مبتول يدعو إلى سياسة جديدة لتسيير قطاع النقل

4 اقتراحات لمرحلة ما بعد كورونا

4 اقتراحات لمرحلة ما بعد كورونا
الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول
  • القراءات: 1191
حنان. ح حنان. ح

أكد الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان مبتول، أن "الوقت حان لوضع سياسة جديدة للنقل، تأخذ بعين الاعتبار الاضطرابات التي عرفها هذا القطاع، مؤخرا، على المستوى العالمي". وأشار إلى أن هذه السياسة ينبغي أن تركز على نشاطات مختلفة خالقة للنمو ومناصب الشغل، وتستجيب للحاجيات الداخلية، مع إعادة النظر في نموذج النقل، الذي يعرف تحولات كبيرة.

واعتبر الخبير إحداث ديناميكية جديدة في النقل بكل أنواعه، سيكون له تأثير على التنمية المحلية وجاذبية الأقاليم، حيث أوضح قائلا "عالم النقل سيعرف اضطرابات بعد انتهاء وباء كورونا، حيث سيتجه استهلاك الطاقة نحو نموذج المزج الطاقوي بالذهاب نحو استخدام أوسع لوسائل نقل هجينة أو كهربائية بين 2020 و2030 ونحو الهيدروجين بين 2030 و2040، دون إغفال المكانة التي ستأخذها التكنولوجيا والذكاء الصناعي في القطاعات الاقتصادية المختلفة ومنها النقل".

وبالنسبة للجزائر، أقر الخبير أنه منذ الاستقلال وضعت الدولة برامج هامة لتطوير البنى التحتية القاعدية والنقل والأشغال العمومية والموارد المائية، مشيرا إلى أن هذه المشاريع شكلت رهانات من أجل تحريك الاقتصاد بإقحام مختلف الفاعلين. "لكن الإشكال، حسبه، يكمن في كون "هذه السياسة لم يتم وضعها في إطار رؤية شاملة إستراتيجية للإصلاح الشامل، والتي من شأنها الوصول إلى الفصل بين مهمة الضبط وبين الخدمات التجارية في النقل البري والحضري وعبر السكك الحديدية والنشاط المينائي وكل ما يتعلق بأمن الطرق".

وقدم مبتول تحليله لمستوى الخدمات المقدمة على مستوى مختلف أنماط النقل ببلادنا. فبخصوص النقل الجوي، اعتبر أنه "رغم مستوى الخدمات الرديء نسبيا، فإن شبكة الطيران الجزائرية متطورة جدا، بالنظر لتغطية  كل المدن الكبرى برحلات جوية يومية من طرف الشركة الوطنية".

أما بالنسبة للنقل البحري الذي تضمنه الشركة الوطنية، فأشار إلى أنه "رغم الجهود المبذولة لم تستطع الشركة الوطنية أن تكون في المستوى، حيث لا تغطي حاليا سوى 11 بالمائة من المبادلات". وهو ما أدى إلى اعتماد الجزائر البديهي على ما وصفه بـ«شركات أجنبية هاوية" تعمل في مجال النقل البحري.

وبهذا الخصوص، اعتبر أنه من المستعجل تعديل القانون الحالي الذي يجعل مجال الموانئ ملكا للدولة، من أجل فتح هذا النشاط أمام القطاع الخاص، الذي له اهتمام كبير بهذا القطاع وفقا للخبير.

وفيما يتعلق بالسكك الحديدية، أشار إلى الاستثمارات الهامة للدولة في هذا المجال سواء في إعادة تأهيل خطوط القطارات أو إنجاز خطوط للمترو والترامواي. لكنه تساءل عن مدى قدرة الدولة على مواصلة الاستثمار بهذا االقطاع في ظل الأزمة المالية الحالية. ولذا دعا إلى الفصل بين مهام الانجاز وتطوير شبكات السكك الحديدية، مع دعم اللجوء إلى الشراكة مع الأجانب أو عقود الامتياز، من أجل تحسين التسيير.

وبالنسبة للنقل البري، فإن الخبير تحدث عن بروز "قطاع نقل مواز في السنوات الأخيرة"، قال إنه ناتج عن "اختلال نظام النقل العمومي". وأعطى مثلا عن ظاهرة "الكلونديستان" التي أصبحت كما قال "عادية" في أغلب المدن الجزائرية. ورغم أنه اعتبر أن انتشارها الواسع راجع إلى عوامل ناجمة عن الأزمة الاقتصادية، فإنه شدد على أن عوامل أخرى تقف وراء ذلك، لاسيما غياب الرقابة والردع، إضافة إلى الخدمات التي يقدمها أصحاب هذا النوع من النقل للمواطنين نهارا وليلا، لاسيما وأن النقل البري يعد الأكثر استخداما ببلادنا سواء لنقل الأشخاص أو نقل البضائع، إذ يمثل نسبة 85 بالمائة.

ولمواجهة هذا الوضع، دعا مبتول إلى ضرورة تنظيم هذا النوع من النقل في شكل شركات كبيرة وليس في شكله الحرفي الحالي. وذكر بأن القطاع الخاص الذي طغى على هذا النشاط في السنوات الأخيرة أدى إلى "تفتيت" النقل البري، لاسيما بعد دخول مؤسسات "أنساج" في هذا النشاط بكثافة.

وطالب بضرورة تشجيع النقل الجماعي من أجل التخفيض من التكاليف ذات العلاقة باستخدام الطاقة وكذا حماية البيئة.وذلك عبر الدعم المباشر للاستثمارات في هذا المجال، ووضع سياسة أسعار جديدة لمستخدميه.

ولإعادة تنظيم قطاع النقل ببلادنا قدم الخبير أربعة اقتراحات، أولها "وضع إطار سياسي ومؤسساتي يسهل مشاركة القطاع الخاص في مجال البنى التحتية"، وثانيها "إدماج نظام الامتياز في النقل" وثالثها "تعزيز قدرات الحكومة والسلطات المحلية ليس لتسيير القطاع وإنما لضبطه" وآخرها "إعادة تأهيل خطوط السكك الحديدية، ما يسمح بمساهمتها بطريقة أفضل في نقل المسافرين والبضائع على المستوى الوطني وكذا المغاربي وحتى الإفريقي، بافتراض وجود سياسة اندماج مشتركة".

للإشارة، فإن عمال قطاع النقل، يعتبر من أكثر المتضررين من تداعيات انتشار وباء كورونا، إذ أدت الإجراءات الاحترازية التي لجأت إليها كل الدول ومنها الجزائر لفرض الحجر الصحي، إلى تجميد كافة أنواع النقل، وهو ما انجر عنه خسائر هامة لهذا القطاع.

وسيفرض على كافة وسائل النقل بعد رفع تدابير الحجر، اتخاذ إجراءات صارمة لضمان كل الشروط الصحية لنقل الأشخاص، ما يتطلب إعادة النظر في السلوكيات السابقة وتبني قواعد جديدة، يراها البعض مكلفة، وقد تؤثر على الأسعار.