وثائقي فرنسي أساء للحراك الشعبي

"ألجيري مون أمور" يمارس البروباغندا على الجزائريين

"ألجيري مون أمور" يمارس البروباغندا على الجزائريين
"ألجيري مون أمور" يمارس البروباغندا على الجزائريين
  • القراءات: 2494
ق. ث / دليلة مالك ق. ث / دليلة مالك

شوّه الفيلم الوثائقي الفرنسي "ألجيري مون أمور" أو "الجزائر حبي" للمخرج مصطفى كسوس، الذي بث سهرة أول أمس على القناة الفرنسية فرانس5، الجزائر والجزائريين وبالأساس الحراك الشعبي، من خلال ممارسة بروباغندا علنية بتوجيه محتواه السوداوي بغرض التأثير على الجزائريين، إذ يقترح العمل البديل الأوروبي أو الأمريكي لنجاة الجزائريين، وهناك من صرح ببديل العيش في فرنسا وهي الفكرة التي روّج لها الفيلم بتركيز كبير.

الفيلم الذي مدّته 70 دقيقة، إنتاج 2020، يقدّم أفكارا بعيدا عن الموضوعية، فهو مختل وغير متوازن، يرجح كفة واحدة على حساب إلغاء كفة ثانية، الأمر الذي يتنافى مع أبجديات أيّ وثائقي على الأقل مهنيا، إذ لا يجيب على الأسئلة المتعلقة بأي عمل وثائقي، وربما لا يرقى حتى لروبرتاج، حيث تجاوز المخرج حده وتطاول على الحراك الشعبي وصوّره في أبشع صورة، إذ حاول تشويه مطالب الحراك السياسية، بالحديث عن حريات شخصية تتعلق بالجنس، والاشتغال على المرأة الجزائرية على أساس أنها مقهورة، والشباب الذي لا يجد لنفسه مكانا في وطنه، ولا يرى أملا فيها ولا مستقبلا.   

ووضع المخرج نفسه في تناقض صارخ، كيف للجزائريين الذين خرجوا في 22 فيفري 2019 من أجل حريتهم في اختيار مصيرهم السياسي، في حراك شعبي لم يكن له مثيل، ثم يوجه صاحب الفيلم أفكاره نحو ضرورة الهجرة من الجزائر، من خلال بعض من الشهادات المقدمة، إنه بذلك (مصطفى كسوس)، يعكس ضعفه في التحكم في الموضوع ونية غير بريئة في تشويه صورة البلاد.

اعتمد هذا الربورتاج الذي قدمه على أساس أنه وثائقي على صوت واحد، متمسكا برأي وحيد، لم يتحمل عناء الاستماع لطرف ثان أو فكرة ثانية، أو أخذ شهادات أو تصريح مخالف، سواء من عامة الجزائريين أو المحسوبين على النظام، فهذا العمل أخذ موقفا ضد الجزائر قصدا يرجح أن تكون أسبابه سياسية. 

وأثار الفيلم غضب الجزائريين وعبروا عنه على منصات التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير منهم من أرسلوا رسائل تنديد لصفحة القناة على الفايسبوك، معتبرين أن "ألجيري مون أمور" عمل استفزازي يسيء للحراك.

ولم يجد "المخطّطون" من وسيلة لمحو الفشل سوى اللجوء إلى إعادة بث الشريطين مرات ومرات إلى نهاية الشهر القادم من باب "ربما يغير الجزائريون موقفهم"، رغم أن الرأي العام الجزائري في الداخل وفي الخارج أصدر حُكمه النهائي على هذه الحملة التي تستهدفه وتستهدف "حِرَاكه" ودولته، وأن موقفه لن يتغير ولو واصلت "فرانس 5" و"ال سي بي" ومن انساق معهما بث هذه "السقطة الإعلامية" إلى يوم القيامة وليس فقط إلى غاية نهاية جوان. حكم المشاهدين عبر ردود الفعل المسجلة هو: "لقد فَشَلْتُم وانكشف بُهتاَنكم، وإن لم تَسْتحوا فبثوا ما شئتم".

مؤسِف أن تَسْقط "فرنسا الرسمية" ولو من وراء ستار بشكل غير مُحْتَرِف في مسار مُعادٍ للجزائر !! اللجوء إلى أساليب بالية كنا نعتقد أنها زالت إلى الأبد، تجعلنا نضع علامة استفهام كبرى عن الخلفيات الحقيقية لهذه الحملة المستهجنة؟! مازال "المخططون" والمدبرون يتصرفون بأساليب قديمة مألوفة، لم تَعُدْ تحرك شعرة رضيع جزائري.الجزائريون غيروا اتجاه بَوْصَلتهم نحو التغيير ما بأنفسهم، ولن يقبلوا وصية أحد، فما بالك توجيه الذين ينظرون إلى الجزائريين بمنظار قديم توقفت عقارب ساعته في جزائر ما قبل 12 ديسمبر 2019 حتى أكون رحيما ولا أقول قبل 1962.

لقد أساء "عُراب" التلفزيون الفرنسي العمومي في اختيار المحتوى والتوقيت والضيوف، وأساؤوا إلى "حراكنا" المبارك، محاولين تقزيمه، يجمع اغلب المعلقين على شبكات التواصل الاجتماعي. واضح أنهم منزعجون من سلمية الحراك ومن التحولات الكبرى والمتسارعة التي تشهدها الجزائر، بل من ديناميكية الجزائريين في بناء "الجزائر الجديدة".

وسبق للدعاية الفرنسية وأن قامت بتمويل وإنتاج أعمال مماثلة بقصد التشويه، والأمثلة كثيرة، لكن لابد من الوصاية اليوم وكل سينمائي جزائري أن يهتم بهذه المواضيع، لإنتاج أعمال وثائقية وروائية على قدر من الاحترافية، لتصحح الصورة، وتكشف عن الوجه الحقيقي للجزائر على اختلاف انشغالاتها السياسية أو الاجتماعية.