اللجنة الأولمبية الجزائرية في مفترق الطرق

متى تستقر الأوضاع؟

متى تستقر الأوضاع؟
  • القراءات: 546
 ع. اسماعيل ع. اسماعيل

أخيرا أدركت الأوساط الرياضية مدى أهمية الجمعيات الانتخابية الخاصة باللجنة الأولمبية وأن لا يكون اختيار الناخبين للمترشحين لرئاستها ولأعضاء مكتبها التنفيذي اعتباطيا لا يخدم المصلحة العامة للرياضة الجزائرية.

الزخم الكبير من التعليقات وردود أفعال مختلف الأطراف الرياضية عبر مختلف وسائل الإعلام وحتى في الكواليس الرياضية يوحي بوجود صحوة رياضية حقيقية لدى هذه الأوساط ولدى كل من يأمل في أن يدرك المسيرين الجدد للجنة الأولمبية انطلاقا من العهدة الرياضية القادمة مدى المسؤولية الملقاة على عاتقهم لإعادة الاعتبار لهذه الهيئة الرياضية التي تحولت في السنوات القليلة الماضية إلى لعبة بين أطراف رياضية خدموا بنسبة كبيرة مصلحتهم الشخصية، فكانوا بعيدين كل البعد عن معاني وقيم الشعار الأولمبي في العالم. هذه الأوساط لا تريد اليوم أن تتحول "الكوا" إلى مجرد عربة تجر ورائها اتحاديات أولمبية بدون روح لا يهم مسيريها سوى البحث عن ضمان سفرية إلى الخارج لحضور المنافسات الدولية، وما عدا ذلك لا يهمها شيء آخر. إن الرأي العام الرياضي في بلدنا سئم من تدني مستوى التسيير الذي كان واقعا في اللجنة الأولمبي ويأمل في أن تكون لدى أعضاء الجمعية العامة قناعة تامة تفرض عليهم القيام باختيار أنسب رجل لقيادة هذه الهيئة وإبعادها عن التوترات التي ميزت تسييرها في السنوات الأخيرة بشكل خاص،

وحبذا لو يتنامى وعي كبير في عقول مسيري الاتحاديات الأولمبية يفرض عليهم لعب دور كبير في إعطاء قفزة نوعية لهذه الهيئة الأولمبية والابتعاد بشكل خاص عن المحاباة في اختيار أنسب رجل يضعها على السكة المناسبة لها بعدما عانت في الماضي من سياسة الابتزاز والمحسوبية والخلافات الشخصية التي نالت من سمعتها وسمعة رياضتنا بشكل عام.

اليوم لم يبق هناك مجال للتلاعب بمستقبل الرياضيين والاعتقاد أن من يقود "الكوا" هذه المرة سيجد الأرضية مفروشة بالورود عندما يتولى مسؤولياته الجديدة أو يعتقد أنه يسير دكان تجاري. اللجنة الأولمبية الجزائرية لم يتم إنشائها فقط من أجل الإشراف الإداري على المشاركة الجزائرية في الدورات الدولية الأولمبية ولا أن تكون "وكالة سفرية" للأطراف التي تريد استغلال مقعدها في مكتبها التنفيذي. والقول إن اللجنة الأولمبية ليست مسؤولة عن النتائج السيئة التي يسجلها رياضيونا الأولمبيون في الخارج خطأ كبيرا سعى من خلالها مسيروها السابقون إخفاء أخطائهم في قيادة هذه الهيئة التي لا يمكن أن يقتصر دورها في المستقبل على توفير فقط وسائل تحضير الرياضيين بقدر ما يتعين عليها ضمان نجاحهم في كل المنافسات الأولمبية. فليس من العيب أو من الخطأ أن يتم تغيير بعض بنود القوانين التي تسير اللجنة الأولمبية بصفتها تعمل في إطار جمعوي رياضي مثلما تنص عليه القوانين التي أنشأتها.

في السابق، كان مسؤولو "الكوا" يقولون إن دورهم يقتصر فقط على توفير سفرية وظروف تواجد الرياضيين الجزائريين عند تنقلهم للمشاركة في المنافسات الأولمبية في الخارج، حيث تحول هذا المفهوم مع مر السنوات إلى منطق لا يساومهم فيه أحد، وجعلهم يتملصون من مساءلتهم عند كل إخفاق، بل وصلوا إلى تحميل مسؤولية هذا الإخفاق إلى الفيدراليات الرياضية.

اليوم حان الوقت لوضع "الكوا" أمام مسؤولياتها الحقيقية واعتبارها طرفا مباشرا في النجاح أو في الإخفاق. لكن كيف ذلك وبأي طرق قانونية؟ هذا الدور يرجع إلى من يعتلي مستقبلا رأس اللجنة الأولمبية المطالبة بأن تتحمل درجة كبيرة من المسؤولية في كل ما يتعلق بتسيير الاتحاديات الرياضية الأولمبية من حيث العمل والنتائج، بل وحتى النموذج الأخلاقي الذي يجب أن تسير عليه هذه الهيئات الفيدرالية الأولمبية التي كثيرا ما لطخت سمعة الرياضة الجزائرية بسبب الفضائح الكبيرة التي انفجرت في وسط مسيريها ورياضييها. فلا يمكن لكلا الطرفين أن يعملا بدون وجود تكامل حقيقي بينهما في مجال تحقيق برنامجهما الرياضي على أرض الواقع.

«الكوا" مطالبة اليوم بالابتعاد كلية عن سياسة الاقصاء  والتهميش والتكتلات، وهي ممارسات نقم عليها الجميع بعدما راح ضحيتها مسيرين نزهاء ومخلصين للرياضة الجزائرية. كما لا يمكن لمكتبها التنفيذي أن يبقى مجرد آلة في يد الرئيس، بل يتعين على أعضائه تفعيل دورهم الرئيسي في مراقبة كل ما له علاقة بالتسيير داخل "الكوا".

للأسف الشديد، لقد أصبح الترشح لرئاسة اللجنة الأولمبية ولعضوية مكتبها التنفيذي لا يستوفي بشكل واضح بعض المعايير منها المستوى العلمي والتحلي بالأخلاق النبيلة. وهو ما يفسر سوء الفهم والخلط الذين وقع في تسيير هذه الهيئة التي هدد البعض من مسؤوليها باللجوء إلى الهيئات الدولية الأولمبية كلما أحسوا بوجود تهديد لمصالحهم الشخصية، وكأنهم يقولون "نحن أهل لهذه المسؤولية ولا أحد له القدرة على منازعتنا فيها!".