ترامب يزرع الشك ويهدّد كل من "يسرق فوزه"

حالة ترقّب لمعرفة اسم الرئيس الأمريكي القادم

حالة ترقّب لمعرفة اسم الرئيس الأمريكي القادم
  • القراءات: 675
م. مرشدي م. مرشدي

شدّ الأمريكيون أنفاسهم طيلة نهار أمس ليس فقط لمعرفة من سيكون رئيسهم السادس والأربعين ولكن خوفا من احتمال انزلاق الأوضاع باتجاه فتنة سياسية ومجتمعية على خلفية سجال حول نتيجة هذه الانتخابات التي استقطبت الاهتمام في كل العالم.

وتؤكد كل المؤشرات أن حالة الترقب ستطول لمعرفة  من المرشحين سيعتلي كرسي البيت الأبيض ضمن أطول مدة "سيسبانس" تعرفها الانتخابات الأمريكية التي عادة ما كانت تعرف نتائجها في اليوم الموالي لإجرائها. وكلما تم الإعلان عن نتيجة فرز أصوات ولاية من الولايات والكفة التي مالت إليها أو عدد الناخبين الكبار الذين حصل على أصواتهم هذا المرشح أو ذاك إلا وزادت معها درجة الضغط لدى  المتنافسين وسط تصريحات لكل جهة بأن مرشحها سيكون هو الفائز. وكان تصريح الرئيس الأمريكي فجر أمس والذي أدلى به قبل انتهاء عمليات الفرز، في تعارض مع التشريعات الأمريكية بأنه الفائز وتهديده بقلب الطاولة على كل من يحاول "سرقة فوزنا" بمثابة صبّ للزيت على مشهد أمريكي ساده الحذر الشديد وشحناء متأججة بين أنصار المرشحين. ولم يكتف الرئيس المترشح وراح  مباشرة بعد ذلك يتهم بوجود حالات تزوير في هذه الانتخابات، في سابقة أيضا لم تعرفها انتخابات إحدى أعتى الديمقراطيات في العالم حيث لم يسبق لأي رئيس سبقه أن استعمل عبارة "تزوير" كون ذلك سيكون بمثابة نقطة "سوداء" ستلطخ مصداقية ونزاهة المواعيد الانتخابية الأمريكية القادمة.

وعكس مثل هذا التصريح "الاستفزازي" درجة تمسك ترامب بالبقاء في البيت الأبيض وأن استعماله لتلك العبارة "النشاز" في قاموس الديمقراطية الأمريكية إلى حد إثارة استغراب حتى أقرب المقربين منه وتهديده باللجوء إلى المحكمة الفيدرالية ضد من يريد الحيلولة دو تحقيق حلمه، إنما أراد من خلاله التأثير على عمليات الفرز النهائية والتي أكدت كل التقارير أنها في غير صالحه بل إن المرشح الديمقراطي نافسه في نتائج ولايات محسوبة على الحزب الجمهوري وتوصف بالولايات "المفتاح" سواء من حيث وعائها الانتخابي الكبير  أو عدد ناخبيها الكبار.ومهما يكن فإن هذه التهديدات وتكفل العدالة بإعلان النتيجة النهائية فإن معرفة نتيجة هذه الانتخابات ستتأخر لأيام  أو لأسابيع إضافية بكيفية تزيد في حالة الاحتقان وتفتح الباب أمام سيل الاتهامات بين نقيضي معادلة السياسة الأمريكية وتعمّق الهوة بين أنصار الحزبين التي قد تتحول إلى شرخ داخلي بين فئات وشرائح المجتمع الأمريكي برمته.

وبدا مثل هذا الاحتمال يترسخ في الواقع الأمريكي منذ أن طعن الرئيس ترامب في مشروعية التصويت عبر البريد التي تم إقرارها بسبب جائحة كورونا  وراح يكرر في كل مرة أنه لن يعترف بنتائج فرزها  لقناعة مسبقة بأن الناخبين الذين اختاروا هذه الطريقة غالبيتهم العظمى من أنصار المرشح الديمقراطي، جو بايدن وضمن موقف أعابه عليه حتى أنصاره الذين رأوا فيه طعنا في النظام الانتخابي الأمريكي برمته. يذكر أن ملايين الأصوات التي تمت بهذه الطريقة مازالت لم تفرز إلى حد الآن وإذا سلمنا  بأنها لأنصار المرشح الديمقراطي فإن حلم ترامب في البقاء رئيسا للولايات المتحدة قد تبخر. 

ومهما يكن فبدخول المحكمة العليا لحسم السجال الانتخابي فإن الأمريكيين سوف لن يعرفوا رئيسهم  كما تعوّدوا على ذلك مباشرة بعد غلق مكاتب التصويت منذ انتخابات سنة 2000 عندما وقع جدل حول أصوات ولاية فلوريدا التي مكنت في النهاية الرئيس جورج بوش الابن من الفوز بعهدة ثانية بدلا عن المرشح الديمقراطي  آل غور وبفارق لم يتعد آلاف الأصوات، ولكن المرشح الديمقراطي حينها أقر بهزيمته وهنأ منافسه ولو على مضض، حفاظا على أسس وأصول الديمقراطية الأمريكية.

وبغض النظر عن النتيجة النهائية لهذه الانتخابات الاستثنائية فإن الرئيس المرشح دونالد ترامب تحوّل إلى ظاهرة في السياسة الأمريكية بقلبه للمعادلة الانتخابية وفرضه حالة ترقب رغم نتائج سبر الآراء التي جعلته خاسرا وبفارق كبير ولكنه استطاع أن يخلط حسابات كل المتتبعين لهذا الحدث العالمي، بفضل طريقته الفريدة في إدارة حملته الانتخابية التي زادت في شغف الناخبين الأمريكيين ودفعتهم إلى تسجيل مشاركة قياسية فاقت 160 مليون ناخب من إجمالي 230 مليون ناخب وبنسبة مشاركة فاقت 66٪ التي لم يسبق تسجيلها في تاريخ الانتخابات الأمريكية.