المحامي والحقوقي فاروق قسنطيني لـ"المساء”:

عقوبة الإعدام تمس بسمعة الجزائر أمام المجتمع الدولي

عقوبة الإعدام تمس بسمعة الجزائر أمام المجتمع الدولي
المحامي فاروق قسنطيني
  • القراءات: 873
شريفة عابد شريفة عابد

توقع المحامي فاروق قسنطيني، الرئيس السابق للهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، في حديث أجرته معه المساء  أن تتجه الجزائر نحو إنزال عقوبة السجن المؤبد في حق المتورطين في عمليات اختطاف الأطفال والتنكيل بهم وقتلهم، مستبعدا في ذلك العودة إلى تطبيق عقوبة الإعدام على المدانين في مثل هذه الجرائم، كون ذلك سيمس بسمعة الجزائر أمام المجتمع الدولي وخاصة وأن مشروع قانون الدستور خصص مجالا واسعا لحقوق الإنسان وترقيتها وفي مقدمتها الحق في الحياة الذي يعد حقا مقدسا.

وضعت عمليات اختطاف وقتل الأطفال التي هزت الرأي العام الوطني الأيام الماضية، التشريعات والتدابير الحالية لمكافحة هذا النوع من الإجرام على المحك، وهو ما دفع ببعض الأطراف الى لمطالبة بتطبيق عقوبة الإعدام في حق كل من يعتدي أو يقتل طفلا مختطفا.

وقد شغلت هذه الأحداث المأسوية  رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي حرص على تخصيص حيز لمناقشة هذه النقطة خلال اجتماع مجلس الوزراء أول أمس، حيث طالب بإصدار تشريع خاص يعالج ظاهرة اختطاف الأشخاص بشكل منعزل عن القوانين السارية المفعول ويفرض أقصى العقوبات ومنع تخفيفها أو إصدار عفو بشأنها مهما كانت أسبابها وخلفيات الاختطاف.

واستبعد المحامي فاروق قسنطيني، في سياق هذا الحرص العودة إلى إنزال عقوبة الإعدام التي تم تعليق العمل بها منذ سنة 1993، وبقيت مجرد قانون لم يطبّق منذ تلك السنة. وأضاف أنه حتى في حال ارتكاب الجرائم الخاصة باختطاف الأطفال فإنه من غير المعقول تنفيذ حكم الإعدام ويجب استبدالها بالسجن المؤبد.

وعدد رجل القانون والمحامي فاروق قسنطيني، دواعي موقفه إلى كون عقوبة الإعدام غير مجدية في الحد من هذه الجرائم، بدليل أن البلدان التي تطبّق هذه العقوبة لم تتراجع فيها نسبة هذه الجرائم، وتبقى الولايات المتحدة الأمريكية أحسن مثال على ذلك، بالإضافة إلى مصر التي تبقى بمثابة نموذج في البلدان العربية، وقال إنه على العكس من ذلك فإن بلدان الاتحاد الأوروبي الملتزمة جميعها بالاتفاقية الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام، لا توجد بها جرائم قتل الأطفال وتشهد استقرارا كبيرا في الجريمة مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

وبرأي قسنطيني، فإن الأشخاص الذين يتورطون في مثل هذه الجرائم البشعة التي يذهب الأطفال ضحية لها، هم في الحقيقة مرضى نفسيا  وغير أسوياء ولديهم اضطرابات خطيرة تحملهم على ارتكاب تلك الأفعال.

ولا تنتهي أثار عقوبة الإعدام عند هذا الحد في حال اعتمادها، حيث من الممكن أن تطبق في حق المساجين المحكوم عليهم بهذه العقوبة منذ سنة 1993، بسبب تورطهم في أعمال إرهابية خلال العشرية السوداء.

كما أثار قسنطيني، مسألة نسبية الأحكام القضائية التي تبقى قابلة للخطأ لأي سبب من الأسباب كعدم نجاعة التحقيقات أو احترافية  المجرم في إخفاء الحقيقة وإلصاق التهمة بشخص آخر، وهنا يكون حكم الإعدام المنفذ في حق المتهم  غير قابل للتصحيح أو التعويض لأنه لا يمكن استرجاع الحياة عند تنفيذ العقوبة، وقد أثبتت تجارب عديدة عن إعدام أشخاص أبرياء بالولايات المتحدة الأمريكية مثلا رغم كل ما لديها من وسائل وإمكانيات التقصي والتحقيق.

وخلص المحامي للقول إنه اقترح خلال استشارته حول مسودة الدستور، أن يتم دسترة الحق في الحياة ومنع تطبيق عقوبة الإعدام، لأن ذلك يكون الضامن بعدم تفعيلها تحت أي ظرف من الظروف، مشيرا أنه بحكم تجربته الشخصية في مجال الدفاع قال إن هناك طلبا اجتماعيا لتطبيق عقوبة الإعدام وهذا بسبب جهل عامة الناس حول خطورة هذه العقوبة، داعيا للنظر للأمور بروية وبصيرة وحكمة  واتزان.