ذكرى الشهيد قرين ومقاومة وادي ريغ

تاريخ يأبى النسيان

تاريخ يأبى النسيان
الشهيد قرين
  • القراءات: 933
مريم. ن مريم. ن

أحيا متحف المجاهد بالعاصمة، مؤخرا، الذكرى الـ66 لاستشهاد البطل بلقاسم قرين، وكذا الذكرى الـ166 لانتفاضة وادي ريغ، وكانت المناسبتان فرصة لعرض مدى تواصل الأجيال في الجزائر لمتابعة مسيرة الكفاح والتحرر، رغم الثمن الباهض الذي يجب أن يعيه جيل اليوم.

بالنسبة للشهيد قرين، فقد سقط في ميدان الشرف في 29 نوفمبر 1954، حيث قدم حياته لاستقلال الجزائر. كان بلقاسم قرين المولود عام 1924 بمنطقة خنشلة في الأوراس، بطلا ومن مجاهدي الرعيل الأول، وعرف في صغره بطبعه المتمرد والثائر على الوضع الاستعماري، وسرعان ما قرر مقاومة المستعمر بالسلاح بعد مجازر ”8 ماي 1945”، وشكل الشهيد مجموعة مسلحة في مارس 1952، واتخذ من جبال الأوراس قاعدة لهجماته على قوات الاحتلال، حيث حاولت السلطات الفرنسية والإعلام الاستعماري تشويه مقاومته بوصفه وجماعته، بـقطاع الطرق والخارجين عن القانون، ووضعت مكافأة تقدر بـ100 مليون فرنك فرنسي قديم على رأسه، حيا أو ميتا.

بعد اندلاع الثورة، لم يتردد قرين بلقاسم في الالتحاق بالمجاهدين في منطقة الأوراس، وقد قام بعدة عمليات مسلحة ضد مواقع جيش الاحتلال، ومصالح المستوطنين الفرنسيين، بتكليف من قيادة المنطقة الأولى. سقط قرين بلقاسم في ميدان الشرف يوم 29 نوفمبر 1954، على إثر هجوم شنته فرق المظليين الفرنسية، المدعمة بالطائرات والمروحيات، على معاقل المجموعة التي كان يقودها في جبال شلية بالأوراس، وجاء هذا الهجوم في إطار عمليات عسكرية للجيش الفرنسي في الأوراس، دامت من 17 إلى 30 نوفمبر 1954، وشارك فيها أكثر من 5000 عسكري فرنسي.

كما أن 29 نوفمبر 1854-2020، يمثل الذكرى الـ166 لاندلاع مقاومة أهل وادي ريغ بالمقارين في تقرت، ولاية ورقلة، حينها أمر الكولونيل ديفو قائد الناحية العسكرية بباتنة، جنوده للسير نحو الجنوب الشرقي بقيادة القائد مارسي، وفي تاريخ 22 نوفمبر من نفس السنة، خيم بجيشه قرب المغير، وبعد يومين من السير، أي في 24 نوفمبر، وصل إلى وغلانة، وفي 25 نوفمبر وصل سيدي راشد، فكانوا في كل قصر يمرون به لا يجدون به سوى النساء والأطفال والعجزة، لأن رجالهم مع المقاومة بتقرت، وبعد وصول الجيش الفرنسي، نصب خيامه قرب المقارين، كما تشكل الجيش المحلي من رجال وادي ريغ من المغير إلى تقرت، وتم تنظيم الصفوف وكانت المواجهة العسكرية، رغم قلة العتاد والعدة، ورغم تقدم القوات الفرنسية، لكن مشوار الجهاد لم يتوقف وامتد إلى أماكن أخرى من المنطقة.

منطقة وادي ريغ، كانت في نظر السلطات الفرنسية تمثل مكانة استراتيجية معتبرة، فإخضاعها كان انتصارا مهما على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية، غير أن ردود الفعل الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، تركت بصمة إيجابية عند سكان الجنوب وفي نفوس الأهالي، رغم استسلام أهالي المنطقة للسلطة الاستعمارية، إلا أنهم تمكنوا من ضرب فرنسا، وسمحت لهم بإظهار إمكانياتهم الحربية وحبهم للحرية واستبسالهم في ساحة المعركة، وأحسن دليل على ذلك، سقوط ما يزيد عن 500 شهيد في معركة المقارين التي حدثت سنة 1854، كما تأكد أن سياسة القادة العسكريين الفرنسيين الذين قادوا الحملة ضد منطقة وادي ريغ، لا تختلف عن السياسات التي اشتهر بها من سبقوهم في التوسع الفرنسي شمال البلاد، مثل بيجو وكلوزال وراندون، وغيرهم من الذين كانوا ينشرون في كل مكان يمرون به، الدمار والخراب، في كل مواجهة بينهم وبين السكان في ساحة المعركة، خصوصا إذا انتهت المعركة لصالح الأهالي.