الهبات التضامنية العائلية

الوجه المشرق لأيام المحنة

الوجه المشرق لأيام المحنة
  • القراءات: 700
 أحلام محي الدين أحلام محي الدين

إن الظروف العصيبة التي مررنا بها خلال أيام الحجر بفعل فيروس ”كورونا” الذي شل الاقتصاد الدولي، وامتدت لأشهر بثقلها، خاصة مع رمضان الكريم الذي يعرف بمصروفه الخاص لدى العائلات الجزائرية، التي تفضل خلاله المحافظة على العادات والتقاليد وفرحة المائدة المتنوعة التي تلبي مطالب كل أفراد العائلة، وتوقف الكثير من الأشخاص عن العمل، على غرار أصحاب الحرف الحرة، جعل عائلاتهم تعاني حاجة كبيرة، خاصة بالنسبة لمن يفتقر لما يغطي به النفقات بعد توقف العمل خلال أيام الجائحة، وهو ما غطته العائلات بالتضامن العائلي الذي امتد حتى إلى الجيران، لمحاولة تخفيف الأعباء وتقاسم الخبزة، كما يقال، وهو ما أكده لـ"المساء”، الكثير من المواطنين.

أشار محدثو ”المساء”، إلى أن أيام الحجر المنزلي كانت شديدة الوقع على الجميع بمستويات مختلفة، فعلاوة على تعطل مصالح الحياة، على غرار العمل والزواج والزيارات العائلية والتواصل الأسري، كان العامل المادي قد أثقلها، نزولا على أرباب الأسر الذين وجدوا أنفسهم قاب قوسين أمام فراغ الجيوب وغلاء الأسعار، وعدم توفر المال لتغطية حاجيات أسرهم، خاصة أصحاب المهن الحرة والمطاعم ومحلات الأكل السريع وكذا الحرفيين، التي استوجب إغلاقها لدرء الضرر عن الجميع، إلا أن التآزر العائلي وصلة الرحم كان لها وقع كبير خلال هذه الأيام العصيبة، كما أوصى بعض أئمة المساجد بضرورة تفقد الأهل ومعرفة احتياجاتهم، خاصة أمام الشح الذي ضرب الجيوب، ففي ليلة رمضان، اختار الشيخ ياسين إمام مسجد عين النعجة، أن يذكر الناس بمزايا الصدقة وأهميتها في هذا الظرف العصيب، بضرورة تفقد الأهل ومعرفة احتياجاتهم، على غرار الخال والخالة والعم والعمة والأجداد، ومن لنا بهم صلة، لمساعدتهم على تخطي الأزمة بسلام، موضحا أن أعظم الصدقات، هي تلك التي توضع في يد المحتاج في الظرف القاهر.

أكد محمد (حلاق)، أنه وجد صعوبة كبيرة في العيش، بعد إغلاق محله، ويقول ”مررت بظروف صعبة لا يعلمها إلا الخالق، للأسف، لم أتوقع حدوث أمر كهذا، كما أنني قمت بصرف ما لدي على تجهيز البيت، لأجد نفسي بلا دينار في الجيب، ومع اشتداد الأزمة، لم أجد أمامي سوى أخي حفظه المولى، موظف لكنه قنوع كبير، فقد قام باقتسام راتبه معي فور استلامه، لقد اقشعر بدني في أول مرة أخذت من يده ما أغطي به حاجتي، خاصة أن لدي ابن رضيع وآخر في الرابعة وزوجة مريضة، كان الأمر مفرحا، فقد سخر المولى أخي لفتح باب لم أتوقع فتحه مع الهم الذي عشته خلال الأسبوع الأول من الحجر، كان عصيبا جدا وكان أخي في قمة الأخوة”. أعربت أسماء (أم لأربعة أبناء مقيمة بولاية غليزان)، عن سعادتها الكبيرة بالهبة التضامنية لعائلتها، التي شكلت اجتماعا طارئا ترأسته الأم بعد أن توقف دخل زوجها، لأنه عامل يومي، وتقول ”اتصلت بي أمي رعاها الملك، تسأل عن أحوالنا مع الداء لتطمئن، وفي سياق الكلام، أخبرتها أن زوجي لم يعمل منذ عشرة أيام، وأن ما لدينا من مخزون غذائي بدأ ينفذ، وعلى عجالة، استأذنت وأقفلت الخط، لتقوم بالاتصال بإخوتي وأخواتي، وسألت كل واحد منهم عما يستطيع المساعدة به، وبسرعة جمعت مبلغا من المال وقامت بتحويله إلي عن طريق البريد، لقد كان كبيرا جدا بالنسبة لي، لأن زوجي عامل بسيط ويجني 1200 دج يوميا، وقد أرسلت لي الوالدة 45 ألف دينار، وأخبرتني أنها ستعمل رفقة إخوتي على مساعدتي لاحقا.. لقد شعرت بفرحة كبيرة سحقت القهر الذي كنت أشعر به خلالها، وأزالت الخوف عني”.

من جهته، أشار السيد رياض (إطار في مؤسسة)، إلى أنه عمل خلال الأيام الماضية على مساعدة المحتاجين من عائلته، من خلال جعل القفة ثلاثا، أي أنه كان لدى دخوله إلى السوق يقوم بشراء ثلاث دجاجات، 3 كيلوغرامات لحم وغيرها، مع اكتمال باقي المشتريات، ثم يحملها ويضعها في يد القائم على المنزل، مع السؤال عن الاحتياجات الأخرى، ويقول ”لقد عمدت لشراء احتياجات أفراد من عائلتي مماثلة لحاجتي، لأكون عادلا معهم، وهذا ما فتح باب التضامن على مصرعيه، وعمل غيري في العائلة من المقربين على انتهاج نفس الطريق، وكانت النتائج إيجابية جدا، فقد جنيت الكثير من دعوات الخير، ولم يكن أفراد عائلتي بحاجة للمساعدة من الخارج.