التفجيرات النووية في الجزائر بمفهوم القانون الدولي الإنساني

إبادة جماعية تجرّم فرنسا وتحمّلها مسؤولية التعويضات

إبادة جماعية تجرّم فرنسا وتحمّلها مسؤولية التعويضات
  • القراءات: 856
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

أكد الدكتور حسين فوزاري الأستاذ بجامعة تيبازة، في محاضرة نشطها، أمس، بمعهد الدراسات الاستراتيجية الشاملة تحت عنوان "التفجيرات النووية الفرنسية في الجنوب الجزائري، قراءة من زاوية القانون الدولي"، أنها جرائم "إبادة جماعية".

وقال فوزاري في محاضرته بمناسبة مرور 61 عاما على تلك التجارب بالصحراء الجزائرية يوم 13 فيفري 1960، التي حضرها مختصون في القانون الدولي والنووي والبحث في المسائل التاريخية، بوجود قرائن وشواهد تاريخية مادية تدين فرنسا الاستعمارية، جراء "الإبادة الجماعية" التي خلفتها تجاربها 17 التي اقترفتها في حق الشعب الجزائري. ووصف الأستاذ المحاضر تلك التجارب بمثابة "انتهاك للاتفاقيات الدولية ومواثيق الحقوق الإنسانية والفردية، ما يترتب عنها مسؤولية الدولة الفرنسية، المطالبة اليوم بتعويض مادي ومعنوي لضحايا هذه الكارثة التي مازالت تبعاتها قائمة  إلى  حد الآن". وفي سرده لجملة القرائن المادية التي تدين لفرنسا، أوضح الدكتور فوزاري أن "التجارب النووية خلفت نتائج وخيمة على شتى مناحي الحياة، الصحية والبيئية والاقتصادية والنفسية"، بعدما عملت  فرنسا الاستعمارية على تغليب رغبتها في أن تصبح قوة نووية خدمة لمصالحها العليا على حساب أبناء الشعب الجزائري الذين يتجرعون إلى حد الآن ويلات تلك التجارب.

وأضاف أن السلطات الفرنسية كانت تدرك مدى خطورة هذه التجارب والنتائج الوخيمة المترتبة عنها، ما جعلها تنفذها في مستعمراتها بعيدا عن الأراضي الفرنسية وكانت توهم الرأي العام العالمي آنذاك  أنها تجارب نظيفة وخاصة قنابلها التي فجرتها في الصحراء الجزائرية الخالية من السكان وبعيدة عن الوسط الحيواني والنباتي، مستعملة في ذلك مصطلح "تجارب نووية" وليس "تفجيرات نووية" لتضليل الرأي العام الدولي. ودحض المحاضر في التبريرات الفرنسية بدليل أن تلك التفجيرات خلفت مقتل أكثر من 40 ألف مواطن، دون الحديث عن التأثيرات السلبية على صحة السكان والزراعة والتغذية والديموغرافيا والتي مازال خطرها قائما إلى حد الآن يتهدد صحة الأجيال القادمة ويهدّد السلامة البيئية.

وكان النقاش الذي تلى المحاضرة ثريا، حيث مسّت تدخلات الحاضرين  عدة نقاط مفصلية، التقت جميعها في التأكيد على  أن الثورة الجزائرية لم تنته بعد، ويتعين إحقاق الحق تجاه هذه الجرائم وحتى لا تبقى هذه الذكرى المأساوية في تاريخ الجزائر مجرد استحضار للمواجع، وبكاء على الأطلال وتكرار في كل سنة، نفس الأقوال دون الأعمال. وهو ما جمع المشاركين يؤكدون على ضرورة توفر إرادة سياسية حقيقة تسمح بتشكيل فريق عمل، مهمته تنسيق العمل  بين مختلف الهيئات الرسمية والمجتمع المدني مع إقحام كل الوزرات المعنية من وزارة الصحة والبيئة والفلاحة والموارد المائية وغيرها لإعداد تقارير علمية عن الآثار الوخيمة للإشعاعات النووية والمخلفات التي تهدد حياة المواطنين، يتم بعدها إعداد ملف متكامل يحمل كل القرائن عن هذه الجرائم، وإيداعه أمام محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات، لاسيما أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم.

وفي هذا السياق ذكر البروفيسور بن يوسف تلمساني رئيس المجلس العلمي للمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر أن هناك جهودا قامت بها عدة هيئات يجب فقط استغلالها وتفعيلها ومنها الدراسة التي قامت بها وزارة المجاهدين والتي طالبت من خلالها الحكومة بإقحام كل الوزارات المعنية بآثار التفجيرات النووية للقيام بواجبها من حيث إعداد دراسات وبحوث في مختلف المجالات لدعم ملف المطالبة بالتعويض.

واستغرب أحد المتدخلين أن نبقى نطارد خيط الدخان، من خلال مطالبتنا المتكررة لفرنسا، الاعتراف بجرائمها، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطلب نحن الضحايا من الجلاد أن يعترف بجرائمه، وأن تعويض الضحايا اليوم لم يعد مرهونا باعتذار فرنسا عن كل جرائمها بقدر ما هو إرادة سياسية تأخذ على عاتقها إعداد ملف كامل ومتكامل يحمل كل القرائن المادية والمعنوية والقانونية يوضع على طاولة الأمم المتحدة والهيئات الدولية لافتكاك هذا الحق، وعدم الاكتفاء بالتنديد والاستذكار المناسباتي لجرائم ضد الإنسانية.