رحيل ”خادمة القرآن” مريم إبراهيم إنياس

تربع على مقام المشيخة والفتوى

تربع على مقام المشيخة والفتوى
  • القراءات: 580
مريم . ن مريم . ن

كتب الدكتور بوزيد بومدين، مؤخرا، ناعيا رحيل خادمة القرآن، العارفة بالله السيدة مريم بنت الشيخ إبراهيم انياس، الأسبوع الماضي، بعدما وهبت حياتها لخدمة كتاب الله والمعرفة، وكانت مدرستها ”دار القرآن” بداكار، تتسع لأكثر من ألف وستمائة طالب.

قال الدكتور ”حين تابعت نعيها، تذكرت كتابا ترجم صاحبه لأكثر من مئة امرأة تجانية، منهن من تمشيخت في العلم والطريقة ولقنت الأوراد والذكر، وعلاقة التصوف بالمرأة في التاريخ الثقافي الديني يرتبط برمزيات، مثل رابعة العدوية ولالة زينب (زاوية الهامل)، وتلك النسوة اللواتي بسطن أيديهن لعمل المعروف والخير، فشيدن المساجد والمدارس العلمية، مثل القيروانية (جامع القرويين)، وكم من قرية أو مدينة تنسب للقب تعبدي زهدي اجتماعي (لالة فلانة)، ومنهن من نسبت لها الأرجوزات العلمية لأنهن طلبن ذلك من فقائهن كـ"خيرونة الفقيهة الأندلسية”، التي بفضلها ألف أبو عمر السلالجي الفاسي (ت 574ه)، كتابا في العقيدة، أصبح مرجعا للمغاربة ”العقيدة البرهانية والفصول الإيمانية”.

ربط الدكتور بوزيد بومدين انتقال السيدة مريم إلى رحمة الله بباوريلي بيكارد الفرنسية، زوجة أحمد عمار التجاني التي أصبح اسمها ”لالة يامينة”، وشيدت في نواحي عين ماضي (قصر كوردان) المهمل الآن، والذي لم نستثمره سياحيا، ولم تبذل وزارة الثقافة منذ الاستقلال جهدا في ترميمه والاهتمام به، بحجة أنه خاص بالعائلة التجانية والورثة.

كما اعتبر الكاتب وفاة خادمة القرآن حزنا، لأننا ضيعنا بوصلتنا الإفريقية، وأتلفنا الطريق الروحي الآمن نحو إخواننا في السنغال والساحل الإفريقي، مؤكدا ”أصابنا التيهان والضياع في إعادة إلينا، من كانوا يحجون لعين ماضي وتوات وسيدي عقبة والثعالبي والعلوي بمستغانم والتواتي ببجاية، تلكم معالم ونجوم كنا نهتدي بها حين تغرق سواحلنا بجحافل الناهبين والغاصبين”.

أضاف الكاتب أن الجنوب كان ”دوما خيرنا وأمننا عزنا وخريفنا، منه نستمد القوة لتحرير سواحلنا برباطات جهادية، يشارك فيها القادمون من الصحراء، الملثمون في تأسيس دولة المرابطين، والشيخ عبد القادر بوسماحة في وهران والتواتي في بجاية”.

للإشارة، كانت هذه الولية الصالحة تعبيرا عن تكسير احتكار الرجل لمقام العرفان والمشيخة والفتوى، إنها نموذج التحرير الإنساني في السنيغال وإفريقيا، وقد أدرك ذلك بعض الهيئات الأوربية والأمريكية في تكريمها، لأنهم ينظرون إلى رمزية العمل العلمي والديني والاجتماعي، دون عقدة تجاه الدين والإسلام والعرق والجهة.