أمين رحماني دكتور صيدلة بمعهد باستور لـ "المساء”:

الجزائر لا تعيش موجة وبائية ثانية واللامبالاة قد تعيدنا إلى الصفر..

الجزائر لا تعيش موجة وبائية ثانية واللامبالاة قد تعيدنا إلى الصفر..
أمين رحماني، دكتور صيدلة بمعهد باستور
  • القراءات: 585
شريفة عابد شريفة عابد

أكد دكتور الصيدلة بمعهد باستور بالجزائر العاصمة، أمين رحماني، في تصريح لـ "المساء”، أن الجزائر لا تعيش موجة وبائية ثانية لـ "كوفيد 19”، ”لأنه نظريا لا تدخل الموجة الثانية إلا بعد انتهاء الموجة الوبائية الأولى التي لاتزال البلاد في دائرتها”.

وأرجع أسباب ارتفاع المنحى الوبائي في الأيام الأخيرة، إلى انعدام المسؤولية المجتمعية لدى المواطنين، وإقامتهم للأفراح والمناسبات خارج الأطر الصحية، ما رفع، حسبه، عدد العينات التي يفحصها معهد باستور يوميا إلى نحو 2500عينة منها، ما تكون نتائجها سلبية وأخرى إيجابية، محذرا من نسف جهود الطواقم الطبية وجميع المخططات الصحية وإعادة الوضع إلى نقطة الصفر، ”ما قد يعقد الأوضاع أكثر ويؤزمها”.

وفي شرحه للمنحى الوبائي للفيروس في الجزائر وارتفاعه المتواصل خلال الأيام الأخيرة، استبعد المتحدث أن يكون هذا المنحى يعبر عن موجة وبائية ثانية، مقدرا في المقابل بأن الأمر يتعلق بارتفاع حالات الإصابة مع استمرار الموجة الأولى، حيث أشار في هذا الصدد إلى أنه ”علميا لا يمكن الحديث عن موجة ثانية إلا بعد انتهاء الموجة الأولى للوباء”.

وأرجع ممثل معهد باستور، الزيادة في حالات الإصابة إلى انعدام المسؤولية المجتمعية للمواطن وعدم التقيد بتدابير الوقاية، خلال مرحلتي الرفع التدريجي للحجر الحصي اللتين أعلنت عنهما الحكومة في الأيام الماضية، حيث تعامل المواطن مع هذا الإجراء، حسبه، بمنطق اللامبالاة، ”ولم يتردد بعض المواطنين في خرق تدابير التباعد الاجتماعي بشكل مقلق، كإقامة الأعراس وإعداد الولائم والجنائز والنزول إلى الأسواق العمومية دون التزام بأساليب الوقاية ومنها خاصة ارتداء الكمامات.. وهي كلها عوامل أدت إلى ارتفاع عدد الإصابات”.

وتابع محدثنا بقول بأن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر يمثلون 66 بالمائة من جميع الوفيات، وبالتالي فإن هاته الفئة تمثل الفئة الحرجة التي تتطلب من أصحابها التزاما شديدا بأساليب الوقاية، على حد تعبيره. وفي رده على سؤال مرتبط بإمكانية وصول الجزائر إلى الحصانة الجماعية أو ما يعرف وبائيا بمناعة القطيع، أكد الدكتور رحماني، أن ”مناعة القطيع هي شكل من أشكال الحماية من مرض معد، وتحدث عندما تكتسب نسبة كبيرة من المجتمع مناعة لعدوى معينة، إما بسبب الإصابة بها سابقا أو بفعل التطعيم، ما يوفر حماية للأفراد الذين ليس لديهم مناعة ضد المرض”.

وأشار في هذا السياق إلى أن الجزائر ليست في هذه الوضعية، حيث أن وصول أي مجتمع إلى هذه الحصانة، حسبه، مرتبط ”بالنقطة التي تصل عندها إلى مناعة القطيع رياضيا بميل الجراثيم إلى الانتشار”، موضحا بأن الإصابات في الجزائر وكذا عدد الذين تعالجوا قليل جدا مقارنة بالتعداد السكاني العام، لهذا يبقى الحجر والوقاية، برأيه، السبيل الوحيد لتجنب انتشار المرض وكسب الوقت إلى غاية جاهزية اللقاح أو حدوث طفرة مميتة للفيروس، ”حيث يعتبر هذين العاملين، الخيارين الوحيدين المتبقيين من أجل عدم تأزيم الوضع وتخفيف الضغط على المراكز الاستشفائية ومتابعة المرضى”.

وأبرز المتحدث الخطر المطروح اليوم في الجزائر بفعل التزايد اليومي للإصابات، مستدلا بعدد عينات الدم التي تنقل إلى مركز باستور للكشف عنها وتصنيفها، حيث يلتقى المعهد يوميا 2500 عينة للكشف عن الفيروس، وهو عدد ليس بقليل، حسب الدكتور رحماني الذي، لم يستبعد في هذا الصدد ارتفاع في حالات الإصابة في حال واصل المواطن استهتاره وعدم تحمله لأية مسؤولية اتجاه نفسه واتجاه المجتمع.

كما أشار محدثنا إلى أنه ”من السابق لأوانه الحديث عن كون ارتفاع الإصابات يمثل بلوغ الجزائر حالة الذروة الوبائية، ”كون الأوضاع لاتزال غامضة ومفتوحة على كل الاحتمالات ”حيث يطبعها تباين في انتشار الوباء وظهور بؤر بائية جديدة لم تكن موجودة سابقا، استنادا إلى البيانات الأخيرة التي كشفت عن انتشار المرض بكثرة بولاية سطيف مثلا”. واستنكر الدكتور رحماني بشدة ترويج بعض الأطراف لفكرة وهمية مفادها أن ”الفيروس غير موجود أصلا”، الأمر الذي يبعث، حسبه، إلى الاستغراب والقلق.

وأكد المتحدث أن الوضع الوبائي الحالي خطير ويتطلب توخي الحذر من قبل كل مواطن، مع تحمل روح المسؤولية في الحفاظ على الصحة العامة للبلد، تجنبا لأية حالة انفلات وبائي. ونصح في هذا الإطار بضرورة الالتزام بأساليب الوقاية، لاسيما منها ارتداء الكمامات التي أثبتت عدة دراسات علمية موثوقة فعاليتها في كسر العدوى ومحاربة الوباء، فضلا عن ضرورة مراعاة قواعد النظافة ومسافة التباعد الاجتماعي، مشيرا إلى أن لالتزام بهذه القواعد تبقى السبيل الوحيد للنجاة من انتشار الفيروس في ظل غياب الأدوية واللقاحات لمجابهة هاته الجائحة.

كما حذر في الأخير من أن جميع التعقيدات التي يواجهها الأطباء والضغط الذي تتعرض له المراكز الاستشفائية عبر الوطن وكذا التجند الكبير في جميع القطاعات والجهود الجبارة التي تم بذلها خلال الأشهر الماضية، قد يكون مصيرها النسف إذا لم يتجاوب المواطن مع التدابير الوقائية ويشاهم بالتالي في إرجاع الأوضاع إلى نقطة الصفر من خلال تكريس سلوكات غير مسؤولة وتعمد اللامبالاة والجهل والاستهتار في التعامل مع الوباء في الأماكن العامة.