التعديل استجابة لمطالب الحراك الأصيل.. جراد:

الرئيس تعهّد بدستور ينهي الانفراد بالسلطة ويعيدها للشعب

الرئيس تعهّد بدستور ينهي الانفراد بالسلطة ويعيدها للشعب
الوزير الأول عبد العزيز جراد
  • القراءات: 882
 م . ب م . ب

❊ تصالح الجزائر مع ذاتها وتاريخها وطموحات أبنائها وبناتها

❊ إعادة بلدنا إلى السكة الصحيحة بعد انحرافات السنوات الأخيرة

شدّد الوزير الأول عبد العزيز جراد على أن مشروع تعديل الدستور الذي سيعرض للاستفتاء في الفاتح نوفمبر القادم يعبر عن "تصالح الجزائر مع ذاتها وتاريخها وإعادة البلاد إلى المسار الصحيح، عقب ما عرفته من انحرافات خلال السنوات الأخيرة". وأكد السيد جراد في تدخل له في بث مشترك للتلفزيون الجزائري وأمواج الإذاعة الوطنية، في إطار الحملة الانتخابية للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور أن "مشروع تعديل الدستور هذا، هو تصالح الجزائر مع ذاتها وتاريخها، وطموحات أبنائها وبناتها"، مشيرا إلى أن المشروع يمثل أيضا "إعادة بلدنا إلى السكة الصحيحة، بعد الانحرافات التي عرفها خلال السنوات الأخيرة، وكادت أن تعصف بلحمة الوطن وتماسك الدولة ومؤسساتها".

من هذا المنطلق، يقول الوزير الأول، "أصبح اللجوء اليوم إلى الشعب لاستفتائه حول مشروع تعديل الدستور يمثل "استجابة للمطالب المعبر عنها بقوة من قبل الحراك الشعبي الأصيل لتفعيل المادتين 7 و8 منه، المكرستين للشعب كمصدر للسلطة، وصاحب السيادة الوطنية"، مذكرا بالمناسبة، بأن هذا الاستفتاء هو "إحدى الأدوات الديمقراطية التي يعبر من خلالها المواطنون بكل حرية عن إرادتهم.. حيث يشكل، مع حق الانتخاب، وسيلة لممارسة السيادة الشعبية".

..وسيلة لتحقيق طموحات للشعب

وحرص الوزير الأول على التوضيح بأن التعديل الدستوري المقرر في الفاتح نوفمبر المقبل "لا يعد غاية في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الأهداف الطموحة والمشروعة للشعب الجزائري"، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه "لا يمكن بلوغ هذه الأهداف إلا من خلال جملة من الخطوات، ومنها تدعيم النظام الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة والفصل الفعلي بين السلطات وتوازنها".

ولفت السيد جراد إلى أن تجسيد هذا المسعى، لا يمكن إلا من خلال "إضفاء المزيد من الانسجام على عمل السلطة التنفيذية وإعادة الاعتبار للبرلمان، خاصة في وظيفته الرقابية لنشاط الحكومة وتعزيز سلطة المنتخبين، لاسيما المعارضة البرلمانية، فضلا عن مراجعة الأحكام الدستورية التي تحد من تولي بعض المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية بغرض تمكين الجالية الوطنية المقيمة في الخارج من أن تستعيد كامل مواطنتها لتستفيد من نفس الحقوق، وتخضع لنفس الواجبات على قدم المساواة مع المواطنين المقيمين على أرض الوطن".

كما يقترن تجسيد المسعى ذاته، حسب الوزير الأول بـ"إعطاء سند دستوري للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، المنبثقة حصريا عن المجتمع المدني، حتى تتمكن من أداء دورها باستقلالية في تحضير وتنظيم وتسيير الانتخابات وعمليات الاستفتاء"، وكذا تحسين ضمانات استقلالية القضاء، وإعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية والاستشارية.

..توسيع مجالات الحرية وتدعيم الحقوق الدستورية

أما الخطوة الثانية في سبيل تحقيق المطالب الشعبية فتتلخص، برأي السيد جراد، في "توسيع و إثراء مجالات حرية المواطن، من خلال تكريس حريات فردية وجماعية جديدة وتدعيم الحقوق الدستورية بإعطاء مضمون ومعنى حقيقي للحريات المكرسة، خاصة حرية التظاهر السلمي وإنشاء الجمعيات وحرية الصحافة..."، مضيفا في نفس السياق بأن تجسيد هذه المطالب، يمر أيضا "عبر محاربة ظاهرة الفساد، من خلال تعزيز آليات الوقاية منه ومكافحته ووضعِ آليات تكون كفيلة بمنع تضارب المصالح بين ممارسة المسؤوليات العمومية وتسيير الأعمال، من أجل إبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة واجتناب استغلال النفوذ".

وفي حين أكد الوزير الأولى على "إعادة الاعتبار لمؤسسات الرقابة وتقويتها، بما يضفي الفعالية على نشاطها ويساعدها على حماية الممتلكات والأموال العامة"، ذكر خلال تدخله بأن التعديل الدستوري المرتقب، كان على رأس أولويات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون لدى مباشرته لعهدته، وذلك باعتبار هذا المشروع "حجر الزاوية في تشييد الجمهورية الجديدة التي تصبو إلى تحقيق مطالب الشعب التي عبر عنها حراكه الأصيل".

وقال الوزير الأول في هذا الخصوص إنه "لكون هذه المطالب لا يمكن تحقيقها إلا بمراجعة دستورية معمّقة تؤدي إلى تجديد أنماط الحوكمة على كافة مستويات المسؤولية، لاسيما على مستوى المؤسسات العليا للجمهورية، فقد تعهد رئيس الجمهورية بوضوح بأن يضع دستورا جديدا يصون البلاد من كل أشكال الانفراد بالسلطة ويضمن الفصل بين السلطات وتوازنها ويدعم أخلقة الحياة العامة ويحفظ حقوق وحريات المواطن".

وفي شرحه لأهم المقومات التي تم الاعتماد عليها في إعداد مقترحات التعديل الدستوري، أشار السيد جراد إلى أن هذا المشروع "أكد على مختلف مراحل النضال التي عرفتها الجزائر للوصول إلى الجمهورية الجديدة والقيمِ والمبادئ الأساسية التي ترتكز عليها الدولة، كما أنه لم يغفل ذكر أهم وثيقة في تاريخ الجمهورية المعاصر، ويقصد بذلك بيان أول نوفمبر الذي مثل أهداف الثورة المجيدة، فضلا عن أبرز حدث شهدته الجزائر، أي الحراك الشعبي المبارك وما أفضى إليه من إسقاط لنظام فاسد".

النأي بالأمة عن الفتنة والعنف وخطاب الكراهية والتمييز

كما أكد الوزير الأول أن مشروع تعديل الدستور "يسعى للنأي بالأمة الجزائرية عن الفتنة والعنف وعن كل تطرف وعن خطابات الكراهية وكل أشكال التمييز، من خلال ترسيخه للقيمِ الروحية والحضارية التي تدعو إلى الحوار والمصالحة والأخوة، في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية"، مبرزا في نفس الوقت أبعادا أخرى ينطوي عليها الدستور المقبل "الذي يحافظ على الطابعِ الاجتماعي للدولة التي تعمل على الحد من الفوارق الاجتماعية والقضاء على أوجه التفاوت الجهوي، وتسعى لبناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار تنمية مستدامة...". وأكد الوزير الأول أن هذه المراجعة الدستورية ترسخ الأبعاد الجيوسياسية الثلاث، المتمثلة في كون "الجزائر أرض الإسلام، وجزء لا يتجزأ من المغرب العربي الكبير والعالم العربي، وبلاد متوسطية وإفريقية تعتز بإشعاع ثورتها ويشرفها الاحترام الذي أحرزته وعرفت كيف تحافظ عليه بالتزامها إزاء كل القضايا العادلة في العالم".

..إعادة الاعتبار للمجتمع المدني وتثمين كفاءات الشباب

من جهة أخرى، يأتي مشروع الدستور هذا، حسب السيد جراد ليعيد الاعتبار لمجتمع مدني "حر ونشيط"، مع ترقية الديمقراطية التشاركية، عبر تشجيعِ مشاركة كل المواطنين دون إقصاء، في رسم السياسات العمومية وتنفيذها، ويترجم بحق مبدأ المراقبة الشعبية على تسيير الشأن العام". وبالمناسبة، توجه الوزير الأول إلى الشباب بالقول "إن هذا التعديل الدستوري يخاطبكم، ينصت إليكم ويبعث فيكم الأمل، ويحمّلكم مسؤولية المساهمة في بناء الوطن"، مثمّنا الكفاءات التي تمثلها هذه الفئة "التي برهنت على أنها الثروة الحقيقية لبلادنا". وعلى المستوى الدولي، أعرب السيد جراد عن قناعته بأن هذا التعديل الدستوري "سيمكن بلادنا من استرجاع مكانتها في المحافل الدولية التي غابت عنها سنينا طوال، لتسمع مواقفها من جديد في القضايا الدولية، خاصة تلك التي تهم منطقتنا وعمقنا الجيواستراتيجي".

ولم يفوت الوزير الأول الفرصة للتذكير بمكانة الجيش الوطني الشعبي الذي يعتبر "ركيزة الأمة الجزائرية وجزءا لا يتجزأ من الشعب الجزائري، يساهم في حمايته والدفاع عن حدوده"، ليخلص في  نهاية مداخلته، إلى التأكيد على أن الدستور القادم سيكون له "لا محالة، الأثر الكبير على تحسين واقع بلادنا و شعبِنا" و"إحداث نقلة نوعية" على الحكامة على كافة الأصعدة،  فضلا عن "تعزيزه للوحدة الوطنية وصونها من أي مناورات" و"تجسيده لتضامن أبناء الشعب الواحد ووقوفهم إلى جانب كل فئات المجتمع التي تحتاج الدعم والمساعدة، صوناً لكرامتهم".