مواطنون يحصلون عليها بصعوبة وآخرون يتحايلون في وضعها

نقص في الكمامات ومضاربة في أسعارها

نقص في الكمامات ومضاربة في أسعارها
نقص في الكمامات ومضاربة في أسعارها
  • القراءات: 2176
استطلاع: زهية. ش استطلاع: زهية. ش

عرفت مختلف بلديات العاصمة على غرار بلديات الوطن، توزيع عدد معتبر من الكمامات مجانا على المواطنين، الذين التزم بعضهم بوضعها، تطبيقا لقرار إجبارية استعمالها، بينما أظهر آخرون تهاونا ولامبالاة في ذلك، رغم أن الأمر يتعلق بصحتهم وصحة غيرهم، حيث يؤكد المختصون على ضرورة وضع الكمامة وتوفير الظروف والشروط الضرورية لذلك. لكن الكثيرين يشتكون من عدم توفرها بالقدر الكافي وإن توفرت فبأسعار ليست في متناول الجميع.

رغم اتخاذ قرار إجبارية استعمال الكمامة، وانعكاسه الإيجابي على صحة المواطنين ووقايتهم من فيروس كورونا، إلاّ أنّ العديد من المواطنين لم يلتزموا بهذا القرار، رغم امتلاكهم للكمامة، وذلك باعتمادهم سلوكا غير حضاري، يعكس لامبالاتهم بخطورة تصرفاتهم، وكذا التحايل في استعمالها، حيث يضعها البعض أمام رجال الأمن خوفا من الغرامة المالية، وليس خوفا على صحتهم وصحة عائلاتهم والمقربين منهم.  

وما أثار الانتباه أكثر، هو إقدام البعض على نزع القناع الواقي والتغافر يومي العيد، كما لاحظناه ببلدية الرويبة، في تصرف يعكس عدم وعي وخرق الالتزام بإجراءات الوقاية من هذا الفيروس الخطير، وارتفاع عدد الحالات المسجلة، كما أن البعض لا يحترم أيضا مسافة الأمان في غياب الكمامة.

والمشكل المطروح أيضا، هو وضع كبار السن للكمامات، بينما أبناؤهم وخاصة الأطفال الصغار لا يستعملونها، عند احتكاكهم بالآخرين، ويسمح لهم في بعض الأحياء باللعب وخرق إجراءات الحجر الصحي من قبل هذه الفئة، نتيجة تهاون أوليائهم، وكأن الفيروس لا يصيب الأطفال الذين قد ينقلونه للعائلة بأكملها.

مواطنون يشكون الندرة

وإذا كان البعض لا يضعونها تهاونا، فإنّ البعض الآخر لم يتمكنوا من الحصول عليها، بسبب توزيعها الفوضوي والعشوائي في بعض المناطق، ومحدودية إمكانياتهم المالية لاقتنائها، مثلما أشار إليه بعض المواطنين لـ"المساء"، مؤكّدين أن السلطات المحلية لم توزعها في بعض الأماكن المعزولة ومناطق الظل، بينما أكد المعنيون أنه تم خلال عملية التوزيع، مراعاة أولوية الفئات العمرية المسنة والأحياء والتجمعات السكانية المسجل بها حالات إصابة مؤكدة بفيروس كورونا.

في هذا الصدد، ذكرت مواطنة من بلدية الابيار، لـ "المساء"، أنّها لم تتمكّن من الحصول على الكمامة على مستوى الصيدليات، واضطرت لاقتنائها من بلدية القبة، بمبلغ 65 دينارا ولمدة صلاحية لا تتجاوز أربع ساعات، بينما أشار بعض سكان مزرعة شعلال السعيد بالرويبة، إلى أنه تم حرمانهم من الكمامات التي لم توزع بمنطقتهم، ما جعل البعض يخيطها بالمنزل تفاديا لتعرضهم للعقوبة، في حين طالب آخرون بتوفيرها بالصيدليات من أجل اقتنائها ولو بمبلغ 40 دينارا، عوض توزيعها بطريقة فوضوية بالطرق، في الوقت الذي تم فيه على مستوى بعض المناطق تجاهل الجمعيات ولجان الأحياء وعدم التعامل معها، لإيصال الأقنعة لكافة المواطنين، بعد أن أصبحت إجبارية.

في هذا الإطار، دعت جمعية حي عدل 1500 مسكن الموقع 1، و2، الهضبة الجنوبية، أولاد فايت، السلطات المحلية لتزويدها بالكمامات لتوزيعها على سكان الحي، خاصة بعض المصابين بالأمراض المزمنة، حيث أكدت إحدى الأمهات، أنها لم تتمكن من الحصول على كمامة لابنها المصاب بالسكري، حيث أبدى بعض من تحدثنا إليهم اقتناعهم بضرورة استخدامها، إذا توفرت لديهم.

مبالغة ومضاربة في أسعار الكمامات

بدورهم، أكد بعض الصيادلة لـ"المساء"، أن الكمامة التي يتم جلبها من الصيدلية المركزية، تباع بصيدلياتهم بـ50 دينارا للمواطنين، غير أن البعض منهم يعيد بيعها بأسعار تتراوح بين 55 و150 دينارا، حيث يرفعون السعر ويضاربون فيه، في عز أزمة صحية خطيرة، بينما يلزم التجار بإحضار وثيقة تثبت نشاطهم من أجل الحصول على علبة كاملة من الكمامات الطبية، فيما توزع تلك التي يتم خياطتها بالمجان على المواطنين.

من جهتهم، أظهر بعض التجار، صرامة تجاه المواطنين غير الحاملين للكمامة، ومنعهم من دخول المحلات دونها، مثلما قام به احد تجار الأقمشة ببلدية الرغاية، في حين لا يعير آخرون اهتماما لذلك.

إلياس مرابط: ضرورة توعية المواطنين ومرافقتهم

وفي تعليقه على قرار إجبارية وضع الكمامة، ثمن رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، إلياس مرابط، في تصريح لـ"المساء"، هذا الإجراء الذي طالبت به نقابته في بداية ظهور الوباء، لما له من أهمية في الوقاية من العدوى، مؤكدا على ضرورة وضع الكمامات تحت تصرف المواطنين، تجسيدا لقرار إجبارية وضعها، وتوسيع استعمالها.

وحسب المتحدث، فإنّ الظروف لم تتوفر بعد لتجسيد هذا القرار ميدانيا، كون الكمامات لا توجد في مختلف الأماكن وحتى في بعض الصيدليات، بينما عجز آخرون عن اقتنائها، لسعرها غير المناسب، حيث أن 40 دينارا للقناع ليس في متناول الجميع، خاصة أن الكثير من المواطنين فقدوا مصدر دخلهم بسبب الحجر الصحي، كما أن الكمامة يتم تجديدها كل أربع ساعات بعد استعمالها.

من جهة أخرى، أكد مرابط، على ضرورة، التوعية والتحسيس ومرافقة المواطن، لرفع مستوى حسه المدني وتوفير الكمامات وتوزيعها بالمجان قدر المستطاع وبأسعار معقولة.

على صعيد آخر، استحسن الإجراءات الردعية، والصرامة في تطبيق قرار إجبارية الكمامة، مع مراعاة الظرف الذي نعيشه، حتى لا تكون انعكاسات سلبية على نفسية المواطنين.

حسان منوار: الكمامة يجب أن تصبح عادة استهلاكية

من جانبه، رحب رئيس جمعية "أمان" لحماية المستهلك، بقرار إجبارية وضع الكمامة، الذي يعتبر إجراء تكميليا للإجراءات الأخرى، منها احترام مسافة الأمان والتعقيم والنظافة، معتبرا أن استعمال الكمامة جد ضروري، كون الفيروس ينتقل من الفم، مثلما أكده المختصون.

وأشار المتحدث، إلى أن استعمال الكمامة يجب أن يكون تلقائيا من قبل المستهلك، خوفا من الفيروس وليس من الغرامة المالية، مضيفا أن الكمامة يجب أن تكون صحية وبالنوعية اللائقة وتحمي بنسبة 75 بالمائة، عكس بعض الكمامات التي لا تحمي إلا بنسبة قليلة ولا تتوفر فيها شروط الوقاية.

واقتراح المتحدث وضع بطاقة تقنية خاصة بكيفية خياطة الكمامة ونوعية القماش المستعمل، ووضعها تحت تصرف الراغبين في خياطتها، مؤكدا على ضرورة التزام المواطنين بوضعها لحماية نفسه دون إخضاعه للعقوبة، وعدم الخروج من البيت دونها، وجعلها عادة استهلاكية تستعمل في زمن الكورونا وعند الإصابة بأمراض أخرى معدية.

وحذر المتحدث من الظروف غير المناسبة المعتمدة خلال توزيع الكمامة والفوضى التي تشهدها هذه العملية في بعض المناطق، والتي قد تكون سببا في نقل العدوى، لعدم احترام مسافة الأمان والازدحام وغيرها من التصرفات الخاطئة.

مصطفى خياطي: فرض الصرامة هو الحل

بدوره، أشار رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، مصطفى خياطي، لـ"المساء", للإيجابيات العديدة للكمامة، ودورها في حماية المواطنين، مؤكدا على ضرورة الصرامة في إجبارية استعمالها، لوضع حدّ للتهاون واللامبالاة، وما ينتج عن ذلك من إضرار بصحة الآخرين، معتبرا أن إجبارية وضع الكمامة يحمي الجميع من العدوى.

وحسب المتحدث، فإنّ الأقنعة متوفرة ويمكن للمواطنين خياطتها بأنفسهم وبإمكانيات بسيطة، خاصة وأنها قابلة للغسل دون اقتناء أخرى جديدة.


قسنطينة: ندرة الكمامات والمضاربة يثيران الاستياء

التزم القسنطينيون بارتداء الكمامات الطبية، امتثالا لقرار السلطات بإجبارية وضع الكمامات الواقية، كإجراء احترازي لمنع تفشي جائحة كورونا، حيث لمست "المساء" خلال جولتها الاستطلاعية أنّ غالبية المواطنين الذين صادفناهم، في أول يوم من دخول هذا القرار حيز التنفيذ، كانوا ملتزمين بارتداء الأقنعة الطبية رغم ندرتها ببعض الأماكن وارتفاع أسعارها بعد اغتنام بعض التجار الانتهازيين الأزمة، مشيدين في تصريحاتهم بقرار الحكومة كونها حريصة على سلامة المواطنين.

شهدت أغلب الصيدليات توافدا يوميا على شراء الكمامات تطبيقا لقرار الوزارة الأولى، غير أن المواطن غير راض، فسعر الكمامة لا يقل عن 50 دينارا، فيما استاء أخرون من النوعية الرديئة، حيث تتمزق أربطتها المطاطية بمجرد وضعها، كما اشتكى عدد من المواطنين من ندرة الكمامات والمضاربة في أسعارها، وذلك بسبب الإقبال الواسع على شرائها، منذ أن قررت الحكومة فرض ارتدائها على جميع المواطنين في إجراء جديد لمحاصرة انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث عبروا عن استيائهم من إعلان بعض المحلات التجارية عن نفاد الكمامات، بعد أن استحوذ عليها بعض الانتهازيين الذين عمدوا إلى بيعها بأثمان خيالية قبيل تدخل مصالح الأمن بأوامر حكومية وتسقيف ثمنها بـ50 دج بالنسبة لكمامات ذات الاستعمال الواحد، فيما بلغ سعر الكمامات متعددة الاستخدامات 100 دينار، غير أنها ليست متوفرة لدى معظم الصيدليات، كما تم فرض الرقابة اليومية لمنع بيعها بالسوق السوداء، في خطوة لمساعدة المواطنين والحد من بعض الممارسات التي لا تصب في صالح المواطن وتهدف لتحقيق الربح على حساب سلامة المواطن.

وألهبت رحلة البحث عن الكمامات الواقية بين الصيدليات والمتاجر الكبرى، العديد من صفحات التواصل الاجتماعي، حيث أثار الكثير من النشطاء معاناتهم للحصول على كمامة، تقيهم العدوى وأيضا عقوبة السجن والغرامة المالية، فيما لجأ الكثير منهم إلى الاعتماد على الكمامات المنزلية، بعد أن عكفت عديد السيدات ممن يملكن آلات خياطة على صنع كمامات بقماش "التيرقال" ومنحها للأطفال الصغار لبيعها خاصة وسط الأحياء الشعبية، حيث تراوح سعرها ما بين 20 و30 دينارا للكمامة الواحدة.

وقالت سيدة إنّ هذه الكمامات صالحة للاستعمال عدة مرات بعد غسلها وكيها بالمكواة، مشيرة إلى أنّ وضعها المادي مع ما فرضه الحجر بسبب هذه الجائحة، أوقف نشاط زوجها الذي كان يعمل باليوم، وشراء كمامة يكلف أكثر من شراء كيس حليب لسد رمق أفراد العائلة، فيما أضاف مواطن آخر أنه كان يستوجب على السلطات التنقل للأحياء الشعبية والفقيرة لتوزيع الكمامات على من لا دخل لهم بدل توزيعها في شوارع وسط المدينة على مواطنين قد لا يحرجهم شراء كمامة في أيّ وقت، مشيرين في نفس السياق إلى أنّ توزيع الكمامات بالمجان لم يف بالغرض رغم أن السلطات المحلية قامت بتوزيع قرابة 5 آلاف كمامة.

في سياق متصل، أجمع أصحاب بعض الصيدليات التي زارتها "المساء" على أن ارتداء الكمامة بات أمرا ضروريا للغاية في ظل تزايد عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد- 19)، خاصة وأن ذلك من شأنه تقليل فرص انتشار العدوى بين الأشخاص، بغض النظر عن نوعها كونها تساهم في الحماية من انتقال العدوى، مؤكدين أن الشخص الذي يرتدي الكمامة يحمي الآخرين من انتشار الفيروس، بناء على قاعدة أن كل شخص يجب أن يعتبر نفسه حاملا للفيروس وبالتالي يرتدي هذه الكمامة ليحول دون خروج الرذاذ أثناء التنفس أو العطس وهو من أسرع طرق انتشار العدوى.

كما شدد الصيادلة على أهمية التزام المتسوقين بارتداء الكمامة في الأماكن العمومية والمجمعات التجارية، لاسيما وأن هناك ترددا كبيرا على هذه الأماكن وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الاختلاط بين أفراد المجتمع، ما قد يكون سببا في انتشار الفيروس بينهم، ويأتي دور ارتداء الكمامة لتكونها خط دفاع أول عن صحة الفرد والذين يخالطهم سواء في مكان العمل أو في الأسواق والمجمعات التجارية.

أما عن نوعية الكمامة التي يمكن للأفراد ارتداؤها فأضافوا أنه لا يوجد مشكلة في ارتداء أي نوع من الكمامات وأن الهدف فقط هو أن يحمي الشخص الآخرين من تطاير الرذاذ من فمه في حالات العطس على سبيل المثال، مع التشديد على ضرورة التخلص منها بعد انتهاء مدتها في سلة المهملات أو غسلها وتعقيمها اذا كانت تستعمل أكثر من مرة.

ح. شبيلة