على علاقات الاحترام المتبادلة بين الجانبين.

العلاقات الطيبة لن تكون

على حساب الذاكرة

وأكثر ما عزز هذه العلاقة أيضا الشق التاريخي، الذي على الرغم من أنه لم يقطع بعد أشواطا كبيرة خصوصا ما تعلق بتقديم الاعتذار للشعب الجزائري إزاء الجرائم المرتكبة خلال الحقبة الاستعمارية، إلا أنه حمل الكثير من الرمزية في الوقت الذي تتمسك فيه الجزائر بعدم التنازل عن ملف الذاكرة، حيث نستشف ذلك في التصريح  الأخير لرئيس الجمهورية، عندما قال إن  العلاقات الطيبة بين الجزائر وفرنسا لن تكون على حساب التاريخ والذاكرة، من منطلق أن ما فعله الاستعمار ليس بالأمر الهين.

غير أن رئيس الجمهورية فتح  باب الأمل لتحقيق خطوات إيجابية في هذا الاتجاه مستقبلا، عندما أشار إلى أن "الأمور تُحل بذكاء وهدوء وليس بالشعارات".

والأكيد برأي ملاحظين أن قناعة الرئيس تبون ترتكز على الخطوات المسجلة مؤخرا من الجانب الفرنسي والتي تمثلت في إعادة جماجم 24 مقاوما جزائريا، قتلهم الاستعمار الفرنسي في بداية غزو الجزائر، حيث أشار في هذا الخصوص إلى "أن الفرنسيين كانوا يرفضون من قبل تسليمنا إياها"، كما استشهد بأحد تصريحات الرئيس الفرنسي عندما قال "أن الاستعمار جريمة ضد الإنسانية".

يأتي ذلك في الوقت الذي وعد فيه الرئيس ماكرون باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، رغم أنه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي تنتظرها الجزائر، مثلما تضمنه تقرير بنجامين ستورا، أبرز الخبراء الفرنسيين المتخصصين بتاريخ الجزائر الحديث، والمكلف بإعداد تقرير دقيق حول ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار والثورة الجزائرية.

وما زال هذا التقرير الذي قدمه ستورا إلى ماكرون في 20 جانفي الماضي، يثير الكثير من الجدل والانتقادات في فرنسا والجزائر على السواء، خاصة لعدم توصيته بضرورة اعتذار فرنسا عن الجرائم التي ارتكبتها على مدار 132 سنة من الاستعمار، وذلك تحت ضغط لوبيات في باريس مازال يراودها حنين "الجزائر فرنسية" وتضع متاريس أمام أي محاولة للتقارب بين البلدين، حيث وصل بها الأمر إلى تهديد المؤرخ ستورا لعدم الذهاب بعيدا في تقريره وكشف الحقائق كاملة.

وعلى الرغم من الخطوات المحتشمة للرئيس الفرنسي لتكريس المصالحة التاريخية بين البلدين، إلا أنها تعد مشجعة مقارنة بسابقيه، حيث لم يتردد أمس مثلا في الاعتراف "باسم فرنسا"، بأن المحامي والقيادي في الحركة الوطنية الجزائرية علي بومنجل قد "تعرّض للتعذيب والقتل" على أيدي الجيش الفرنسي خلال الثورة التحريرية. وقبل ذلك اعترافه منذ سنوات بمقتل المناضل موريس أودان رغم محاولات إخفاء الحقيقة من قبل جلادي فرنسا الاستعمارية. 

 


 

تتعلق بمشاركة عسكرية مزعومة للجزائر في الساحل ... السفارة الفرنسية تفنّد تصريحات "كاذبة"نسبت للرئيس ماكرون

نفت سفارة فرنسا بالجزائر، نفيا قاطعا تصريحات "كاذبة" نسبت للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تزعم أنه أكد مشاركة الجزائر في تدخل عسكري في إطار مجموعة الـ5 ساحل، مرحبا "بإعادة التزامها السياسي في هذه المنطقة".

وجاء في بيان للسفارة الفرنسية نشر أمس، أن "سفارة فرنسا تنفي نفيا قاطعا المعلومات الخاطئة المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، بخصوص تصريحات نسبت لرئيس الجمهورية الفرنسية"، موضحة بأن "الرئيس ماكرون لم يؤكد البتة خلال ندوة رؤساء الدول الأعضاء في مجموعة الـ5 ساحل، أن الجزائر التزمت بالمشاركة في تدخل عسكري في إطار هذه القوة". وذكرت السفارة أن رئيس الجمهورية الفرنسية "رحب بالالتزام السياسي للجزائر عقب انعقاد اجتماع متابعة اتفاق الجزائر بكيدال يوم 11 فيفري، وهو اجتماع شارك فيه جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية".

م . ب