رئيس الجمهورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

الجزائر تسير نحو التغيير الديمقراطي المنبثق عن الحراك السلمي

الجزائر تسير نحو التغيير الديمقراطي المنبثق عن الحراك السلمي
  • القراءات: 584
مليكة. خ مليكة. خ

أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون أمس، أن الجزائر قطعت خلال الأشهرِ الماضية، بالرغم من الظرف الصحي الصعب، أشواطا في مسارِ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سبيل بناء جزائر جديدة، قوية، آمنة ومزدهرة، مشيرا إلى أن البلاد  تسير "بخطى ثابتة نحو ترسيخ دعائم الديمقراطية وتكريس دولة القانون والعدالة الاجتماعية عقب التغيير الديمقراطي المنبثق عن حراك سلمي، حضاري، مبارك والذي أفضى إلى تنظيمِ انتخابات رئاسية شهر ديسمبر 2019، كرست سيادة الشعب الجزائرِي وحرية اختياره وقراره".

وتطرق رئيس الجمهورية في كلمة له عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال دورتها العادية 75 المنعقدة بنيويورك، إلى أبرز معالم  التوجه السياسي الجديد في الجزائر، فضلا عن مواقفها  بخصوص الأسس العقائدية لسياستها الخارجية ودعمها للقضايا العادلة في العالم، بدءا بفلسطين والصحراء الغربية وكذا مواقفها إزاء القضايا الجهوية والدولية ذات الأهمية، خاصة الأزمة الليبية والأزمة المالية اللتين تبذل الجزائر جهودا كبيرة لحلهما بالطرق السلمية.

وأخذت مسألة تنظيم الاستفتاء حول مشروع تعديل الدستور المقرر في الفاتح من نوفمبر القادم، حيزا من كلمة الرئيس تبون، باعتباره رهانا يتوخى منه وضع أسس نظام سياسي ديمقراطي، يكفل حماية الحقوق والحريات ويحقق التوازن بين مختلف السلطات ويضمن أخلقة الحياة العامة.

كما استعرض رئيس الجمهورية أمام المحفل الأممي، أهم القضايا الدولية التي تستأثر باهتمام  الجزائر، خصوصا تلك التي تعنيها بحكم البعد الجغرافي والانتماء العربي، على غرار الأزمة الليبية، حيث أكد  تمسك الجزائر بالتقريب بين الفرقاء في ليبيا و"دعوتهم للانخراط بشكل بناء في العملية السياسية برعاية الأممِ المتحدة من أجل الخروجِ من الأزمة، وفقا لإرادة الشعب الليبي ورفض كل التدخلات الخارجية التي تعد مساسا بسيادته".

وفي الشريط الحدودي الجنوبي حيث مازالت الأوضاع  تتأجج بين الفينة والأخرى، خصوصا بعد "عملية تغيير النظام الدستوري" في مالي، جدد الرئيس تبون قناعة الجزائر بأن اتفاق السلم والمصالحة الوطنية المنبثق عن مسار الجزائر يبقى الإطار الأمثل من أجل رفع تحديات الحكامة السياسية والتنمية الاقتصادية في هذا البلد، بمرافقة حكيمة وصادقة من المجتمع الدولي، مؤكدا  متابعة الجزائر عن قرب للوضع الحساس في هذا البلد الجار.

كما اغتنم الرئيس تبون هذه المناسبة لإسماع صوت الجزائر عاليا بخصوص القضية الفلسطينية، مجددا التأكيد بأنها "تبقى بالنسبة للجزائر وشعبها قضية مقدسة، بل أم القضايا"، ودافع عن الحق الثابت للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقه غير القابل للتصرف أو المساومة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف، قناعة منه بأن تسويتها تعتبر مفتاح الاستقرار في الشرق الأوسط.

وغير بعيد عن قضايا تصفية الاستعمار، أعرب رئيس الجمهورية عن أسفه لما تعرفه قضية الصحراء الغربية من عقبات تعرقل تسويتها، لاسيما توقف المفاوضات بين طرفي النزاع والتماطل في تعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء الغربية، داعيا إلى تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة إجراء استفتاء تقريرِ المصيرِ المؤجل منذ أزيد من 29 سنة والتعجيل في تعيين مبعوث للأمين العام الأممي وتفعيل مسارِ المفاوضات بين طرفي النزاع والتفرغ لتحقيق آمال شعوب المغرب العربي وإفريقيا في التنمية والاندماج.

وفي موضوع التحدي الأمني الذي مازال يسترعي اهتمام المجموعة الدولية بالنظر لتداعياته الخطيرة على استقرار المجتمعات، جدد الرئيس تبون التزام الجزائر بمحاربة الإرهاب والتطرف العنيف "باعتبارهما تهديدا جسيما للسلم والسلام والتنمية في العالم"، داعيا في هذا الإطار "إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد وتبييض الأموال مع العمل على تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وخاصة فيما يتعلق بمسألة استرداد الأموال المنهوبة من الشعوب".

كما أبرز التزام الجزائر بصون وتوطيد السلم والأمن الدوليين عبر الجهود الدولية في مجال نزع السلاح ومنع انتشاره، مشيرا إلى "أن الجزائر التي عانت ولا تزال من العواقب الوخيمة الناجمة عن التفجيرات النووية التي أجريت على أرضها إبان الاستعمار لقناعته بأن القضاء التام على الأسلحة النووية يبقى الضمان الوحيد لمواجهة مخاطرِها على الإنسانية".

وفي سياق حديثه عن إصلاح منظمة الأمم المتحدة، أكد رئيس الجمهورية على ضرورة التعجيل بتجسيد هذا المسعى، خصوصا على مستوى مجلس الأمن وتقوية العمل متعدد الأطراف من أجل مواجهة مختلف التحديات، على غرار الفقر والتنمية والأمراض والاتجار بالبشر والتغير المناخي ومكافحة الإرهاب.

كما وجه نداء للمجموعة الدولية يدعوها فيه للوحدة والتضامن وتجاوز الخلافات لمواجهة الظرف العصيب الذي يمر به العالم "حتى نخرج بدولنا وبشعوبنا من دائرة الخطرِ ونواصل معا مسيرتنا نحو تحقيق الاستقرار والأمن والتنمية".