الراحلة عائشة باركي تكرم بوسام "عشير"

مسيرة حافلة بالإنجازات في محو الأمية

مسيرة حافلة بالإنجازات في محو الأمية
  • القراءات: 939
وأ وأ

يبقى اسم الراحلة عائشة باركي، التي قرر أول أمس رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منحها وسام الاستحقاق "عشير" خلال اجتماع مجلس الوزراء، خالدا في مسار محو الأمية ومحاربة الجهل حيث ساهمت هذه المعلمة من خلال جمعية "اقرأ" في محو أمية أكثر من 6ر1مليون شخص على مدى اكثر من ثلاثين عاما.

وقد أمضت عائشة باركي حياتها في محاربة الأمية، التي تعد أبشع إرث تركه الاستعمار الفرنسي في أوساط المجتمع، خاصة لدى الشباب والعنصر النسوي. فبنضالها وعملها الدؤوب عملت هذه المرأة الاجتماعية التي لا تفارق الابتسامة محياها على غرس حب التعلم لدى كافة الشرائح منها كبار السن، حيث ترأست لعقود جمعية "اقرأ" الوطنية لمحو الأمية.

وبدأت عائشة باركي وهي من مواليد 12 يوليو 1946 بعين بسام في ولاية البويرة، التعليم في فروع محو الأمية في سن مبكرة والتدريس بشكل رسمي في مدارس العاصمة.

وكان التعليم بالنسبة لهذه المرأة المثابرة من أهم القضايا العادلة التي ناضلت من أجلها حين أتيحت لها الفرصة سنة 1963 لأن تكون من بين الفتيات اللواتي بدأن في التعليم بفروع محو الأمية، كمستخلفة إلى أن تحصلت على منصب عمل ثابت وبدأت التدريس بالحراش (الجزائر العاصمة).

بعدها انتقلت إلى مدرسة محمد إقبال، لتتدرج من معلمة إلى مديرة بمدرسة الموحدين بالعاصمة و كلل هذا المسار المميز بتقاعد مسبق بعد 32 سنة في مجال التعليم.

وقد بادرت عائشة باركي في بداية التسعينيات من القرن الماضي ، بتأسيس الجمعية الجزائرية "اقرأ" لمحو الأمية التي اعتمدت يوم 29 ديسمبر 1990، وذلك في ظروف جد صعبة كانت تمر بها الجزائر. وتم الإعلان الرسمي عن ميلاد هذه الجمعية يوم 8 جوان 1991 المصادف لليوم العربي لمحو الأمية.

وحددت الجمعية أهداف لتحقيقها منها محاربة الأمية في أوساط الشباب والرسوب المدرسي وغرس روح التعلم لدى كافة فئات المجتمع. كما عملت الجمعية على إنشاء مراكز محو الأمية في كل مناطق البلاد وتدعيم الفئات المعنية بمكافحة الأمية بكل الوسائل الحديثة والسهر على تدعيم التربية لدى كافة فئات المجتمع فضلا عن إنشاء مراكز تعلم الحرف والصناعات التقليدية للنساء الماكثات في البيت.

واستفادت المرأة الريفية أساسا من التعليم الذي توفره "اقرأ"، خصوصا تلك المتواجدة بالمناطق المعزولة بالتراب الوطني (الشاوية والنايلية والمزابية والتارقية... الخ) والتي أبعدتها الظروف التاريخية عن حقها الأساسي في القراءة والكتابة.

ونجحت الفقيدة باركي في هذه المهمة النبيلة في جلب أكبر عدد ممكن من المنخرطين في مشروعها. وتشهد على ذلك العديد من الشهادات التي تلقتها الجمعية ورئيستها على غرار الجائزة الدولية لمحو الأمية لمنظمة اليونيسكو سنة 1997 وجائزة منظمة "اليسكو" سنة 1998 وجائزة منظمة "ايسيسكو" سنة 2000.

وفي سنة 1994، منح المجلس الدولي لتعليم الكبار جائزة "روبي كيد" للفقيدة عائشة باركي وتولت منصب نائب رئيس المجلس، علما أنها تحصلت كذلك على صفة مراقب لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة سنة 1988 وكانت من بين مؤسسي المجلس الاقتصادي والاجتماعي لإفريقيا سنة 2008. كما تعتبر جمعية "اقرا" عضوا في العديد من المنظمات غير الحكومية العربية.

وعملت الفقيدة كذلك على إنشاء مراكز تعلم الحرف والصناعات التقليدية للنساء الماكثات في البيت وتطوير الوسائط التكنولوجية في محاربة الأمية وواصلت تحديها في محارية الأمية بشعارها "حريتي في محو أميتي" لعقود لتكلل جهودها بوضع استراتيجية لمحو الأمية بالجزائر، مكنت من تخفيض نسبة الأمية عام 2019 إلى 7ر8 بالمائة مقابل نحو 85 بالمائة عند الاستقلال.

ومكنت هذه الاستراتيجية الجزائر من الحصول على جائزة اليونيسكو لمحو الأمية لعام 2014 نظير المجهودات المبذولة لرفع نسبة التمدرس من طرف جمعية "اقرا".

وكللت مجهودات ومساعي عائشة باركي بإصدار كتاب "أمحو أميتي" بثقافة اللاعنف كمساهمة منها في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف التي تشرف عليها وزارة التضامن الوطني وقضايا الأسرة تحت شعار "من أجل مجتمع آمن".

واصلت الفقيدة مجهوداتها في آخر مسارها النضالي  والجمعوي بإطلاق مشروع تعليم الأمازيغية للكبار في إطار محو الأمية عبر كل أرجاء البلاد.

أصيبت الفقيدة عائشة باركي بمرض عضال ألزمها الفراش منذ يناير 2019 إلى أن وافتها المنية يوم 28 مايو من نفس السنة. وتبقى مسيرتها المشرفة رصيدا شاهدا على إخلاصها لوطنها وإسهاماتها في الحركة الجمعوية.