مقتل أربعة أشخاص في هجوم مسلح بقلب فيينا
تداعيات تصريحات ماكرون المعادية للإسلام تصل النمسا

- 693

توسعت حالة الاحتقان التي تشهدها فرنسا جراء التصريحات العدائية التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا وخدش فيها مشاعر المسلمين إلى خارج حدود هذا البلد، لتصل تداعياتها الخطيرة إلى العاصمة النمساوية فيينا التي اهتزت على وقع هجوم صنف ضمن خانة "الهجمات الإرهابية" التي لها علاقة بتنظيم الدولة "داعش".
ولقي ما لا يقل عن أربعة أشخاص مصرعهم من بينهم رجلان وامرأتان إضافة إلى 15 جريحا سبعة منهم وصفت حالتهم بـ "الخطيرة"، في هجوم مسلح استهدف، ساعات قبل دخول العاصمة النمساوية إجراءات الحجر الصحي، مارة في الشارع بالقرب من أحد أهم المعابد اليهودية ومبنى الأوبرا بقلب فيينا. وقضت الشرطة النمساوية على المسلح الرئيسي في الهجوم الذي كان يحمل بندقية وحزاما ناسفا وهميا، قالت فيما بعد أنه من "المتعاطفين" مع تنظيم الدولة "داعش" وفقا للأدلة التي جمعتها بعد تفتيش منزله وبأنه ينحدر من مقدونيا الشمالية. وواصلت مصالح الأمن النمساوية تحقيقاتها أمس لمعرفة ما إذا كان منفذ الهجوم وحده أو وجود مشتبه فيهم آخرين شاركوا في الهجوم، خاصة وأن شهود عيان أكدوا أن أحد المسلحين كان يحمل سلاحا أوتوماتيكيا وأن عدد الطلقات النارية التي كانت تتهاطل من كل اتجاه قاربت 50 طلقة.
وأطلقت الشرطة النمساوية التي اعترفت أمس بعدم إمكانية تحديد ما إذا كان الهجوم قد نفذ من قبل شخص واحد أو عدة مسلحين، حملة مطاردة ليلة الاثنين الى الثلاثاء للبحث عن مشتبه فيهم محتملين، في حين واصلت أمس تطويق المدينة ونفذت 15 عملية ما بين تفتيش واعتقال. ودعا وزير الداخلية النمساوي السكان للبقاء في منازلهم وقال "ابقوا في منازلكم وإذا كنتم خارجها فابقوا بعيدين عن الأماكن العمومية ولا تستعملوا وسائل النقل". وأدان المستشار النمساوي سيباستيان كورتس ما سماه بـ "الهجوم الإرهابي المثير للاشمئزاز"، مشدّدا على أن القوات المسلحة لبلاده ستتولى حماية الممتلكات في فيينا حتى تتفرغ الشرطة لمكافحة الإرهاب. وقال "لن يخيفنا الإرهاب أبدا وسنكافح هذه الهجمات بكل إمكانياتنا". ولجأت السلطات النمساوية إلى تجنيد قوات الجيش لدعم عناصر الشرطة في حماية المباني الرئيسية في العاصمة فيينا في حين تم إغلاق المدارس ليوم أمس.
وأثار الهجوم الدامي حالة من الذعر بين سكان العاصمة فيينا المعروف عنها ضعف نسب الجريمة فيها، وهو الذي جاء بعد هجمات مماثلة استهدفت في الفترة الأخيرة فرنسا فجرتها تصريحات الرئيس الفرنسي الذي دافع عن الرسومات المسيئة للرسول الكريم وخاتم الأنباء بحجة حرية التعبير غير آبه بمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم في العالم. وكانت تصريحاته الاستفزازية كافية لإثارة موجة غضب عارمة في عدة دول إسلامية وأكثر من ذلك شكلت شرارة لعودة التهديد الإرهابي بقوة إلى فرنسا خصوصا والقارة العجوز عموما. وعزز الهجوم المخاوف من احتمال توسع دائرة العداء والانتقام لكل أنحاء أوروبا التي تعيش في الفترة الأخيرة على وقع أجواء أقل ما يقال عنها إنها مشحونة، امتزجت فيها مخلفات أزمة جائحة كورونا من إغلاق وحجر صحي أصبح يحد من حرية تنقل الأوروبيين مع عودة مظاهر العنصرية والعداء ضد مسلمي القارة. وانتقل الرئيس الفرنسي إلى مقر سفارة النمسا بالعاصمة باريس للتعبير عن تضامنه ودعمه اللامشروط للشعب النمساوي، داعيا إلى "رد أوروبي" ضد من وصفهم بـ "الأعداء الذين يهاجمون أوروبا". وقال "سنفعل كل ما في وسعنا، كأوروبيين، للوقوف معا ومحاربة آفة الإرهاب هذه، والمضي قدما ومعا دون التخلي عن أي من قيمنا".
ونفس الدعوة وجهها رئيس الدبلوماسية الايطالية لوجي دي مايو الذي اقترح أمس سن "قانون مواطنة" أوروبي على شكيلة قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي. وتوالت الإدانات الدولية المستنكرة للهجوم من الولايات المتحدة الأمريكية التي سارع المتنافسان على مقعد البيت الأبيض، دونالد ترامب وجو بادين على تأكيد وقوف الولايات المتحدة إلى جانب النمسا وفرنسا وسائر أوروبا في الحرب ضد الإرهاب. كما أدانت كل من ألمانيا وبريطانيا وتركيا والأمين العام الأممي انطونيو غوتيريس ومسؤولو الاتحاد الأوروبي هجوم فيينا وأعربوا عن تضامنهم مع النمسا وقدموا تعازيهم لعائلات الضحايا.