بومرداس

عودة تدريجية للحياة والأثر الاقتصادي لكورونا متواصل

عودة تدريجية للحياة والأثر الاقتصادي لكورونا متواصل
  • القراءات: 720
حنان سالمي  حنان سالمي

عادت الحياة تدريجيا بكبرى مدن ولاية بومرداس بعد التراخيص الممنوحة مؤخرا لعدة أنشطة تجارية؛ في محاولة للتقليل من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، حيث لوحظت حركة تجارية محتشمة لاسيما بمحلات الألبسة والأحذية ومحلات الأدوات الكهرومنزلية وغيرها، فيما يبقى الركود مسجلا ببعض الأنشطة الأخرى على غرار الحلاقة الرجالية والنسوية.

زارت "المساء" عددا من المحلات التي عادت إلى نشاطها التجاري بعد الرفع التدريجي للقيود المفروضة بسبب الحجر الصحي منذ قرابة شهرين بسبب تفشي فيروس كورونا، حيث لاحظت عودة محتشمة لبعض الأنشطة التي كانت إلى وقت قريب، مقيّدة، مثل محلات الألبسة وبيع الأحذية ومحلات بيع الأدوات الكهرومنزلية، إلى جانب محلات تصليح أجهزة التلفاز وبيع المستقبلات الرقمية، ناهيك عن دكاكين الحلاقة لاسيما الرجالية.

وفي حديث جمعنا ببعض التجار المزاولين لمختلف تلك الأنشطة، أجمعوا على أن الآثار الاقتصادية بسبب جائحة كورونا كبيرة وتثقل الكاهل، حيث لايزال الركود سائدا بسبب تواصل التزام شريحة واسعة من السكان بتعاليم الحجر المنزلي؛ خوفا من الفيروس، يقول أحد باعة الأحذية، الذي اعتبر الآثار مستمرة بدليل الركود المسجل عالميا بسبب إغلاق المطارات والموانئ. وبالنسبة للمتحدث فإن زوال الأثر الاجتماعي والاقتصادي للظرف الراهن قد يسجل بمرور شهرين إلى ثلاثة أشهر، ذلك لأن البضاعة الحالية كانت مكدسة بالمحل، وهي تخص موسمي الشتاء والربيع، بينما الزبائن يطلبون بضاعة الصيف كالصنادل والأحذية الخفيفة، وهو غير متوفر حاليا بسبب الإغلاق المسجل بالصين البلد المورّد لهذه البضاعة، بينما لمح بائع آخر للأحذية، إلى أنه حتى مع الترخيص بمزاولة النشاط إلا أن عدم توفر النقل إشكال آخر لا بد من النظر إليه بعين الاعتبار، سواء بالنسبة للعمال للالتحاق بأماكن عملهم، أو بالنسبة للنقل الجوي والبحري من أجل استيراد البضائع.

المتحدث يعتبر نفسه محظوظا؛ إذ احتفظ بمخزون للأحذية الصيفية النسائية بمخزن خاص لديه؛ ما مكّنه من استخراجه في هذه الفترة الصعبة. وقال إنه في اليوم الواحد يستقبل ثلاثة زبائن على أكثر تقدير، بسبب الالتزام بالحجر المنزلي، وأنه ينتظر آخر أسبوع من رمضان ليسجل بعض الانتعاش في تجارته، موضحا أنه اكتفى بصرف نصف أجر لعاملين لديه للشهر المنصرم، بينما لم يعط بنات يشتغلن عنده، أجرتهن في محل آخر، وحجته في ذلك أن الرجال أرباب أسر لا بد من إعانتهم؛ لأن الظرف استثنائي. كذلك اعتبر بائع أدوات كهرومنزلية أن الأثر الاقتصادي لجائحة كورونا كبير جدا، وعزاؤه الوحيد في هذا أنه ظرف استثنائي عالمي ولا يخص الجزائر لوحدها. وقال إنه فتح محله التجاري أمس بعد إغلاق دام 45 يوما، مؤكدا أن الفاتورة ثقيلة بسبب الإيجار المرتفع المقدر بـ 50 ألف دينار، ناهيك عن العامل الذي يعمل عنده، والذي دفع له نصف الأجرة الشهرية لتخفيف الأثر الاقتصادي، موضحا أن تزويد محله بأدوات كهرومنزلية جديدة يبقى معلقا بسبب إغلاق المصانع المحلية والركود التجاري العالمي لنفس الأسباب.

أما إحدى صاحبات صالون للحلاقة النسوية، فاعتبرت أن الظرف الصحي الحالي استثنائي بأتم معنى الكلمة، والسبب ليس فقط صحيا بتفشي فيروس كورونا، وإنما اقتصادي كذلك؛ ما كان له الأثر الاجتماعي الكبير؛ تقول محدثتنا إنها أوصدت صالونها ببلدية الثنية لمدة تقارب ستة أشهر بسبب أشغال تحسينية، وبمجرد إعادة فتحه اضطرت لإغلاقه مجددا؛ امتثالا لقرار الإغلاق وطنيا بسبب الجائحة. ولمحت إلى أن هذا الوضع أثقل كاهلها، خاصة أن صاحب المحل يلح عليها دفع مستحقات الكراء المحددة بـ 20 ألف دينار لسنتين كاملتين، وهو ما اعتبرته أمرا مستحيلا لعدم مزاولتها أي نشاط لمدة طويلة، كما أن كراء المنزل أمر ثقيل، ناهيك عن الضرائب الواجب دفعها، وهو نفس ما يؤكده محمد ريال عضو الفيدرالية الوطنية للحلاقة والتجميل، الذي أكد أن ولاية بومرداس تحصي تقريبا 500 حلاق وحلاقة من أصحاب الصالونات، منهم محترفون وذوو مؤهلات عالية، اضطروا لإغلاق أبواب محلاتهم قرابة شهرين، وحتى بعد الترخيص لعودة نشاطهم فإن نسبة قليلة من الزبائن تسجل بهذه الصالونات أو ذاك، بسبب التخوف السائد من الفيروس، داعيا السلطات المعنية إلى أهمية النظر بعين الاعتبار، إلى هذه الشريحة؛ لأنهم من بين المتضررين من هذا الظرف الاستثنائي. واقترح أن تشمل الحلاقين والحرفيين عموما تدابير الإعانة المالية المقدرة بعشرة آلاف دينار، المقررة مؤخرا من طرف رئيس الجمهورية، إضافة إلى إعانة أخرى لمساعدة الحرفيين في تخليص كراء المحلات على الأقل بـ 50%، معتبرا أن الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا ستبقى متواصلة بسبب ضياع ما أسماه الأصل التجاري، ويقصد به الزبائن الذين يترددون على محله منذ سنوات طويلة، وهو رأس المال، الذي لا بد من إعادة بنائه مجددا، وهذا يتطلب ـ حسبه ـ سنوات أخرى.