الباحثة المصرية صفاء البيلي ضيفة منتدى المسرح:

المونولوج جزء من المونودراما وليس رديفا لها

المونولوج جزء من المونودراما وليس رديفا لها
  • القراءات: 2499
د. مالك د. مالك

أكدت الكاتبة وباحثة المسرح المصرية صفاء البيلي، خلال تنشيطها منتدى المسرح الوطني الجزائري على فايسبوك، حول موضوع "المونودراما.. إشكالية المصطلح وسلطة المؤدي الواحد"، أكدت أن هذا الفن يغوص في أعماق النفس البشرية، ويدخل في مناقشات عقلية حول العديد من المشاكل التي يعيشها البطل/الجمهور، وأنه ليس رديفا للمونولوج وفق المتناول؛ إذ إن المونولوج هو واحد من أجزاء المونودراما.

استهلت البيلي مداخلتها قائلة: "قيل إن فن المونودراما هو فن البوح. وقيل إنه فن الملل والإملال. وقيل إنه فن الجنون وفن النخبة الكريهة. واعتقد البعض أنه فن الممكن والرخيص والمتاح. وآخرون قالوا إنه فن نسائي؛ اعتقادا أنه يعتمد فقط على الثرثرة والحكي والبوح!". وأضافت: "بعيدا عن أي مسميات، تظل المونودراما الفن الممتع والوحيد الذي يمنح مؤديه لذة التفرد على ساحة المسرح، التي تشبه إلى حدٍّ كبير ساحة حياته المليئة بالأسرار. كما يلتقي مع المتلقي/الجمهور في نقطة التقاء مشابهة، حيث يشعر أن هذا الكائن المشتعل أمامه على المسرح ليس إلا ارتدادا لما يعيشه هو من لحظات تحوله وجنونه وعقله انطلاقه واكتئابه! إنه الفن الذي يغوص في أعماق النفس البشرية، ويدخل في مناقشات عقلية حول العديد من المشاكل التي يعيشها البطل/الجمهور".

وبخصوص المصطلحات والتسميات العلمية التي تطلق على فن المونودراما، أوضحت الباحثة أنها كثيرة، بل أحيانا متفاوتة، تبعا لاختلاف آراء متعاطيها كتابة وتمثيلا وإخراجا؛ إذ لم يوجد من النقاد حتى الآن من وضع لها أسسا ومدارس أو قواعد محددة كما حدث مع فنون المسرح الأخرى. فأحيانا لا يفرِّق البعض بين المونولوج والمونودراما، ويطلقون على أي عمل "مونودراما" تسمية "مونولوج" لمجرد أن البطل يظل يحدث جمهوره ويشكو مشاعره ويدخله معه في هوة الحكي وتفاصيل روحه، "ساردا" أحد المواقف التي مر بها أو أثرت فيه وتأثر بها.

وقد يكون المونولوج "مغنى" تراجيديا أو كوميديا نلحظ وجوده بشكله الغنائي الدرامي الخالص في بدايات اختراعه، ثم تطور في مصر على يد ثريا حلمي وإسماعيل يس ومحمود شكوكو، بيد أن المونودراما كفن مكتمل، تختلف اختلافا كبيرا عن المونولوج، ولكن ما حدث هو شيوع اللفظ وانتقاله دلاليا من مفهومه إلى مفهوم آخر، وهو المونولوج الذي يعد جزءا لا يتجزأ من تكوينات المونودراما.

وأشارت إلى أن الكثير من الشباب والهواة يضعون المونولوج والمونودراما في كفة واحدة حين يتكلمون عن المونودراما، في حين أن العلم يقول إن المونولوج أو المناجاة وحدة من وحدات النص المونودرامي.. وتأتي قوة المونودراما بداية من الكاتب الذي يلتقط موضوعا هاما أو قضية ملحة تهم قاعدة بشرية ما، ثم يكرس قلمه ولغته وخبراته الكتابية واللغوية والدرامية لتحويل الفكرة إلى نص يؤمن به المخرج، فيبحث عن ممثل يحمله رسالته ورسالة الكاتب ليوصلها للجمهور، وطبعا أداء الممثل وتعدد مستوياته مع ما يناقشه العرض من أهم عوامل النجاح.

وأكدت البيلي لدى إجابتها على أسئلة المعلقين، أن هناك دوما إشكالية في تلقي فن المونودراما؛ لأن هذا الفن حتى وقت قريب، لم يكن يعني بالضمير الشعبي الجمعي، فهو يسعى للخلاص والتطهير الفردي الذاتي، لذا مع تطور هذا الفن بات الكاتب الذي يبدع هذا النوع من الفن، يضع نصب عينه الجمهور، فيبحث عن قضاياهم، محاولا غزوهم حقيقة لا عملا بمبدأ اجتذابهم التجاري.

وبخصوص فكرة سلطة المؤدي الواحد، قالت البيلي إن هناك استسهالا، في حين أن المسألة مختلفة تماما، فالممثل الذي يقوم بأداء عرض مونودراما عليه أن يكون "غولا" على خشبة المسرح. وذكرت بعض الأمثلة على غرار رفيق علي أحمد في المسرح اللبناني. ومن العراق عزيز خيون وعواطف نعيم. ومن الجزائر صونيا مكيو وتونس آيت علي. ومن مصر سناء جميل وأحمد ماهر. ومن الإمارات عبد الله مسعود، مؤكدة أن  كتابة نصوص المونودراما القوية ليست سهلة، وكثيرون يعتقدون أنها مجرد قص ولصق، وأن أي عمل يمكن أن يتحول بجلسة إلى مونودراما".

صفاء البيلي شاعرة وكاتبة مسرحية وباحثة من مصر. صدر لها العديد من الدواوين الشعرية والنصوص المسرحية عن الهيئة العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة المصرية. وفي رصيدها العديد من الجوائز المحلية والعربية في مسرح الكبار ومسرح الطفل وعن الدراسات المسرحية، وقد أطلق عليها لقب "أميرة المسرح الشعري"؛ حيث يعتمد مشروعها المسرحي على هذا النوع من الكتابة المسرحية، وكذلك لقب "سيدة المونودراما". كما قدمت العديد من الورش في الكتابة المسرحية، ولها مشاركات في لجان تحكيم لمهرجانات عربية. وتم تكريمها في مصر والجزائر وسلطنة عمان والعراق وتونس نظرا لمساهماتها المسرحية المتعددة سواء في الكتابة أو النقد، وقد قدمت نصوصها على مسارح مصر وعدة دول عربية، وهي مؤسس ورئيس تحرير موقع "المسرح نيوز" المعني بنشر الثقافة المسرحية، وتشتغل حاليا على إنجاز رسالة الماجستير الخاصة بها في مجال المونودراما.