في الذكرى الأربعين لرحيل أب المخابرات الجزائرية

عبقري الاستعلامات وملهم الإطارات

عبقري الاستعلامات وملهم الإطارات
  • القراءات: 406
وا وا

يظل العقيد عبد الحفيظ بوالصوف المعروف باسمه الثوري “سي مبروك”، قائد الولاية التاريخية الخامسة، عبقري الاستعلامات العسكرية والخادم المتواضع المخلص لثورة التحرير الذي أثّر في أجيال من مناضلي القضية الوطنية وقادة الجزائر المستقلة.

فبعد أربعين سنة منذ وفاته في 31 ديسمبر 1980، بقي “سي مبروك” الزعيم التاريخي الذي خطط وأنشأ مصالح الاتصالات والاستعلامات خلال حرب التحرير، يحظى باحترام قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة “مالغ”، وكل الشعب الجزائري الذي يعتبره مدرسة الوطنية.

فقد كانت مساهمته كبيرة في الثورة، ووضع أسس الدولة الوطنية من خلال إطارات تلقوا تكوينهم في مدارس وزارة التسليح والاتصالات العامة في عز حرب التحرير الوطني.

وتناول دحو ولد قابلية، أحد قدماء وزارة التسليح والاتصالات العامة في كتابه الصادر شهر أكتوبر الماضي، “بوالصوف والمالغ الوجه الخفي للثورة”، مناقب هذا القائد التاريخي ومهاراته التنظيمية، مؤكدا أن “نجاح بوالصوف الذي كان تكوينه الأصلي في النضال النشيط، راجع إلى تعطشه للمعرفة وشغفه بالعمل”، وأنه “كان دائمًا في خدمة الثورة”.

وأضاف أن بوالوصوف، ومن خلال براعته في التحكيم لتسوية الخلافات، ساهم بشكل “قوي” في توحيد الطاقات وتوجيهها نحو الغاية الأسمى للثورة: الاستقلال وبناء الدولة الجزائرية.

وخصص ولد قابلية، كتابه لتاريخ مصالح الاتصالات والاستعلامات، التي تعود نشأتها إلى عام 1956، في شرق المغرب، حيث كان ميلاد أول جهاز استخبارات لجيش التحرير الوطني، قبل أن يتم تغيير تسميته في ديسمبر 1959، إلى وزارة التسليح والاتصالات العامة في ظل الحكومة المؤقتة الثانية للجمهورية الجزائرية.

ويعد تأسيس سي مبروك، لسلك الاتصالات عام 1956 “في حد ذاته حدثا بالغ الأهمية كونه أحدث ثورة  داخل الثورة”، كما أكد على ذلك ولد قابلية، الذي كان أمينًا عامًا لمديرية التوثيق والبحث بوزارة التسليح والاتصالات العامة.

وقال إن قناعة العقيد بوالصوف، كانت حازمة على أنه لا يمكن شن حرب وكسبها ضد أي عدو دون دعم لوجيستي ودون جهاز للاستعلامات والاتصالات.

وهو ما جعله يؤكد على أن نجاح بوالصوف، في إنشاء شبكة اتصالات داخل الولاية الخامسة في مرحلة أولى قبل تعميمها عبر جميع الولايات التاريخية وفي الخارج، تحقق بفضل “طبعه المتميز بروح العمل والسرية”، حيث تبنّى داخل المنظمة الخاصة “صرامة حادة في عمله التحسيسي والتعبوي والتكويني”.

وتطرق وزير الداخلية الأسبق، في كتابه إلى المناقب الإنسانية للقائد التاريخي للولاية الخامسة، ومسؤول إحدى أهم وزارات الحكومة المؤقتة، حيث أكد ءنه “كان طيب المعاشرة يتحدث معنا ببساطة وفي كل الأمور ضمن طريقة في التعامل سمتها التواضع.

وكان الراحل عبد الرحمان بروان، المسؤول السابق لمديرية اليقظة ومكافحة التجسس بوزارة التسليح والاتصالات العامة، قد شهد أن مهندس المصالح الخاصة لجيش التحرير الوطني لم يكن يوما في خلاف مع باقي قادة أو أعضاء الحكومة المؤقتة.

وأكد في مذكراته الصادرة سنة 2015 أن “سي مبروك كانت له علاقات ممتازة مع جميع أعضاء الحكومة المؤقتة، الذين كانوا يكنّون له الإعجاب لاسيما بن طوبال وكريم بلقاسم.

كما كانت شخصية الأب المؤسس لمصالح الاستعلام الجزائرية موضع إعجاب وتقدير صحفيين أجانب، حيث وصفته الصحفية الأمريكية مارفين هووي، التي كان له لقاء معها في المغرب أثناء الثورة التحريرية بالقائد “المتحفّظ والحذر”، بينما تحدث جوزيف كرافت، الصحفي بجريدة “نيو يورك تايمز” عن “رجل ذي حس قوي في الملاحظة و الاستباق”.

أما الصحفي الفرنسي إيف كوريير، مؤلف العديد من الكتب حول تاريخ حرب الجزائر فيرى أن بوالصوف، جعل  ولايته أداة عالية الدقة انطلاقا من قناعته بأن النضال من أجل التحرير لا يمكنه أن يكون محض صدفة. “فقد مكّنه الأداء المتميز لمصلحة

الاستعلامات والاتصال، من أن يصبح أقوى رجل في جيش التحرير الوطني”.

وولد عبد الحفيظ بوالصوف في 17 أوت 1926 بميلة، حيث نشأ وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي قبل انتقاله سنة 1943 إلى قسنطينة ليلتحق برفيقه في الكشافة عبد الله بن طوبال، الذي كان له الفضل في انخراطه في حزب الشعب الجزائري، حيث تلقى أول تكوينه السياسي إلى جانب ثلّة من قادة الثورة التاريخيين منهم محمد بوضياف والعربي بن مهيدي ورابح بيطاط.