خبراء يثمّنون دعم نسيج الأعمال ويؤكدون:

"الستارتاب" خطوة لتنويع الاقتصاد وتصدير الخدمات

"الستارتاب" خطوة لتنويع الاقتصاد وتصدير الخدمات
  • القراءات: 969
رشيد كعبوب رشيد كعبوب

يرى مختصون في الاقتصاد، أن دعم المؤسسات الناشئة عن طريق الصندوق المستحدث وجملة التسهيلات الإدارية، من شأنه أن يعطى دفعا قويا للنسيج الاقتصادي والصناعي في بلادنا، ويضعه على سكة تحقيق النمو والتوجه نحو التصدير خارج قطاع المحروقات. وأكدوا أن السوق الجزائرية تتوفر على قدرات هائلة غير مستغلة، وجاءت فرصة إنشاء المؤسسات الناشئة لإخراجها من جمودها  ضمن خطة لتنويع الإنتاج وزيادته.

وقال فؤاد علوان، الباحث والمستشار الاقتصادي ومسؤول مجموعة "دعم وتطوير الأعمال" إن الاقتصاد الوطني بحاجة ماسة إلى دعم قطاع الأعمال، بدليل أن نجاح اقتصاديات عديد الدول مثل ماليزيا وسنغافورة وتركيا تم تحقيقه بفضل اعتمادها على المؤسسات الناشئة وخاصة تلك الناشطة في مجال المناولة، والخدمات التي تحتاجها المشاريع الكبرى.

وذكر علوان في تصريح لـ"المساء" أن توجه الجزائر لدعم المؤسسات الناشئة جاء في وقته، ويعد خطوة كبيرة على طريق ضخ دم جديد في ع روق  آلة اقتصاد كان عليه التكيف مع واقع  اقتصادي عالمي جديد وخاصة وان الدولة عمدت إلى تحسين مناخ الأعمال وأولت اهتماما بكل ما له صلة بترقية الاستثمار، من حيث سن قوانين وإعطاء تعليمات تنفيذية تم من خلالها تغيير مقاربة الدعم بكيفية تجعل الشاب المستثمر لا يصطدم بعقبة العراقيل الإدارية، بعد أن اصبح بإمكانه التقدم مباشرة إلى صندوق الدعم الذي سيحدد مدى نجاعة أي مشروع ومرافقته لأصحاب هذه المشاريع بهدف وضعهم على سكة الانطلاقة الصحيحة. وأضاف أن  خبراء صندوق الدعم سيعملون على تقدير وضع كل مؤسسة في حال تعرضت لمخاطر السوق، ويتدخلون  لإنقاذها دون التخلي عنها لتفادي الأخطاء التي وقعت فيها مختلف أجهزة الدعم السابقة.

وقال إن عدم وجود أية جهة تتدخل في عمل المؤسسة الناشئة ماعدا صندوق الدعم يعد في حد ذاته مكسبا للشباب المبتكر، طالما أن الخبراء هم من يتحملون مسؤولية النظر في تمويل المشاريع، وخاصة وان القانون اصبح يميز بين المبتكر وحاضنة الأعمال والمؤسسات الناشئة بهدف تحديد أطر الدعم وسبل المرافقة. وأكد الخبير علوان، وجود حركية على  مستوى الوزارات لفتح أسواق وتوفير حصة من الصفقات العمومية للمؤسسات الناشئة، كما ان الانطلاق في التعامل بالصيرفة الإسلامية عامل آخر جاء في وقته لوضع حد للعزوف الذي كان يبديه أصحاب رؤوس الأموال، في ايداع أموالهم في البنوك خشية الاختلاط بالربا.

من جهته أكد الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي عبد القادر مشدال، في اتصال بـ"المساء" أهمية دور المؤسسات الناشئة في إيجاد حلول لمشاكل تقنية وبعض أداءات القطاعات الاقتصادية التي لم تجد الحل لانطلاقة اقتصادية فعلية.

وأضاف أن فكرة "ستارتاب" تطرح أفكارا جديدة فيها ابتكار وإبداع، وتسهيلات لم تكن متوفرة من قبل حيث كان صاحب أي مشروع يجد صعوبات كبيرة لإقناع أي بنك بمشروعه والحصول على قروض تمويلية بسبب رفض هذه البنوك تحمل المخاطرة وتشترط ضمانات مسبقة. وهو عائق كبير كبح بعث الاقتصاد الجزائري وكان ضروريا أن تقوم الدولة بعمل استباقي يتم من خلاله تحديد طبيعة العمل مع هذه الهيئات وتبرز طبيعة التسهيلات التي ستقدم لهذه المؤسسات، والإعفاءات المتعلقة بالضريبة والفوائد على القروض والتسهيلات المتعلقة بالحصول على العقار والمحلات والخدمات.

وقال مشدال، إن صندوق دعم المؤسسات الناشئة الذي سيتحمل كامل العبء الذي من المفروض أن تتحمله البنوك، يسيره خبراء يعرفون نوعية هذه المؤسسات وتحديد خصوصية ومردودية المشاريع التي تتلاءم مع هذا الصندوق، ويتحملون مسؤولية منح الدعم المالي لأصحاب المؤسسات الناشئة، التي في حال نجاحها ستقوم ببيع خدماتها في الداخل والخارج لتنويع مصادر الدخل بالعملة الصعبة.

وأعطى لأجل ذلك مثالا عن دور مؤسسات هندية ناشئة صارت تقدم خدمات للولايات المتحدة الأمريكية، مكنها من تحقق رقم أعمال يقدر بعشرات الملايير من الدولارات سنويا.

وهو ما جعله يؤكد ان المؤسسات الناشئة في الجزائر يمكن أن تقدم حلولا سواء في الجزائر أو في الخارج، كإفريقيا وأوروبا والدول العربية وبالتالي تحتم الابتعاد عن فكرة توجيه هذه المؤسسات للعمل في الإطار المحلي البحت، والذي أكد فشله منذ سبعينيات القرن الماضي، وكان من المفروض أن تتجه صناعاتنا إلى السوق الوطنية والأسواق الخارجية، خاصة أن المنتجات الجزائر تباع في أوروبا وآسيا.

واقترح عبد القادر مشدال، تعميم الدولة لفكرة الدعم والمرافقة على باقي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبرى، وعدم حصرها في المؤسسات الناشئة  ضمن منظومة تشريعية وتسهيلية ومرافقاتية، بقناعة ان المؤسسات الموجودة في السوق مازالت تعاني من البيروقراطية والأداء الضعيف مع البنوك والجمارك والضرائب، ولذ فان تعميم هذه الإجراءات التحفيزية ـ كما قال ـ  سيعطي دفعا قويا لزيادة النمو في البلاد ورفع الإنتاج وقدرات التصدير خارج المحروقات، وبقناعة أن الجزائر تتوفر على قدرات غير مستغلة، وقد حانت الفرصة لإخراجها وتحفيزها لتنويع الاقتصاد وتحقيق الرفاه والنمو بعيدا عن سوق بترولية مهزوزة وغير مستقرة بسبب سياق دولي متوتر ولا يعرف الاستقرار.