"المعارف" في عددها التجريبي

شهادات ومرثيات في الراحل عيسى ميقاري

شهادات ومرثيات في الراحل عيسى ميقاري
غلاف المجلة
  • القراءات: 1053
مريم. ن مريم. ن

صدر العدد التجريبي الأول من مجلة "المعارف" الجزائرية، الذي خُصص للفقيد الراحل الأستاذ عيسى ميقاري؛ من خلال كتابات وشهادات بأقلام أصدقائه ومحبيه، إضافة إلى سيرة الفقيد، ومجموعة من شهادات عائلته، فكان العدد إكراما له، وتخليدا لمجهوداته؛ قدوة ومربيا وأحد أبناء الجزائر الطاهرة الذين تركوا بصمة فيها.

"المعارف" مجلة شهرية توزع بالمجان من أجل التثقيف العام في مختلف المجالات. وتَصدّر غلاف هذا العدد الراحل عيسى ميقاري بعنوان عريض "بكّرت مرتحلا... رفقاء المسيرة يشهدون". وكان من بين هؤلاء البروفيسور محند أو إيدير مشنان، والشيخ سعيد معول، وأحمد الشريف، ومحمد الوانوغي، وأحمد بوساق، وأمينة بن عبد ربه، وهارون بريك وغيرهم. وتضمنت الصفحة الداخلية الأولى مقتطفات ومختارات من أقوال الراحل، تعكس مدى إيمانه بالعمل والإيمان واليقين في الله. أما افتتاحية العدد فقد كتبها الدكتور مسعود يخلف رئيس الجمعية ومسؤول النشر، قدّم فيها الأهداف التي كانت وراء تأسيس الجمعية والمجلة، والتي هي، في أغلبها، ذات بعد حضاري وتربوي وتثقيفي بمعالم وطنية أصيلة، وبتراث جزائري زاخر. وأوضح الكاتب أن هيئة التحرير والأصدقاء فضلوا أن يكون العدد الأول مسخرا للراحل ميقاري، رحمة الله عليه، للتذكير بخصاله، والتعريف بمسيرته، علما أن المجلة استقبلت الكثير من المساهمات نظرا لكثرة أحباء الراحل؛ فالرجل لم يعش لنفسه وإلا مات ولم يسمع به أحد، بل عاش للإسلام، منافحا عن وسطيته واعتداله في زمن الغلو والتطرف، وعاش للغة العربية مناصرا لقضاياها في زمن التنكر للأصالة والهوية، وعاش للجزائر محبا وخدوما لأهلها، صابرا محتسبا.

ومن الشهادات المنشورة مقال بعنوان "شقيق الروح وصديق العمر.. عيسى مقاري.. كما عرفته" للدكتور إيدير مشنان، جاء فيها: "تعرفت على أخي الأستاذ عيسى مقاري، في مدرجات المعهد الوطني العالي لأصول الدين (كلية العلوم الإسلامية)، جامعة الجزائر، في بداية العشرية الأخيرة من القرن الماضي. وقد عاد إليه بعد أن التحق بجامعة الأمير عبد القادر في قسنطينة، وكان قد شد الرحال إليها لينهل من الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله تعالى وقدس سرّه. وقد أسفر اللقاء به عن شابٍ متوقد الذكاء، عالي الهمة، ظاهر الصلاح... وأول كتاب استعاره مني كان "إيقاظ الهمم في شرح الحكم"، وهو شرح الحكم العطائية لابن عجيبة رحمه الله، لتتوطد هذه العلاقة الأخوية عبر الأيام والسنين، ولم يحل بيننا إلا الموت، وهو القدر المحتوم... "وبعد التخرج جمعتنا تجربة جميلة في التعليم الثانوي؛ إذ كان للأستاذ عيسى بصمة متميزة، وقيمة مضافة؛ حيث ترك آثارا طيبة في محيطه التربوي بثانوية الحامية في القبة؛ إدارةً، وأساتذة وعمالا وتلامذة، فكان نعم المربي ونعم القدوة. وساهم في إعطاء صورة نيّرة وضّاءة إيجابية عن أستاذ العلوم الإسلامية في مرحلة التعليم الثانوي". ويضيف: "لما افتتحت "قناة القرآن الكريم" الجزائرية، أبلى فيها بلاء حسنا، فكان فارس ميدانها، ومُنَظّرَ برامجها، ومهندسَ محتوياتها، وراسم مسارها، ومعداً للعديد من برامجها، وتعلق قلبه بهذه القناة وتعلَّقت به، وأحبه كل من اتصل بها من الإداريين والصحافيين والعمال والمشاهدات والمشاهدين، مع حرصه كل الحرص على أن تحافظ على خطّها الافتتاحي الذي يطبعه الاعتدال والوسطية، وتعزيز القيم الدينية والوطنية".

أما الأستاذ أبو أنس إسماعيل دباح، فقد كتب "بكّرت مرتحلا"، ووصفه بالرجل الذي أثرى الإعلام الديني والدعوي بثروة سمعية بصرية ضخمة طيلة 20 سنة من العطاء والإبداع". ومن الشهادات المؤثرة تلك التي كانت بأقلام عائلته، خاصة من ابنه أحمد الطالب بالثانوية، الذي كتب بدموعه: "أبي العزيز وصديقي الوفي". وجاء فيها: "أبي أو سيدنا عيسى كما يناديه أصدقاؤه المقربون وأصبحت أناديه مؤخرا". ويضيف: "لم يكن أبي فقط، بل كان صديقي وحبيبي ومفرج همومي، ومصدر طاقتي الإيجابية، وقدوتي ومرشدي في الحياة. لم تكن حياتي مع أبي حياة أب وابن فقط، بل حياة صديقين تعاهدا على أن يبقيا صادقين مع بعضهما البعض، ومتّحدين لمواجهة تحديات الحياة في السراء والضراء". كما كتب شقيق الراحل، وهو الأستاذ العربي ميقاري، كلمة بعنوان: "رحل ولم يقل أحسن ما عنده"، جاء فيها: "الحديث عن أخي عيسى ميقاري هو حديث عن قصة نجاح وسط ظروف الفشل، وهو الحديث عن كيف تنبت النبتة المزهرة في الأرض السبخة". وتوالت العديد من الشهادات المطولة، وكذا كتابات عن مسيرة الراحل العلمية والمهنية والدعوية، وصوره منذ أن كان طفلا صغيرا. كما نُشرت بعض المرثيات عنه، منها "طوبى لروحك" للدكتور مصطفى بلقاسمي من جامعة تيزي وزو يقول مطلعها:

"ولقيت ربك راضيا ميقاري       

طوبى لروحك جنة الأنهار

يا ابن البهاء الموت حق إنما       

يدجى الوجود بغيبة الأقمار".

ونُشرت أيضا قصيدة للأستاذ عبد القادر زيداني بعنوان "خاطرة من وحي الصدمة"، تقول:

"بكلماتك تمنيت أن يكون رثائي       

يا راحلا وأنت باق في الأحياء

لكنني اليوم أرثيك بدمع العين        

وكل سلامة قدر وكل أجل بقضاء".

 

للتذكير، فإن جمعية المعارف الجزائرية هي جمعية وطنية ذات طابع ثقافي تربوي، تساهم في الحفاظ على قيم المجتمع الجزائري، وعلى أصالته بالتعريف بشهداء الجزائر وعلمائها عبر التاريخ، وإحياء تراثهم، ونشر القيم النوفمبرية في أبعادها الإنسانية. كما تسعى إلى التعريف بالمعالم الأثرية والثقافية والعلمية والدينية للجزائر. وترمي إلى تعميم فكر الوسطية والاعتدال في المجتمع بالتنسيق مع الجهات المختصة لتحصين شبابنا من الآفات والأمراض، وتفعيل دوره في المجتمع، وتنمية روح الإبداع عنده، ودعمه علميا وثقافيا. كما تساعد في نشر ثقافة الإرشاد، والتوجيه الأسري، والتعريف بالقضايا الإنسانية العادلة في العالم.