في ملتقى افتراضي دولي هو الأول من نوعه حول "الجائحة والمجتمع"

تحاليل اجتماعية للتحولات التي فرضتها كورونا

تحاليل اجتماعية للتحولات التي فرضتها كورونا
الملتقى الافتراضي الدولي حول "المجتمع والجائحة"
  • القراءات: 1341
حنان حيمر حنان حيمر

مكن الملتقى الافتراضي الدولي حول "المجتمع والجائحة" الذي نظمه، مؤخرا، مركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية "كراسك"، بالتعاون مع مركز "فاعلون" للبحث في الأنثروبولوجيا والعلوم الإنسانية والاجتماعية، من تحليل الاثار والتداعيات الاجتماعية التي جرها وباء كورونا. حيث أشار علماء اجتماع من عدة دول عربية وأجنبية إلى أن الجائحة أبرزت أهمية الدور الذي تلعبه العلوم الاجتماعية في فهم التغيرات التي أفرزها الوباء والحجر الصحي.

واعتبر جيلالي المستاري مدير "كراسك" أن الهدف من مناقشة مسألة الأزمة الصحية وآثارها الاجتماعية حاضرا ومستقبلا، جاء في إطار مواصلة العمل منذ بداية الأزمة الصحية لإعداد تقارير  مبنية على المشاركة الدولية، تتطرق لمواضيع تتعلق بالآثار الاجتماعية للازمة الصحية.  من جانبه، قال مبروك بوطقوطة المشرف العام لمركز "فاعلون"، أستاذ الانثروبولوجبا بجامعة باتنة 1، إن الملتقى الأول من نوعه جاء لمساءلة ما يحدث من تغيرات في العالم والتفكير فيها، والخروج ببعض الدروس والعبر التي قد تكون مفيدة لتسيير المراحل المقبلة.

واختلفت تحاليل الأساتذة وعلماء الاجتماع المشاركين في الملتقى الافتراضي حول الأبعاد الاجتماعية التي اتخذتها جائحة كورونا. في هذا الصدد، أشار الأستاذ احمد زايد من جامعة القاهرة إلى أن الجائحة أدت إلى تحويل المجتمع كله إلى "عيادة". وهو ما أدى – كما أضاف – إلى دخول خطاب الصحة كجزء من الخطاب السياسي، كما أعاد الاعتبار للضوابط مضيفا إليها هذه المرة "الضوابط الصحية"، التي أسقطت  مفهوم "الحرية المطلقة". وهو ما سينجر عنه – حسبه- وضع أجندة عالمية جديدة تخص المسائل الصحية، مثلما كان مع مسالة التلوث على سبيل المثال.

كما أن الجائحة أعادت صياغة العلاقة بين السياسة والصحة، وكذا بين المجتمع والدولة. فهذه الأخيرة –وفقا لتحليله- عادت لتتفوق على المجتمع بعد أن كان الأخير مشتغلا بالحركة والتغيير. لكنه رغم ذلك، لم يتوقع حدوث أي تغييرات تذكر بعد الجائحة وقال أن النظام الرأسمالي القائم يمكنه "اللعب بأساليب مختلفة" ليعيد إنتاج ذاته.وان الوه الإنساني الذي ظهر خلال الأزمة سيكون ظرفيا. وفي قراءة لخطابات الجائحة، أكد الأستاذ عبد الرحمان العطري من جامعة فاس، أن فترة الجائحة مرت بمراحل مختلفة، أولها الإنكار الذي تميز بخطاب التهويل ونظريات المؤامرة من جهة، وبخطاب التهوين المملوء بالنكت، ثم مرحلة التفاوض والمساومة، التي عرفت انتشار اكبر لخطاب التهويل مع ظهر الإشاعات والأخبار الزائفة، وصولا إلى مرحلة البين بين والتي بدأ  يظهر فيها الخطابات الدينية،  وتسييس الجائحة، وأخيرا مرحلة التعايش مع الأزمة وتسييرها واتخاذ الاحترازات الصحية.

واعتبر أن التعدد في الخطاب سببه البحث عن معنى للجائحة، التي "أدخلتنا في صلب صراع التأويلات"، مثلما أوضح. وتساءل الأستاذ علاء جواد كاظم من جامعة القادسية بالعراق عن إمكانية إعادة الجائحة للأسئلة الوجودية للإنسان،وان تعصف بنا إلى "اللايقين". وأشار إلى اقتناع العديد من علماء الاجتماع بضرورة تغيير النظام العالمي الحالي، الذي تسبب حسبهم في قتل أمل الإنسان في الخلاص السياسي والاجتماعي، معبرا عن اقتناعه بأن كورونا جعل الإنسان يقف في "مسافة أمان من كل شيء"، وفرض عليه التفكير بطرق جديدة، ووضع رؤى جديدة لنفسه وقدراته الذهنية.

كما مكنت الجائحة – وفقا لرأيه - من تحليل قدرة الدولة ونقدها ومحاكمتها في مواجهة الأزمة، وبالتالي إعادة النظر في الأنظمة الحاكمة. وبخصوص الفرق بين الرجل والمرأة في مواجهة وباء كورونا، فإن الأستاذ فوزي بن دريدي من جامعة سوق اهراس بالجزائر، شدد على أنه لا يمكن اليوم النظر بعين الاختلاف بين الطرفين، بالنظر إلى التغيرات التي عرفها المجتمع في السنوات الأخيرة.  وقال إن "التباعد الاجتماعي والنفسي المعاش، متساو بين الرجل والمرأة، لان فكرة بقاء المرأة في البيت تغيرت...فالمرأة والرجل أعادا اكتشاف فضاء المنزل واكتشاف الآخر بما فيه الأولاد معا... فالصورة التقليدية لبقاء المرأة بالبيت تغيرت، لأنها هي الأخرى أصبح لديها وضعية سوسيو مهنية، ووقت مكوثها بالبيت أصبح قصيرا مثلها مثل الرجل".

وبالرغم من التغيرات التي شهدتها سلوكيات الناس خلال فترة الحجر الصحي، فإن الأستاذ عبد الرزاق الهيتي من العراق اعتبر أن الأمور بعد الجائحة ستعود إلى نصابها، ضاربا المثل بما حدث في بلاده خلال مراحل متعددة، وكيف أن سلوك الناس سرعان ما يعود إلى طبيعته الأولى بعد انقضاء المشكل. وبخصوص دور المجتمع المدني، اعتبر الأستاذ أحمد موسى بدوي من مصر، أنه من الضروري انتقال عمل الجمعيات من المساعدات العينية للفقراء، إلى مساعدتهم على الإنتاج والدخول في الاقتصاد الرسمي،إضافة إلى تعزيز مشاركة المجتمع المدني في التعليم عبر التبرعات، مثلما هو موجود في الولايات المتحدة.وقال أن "ذهنية العمل الخيري عليها أن تتغير وتستفيد من الجائحة لتوجيه المساعدات في هذا الاتجاه".