في أول قرار بعد نجاته من موت محقق بفيروس "كورونا"

الوزير الأول البريطاني يرفض رفع الحجر الصحي

الوزير الأول البريطاني يرفض رفع الحجر الصحي
الوزير الأول البريطاني يرفض رفع الحجر الصحي
  • القراءات: 952
م. مرشدي م. مرشدي

انتظر البريطانيون بترقب كبير، أمس، أول ظهور للوزير الأول بوريس جونسون بعد تعافيه من وباء "كورونا" واستئنافه مهامه الحكومية، تماما كما تابعوا فترة علاجه ومدة النقاهة التي قضاها بعيدا عن أمور السياسة في وقت حرج فرضه انتشار هذا الوباء بين عامة البريطانيين.

وهو ترقب طبع أيضا مواقف مختلف العواصم الأوروبية التي كانت تنتظر أول قرار سيتخذه جونسون بعد عودته إلى "10 داونينغ ستريت"، حيث مقر الوزارة الأولى البريطانية، حول ما اذا كان سيقرر رفع إجراءات الحجر الصحي أم الإبقاء عليها كأفضل طريقة لمواجهة تداعيات فيروس "كورونا" الذي أودى بحياة اكثر من 20 ألف بريطاني إلى غاية مساء أمس.

وعلى عكس قرارات نظرائه الأوروبيين، فقد فضل الوزير الأول  البريطاني التريث مفضلا الإبقاء على قرار الحجر الصحي الذي فرضه في أقاليم المملكة المتحدة، قبل إصابته بالوباء حاثا في ذلك كل البريطانيين على التحلي بمزيد من الصبر واحترام قرار الحجر الذي قال انه مكن بريطانيا من تفادي الكارثة من خلال تمكنها من التحكم في المنحنى التصاعدي لتفشي الوباء.

ولا يستبعد أن تكون التجربة الصعبة التي مر بها في مواجهة خطر الفيروس الذي ادخله العناية الطبية المركزة لعدة أيام هي التي جعلته يلتزم الحذر والحيطة في اتخاذ قراره، وكأنه أراد أن يقول لنظرائه الأوروبيين أنكم لم تمروا بالمحنة التي مررت بها وأنا لست مستعدا في الوقت الحالي، للمقامرة برفع إجراءات الحجر ولو كان جزئيا.

وكشف جونسون عند المدخل الرئيسي لمقر الحكومة البريطانية في أول تصريح لعشرات الصحفيين الذين كانوا في انتظار عودته انه يتفهم درجة قلق البريطانيين بعد أكثر من شهر قضوه رهن الحجر ولكنه دعاهم إلى التحلي بمزيد من الصبر واعدا إياهم باتخاذ إجراءات "خلال أيام" بخصوص خطة تكييف إجراءات مواجهة أزمة تسببت ـ  كما قال ـ في فوضى اقتصادية واجتماعية عارمة. وحاول الوزير الأول البريطاني القول من خلال هذه الملاحظة أنه يجد نفسه تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية قوية من أجل الأخذ بخيار تخفيف إجراءات الغلق ولكنه فضل رغم ذلك التريث وعدم المغامرة ولو إلى حين وراح يحذر مما أسماه بـ"الخطر الأقصى" الذي مازال يتهدد الشعب البريطاني، بما يستدعي الامتثال لقرار الحجر المعمول به إلى غاية السابع ماي القادم لتفادي ظهور موجة تفشي جديدة للوباء.

وحاول جونسون كسب البريطانيين إلى جانبه من خلال الإشارة إلى تجربته القاسية  مع الفيروس ضمن طريقة ذكية حتى يتفهموا قراره بتأجيل رفع القيود على نشاط  وحركة عامة المواطنين، رغم إقراره بأن ذلك يبقى أمرا صعبا عليهم ولكنه لا يريدهم أن يرهنوا كل التضحيات التي بذلوها  إلى حد الآن لمواجهة عدو خفي من خلال المخاطرة باحتمال ظهور موجة تفشي ثانية لعدو قاتل.

ويكون الوزير الأول  البريطاني بانتهاجه سياسة حذرة في التعامل مع وضع وبائي خارج اطار السيطرة الطبية في غياب علاج فعال ضد الفيروس قد خالف مواقف الدول الأوروبية التي بادرت منذ امس في أولى إجراءات الرفع التدريجي للحجر الصحي الذي فرضته رغم استمرار تسجيل وفيات بالمئات، كما هو الحال في إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، البلدان الأكثر تضررا في القارة الأوروبية

وهوما يفسر لجوء حكومات أوروبية إلى اتخاذ قرارات أحادية الجانب مراعية في ذلك واقعها الداخلي بعيدا عن سياسة الوحدة والتضامن الأوروبي الذي دعت إليه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس عندما أكدت  على ضرورة تكاثف جهود كل دول الاتحاد ضمن خطة موحدة لمواجهة الآثار الكارثية للفيروس على كل مظاهر الحياة في الدول المتضررة منه.

وعاد التلاميذ النرويجيون، أمس، إلى مقاعد الدراسة من جديد ضمن أول إجراء تتخذه سلطات هذا البلد  لتأكيد قضائها على فيروس "كورونا" دون أن يمنع ذلك من تعالي أصوات أوليائهم الذين انتقدوا قرارا وصفوه بالسابق لأوانه بقناعة أن أبناءهم ليسوا فئران تجارب  حتى تتم التضحية بهم.

كما سمحت الحكومة الإسبانية بالسماح للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 سنة بالخروج من منازلهم للعب في حدائق مجاورة وعدم الابتعاد لأكثر من كلم واحد في وقت فضلت فيه الحكومة الإيطالية إعطاء الضوء الأخضر بإعادة فتح المحلات التجارية الصغيرة والسماح  للمتسوقين، شراء احتياجاتهم من المواد الغذائية اليومية دون التفريط في إجراءات الوقاية الصحية وخاصة شرط وضع الكمامات واحترام مسافة التباعد الاجتماعي، تماما كما فعلت السلطات السويسرية وقبلها النمساوية والألمانية.

كما عاد طلبة الثانويات والمتوسطات الصينية إلى مقاعد الدراسة وسط إجراءات وقائية صارمة بعد عطلة مفروضة امتدت على مدى أربعة أشهر كاملة ضمن قرار لم يتجرأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على اتخاذه  وهو المعروف عنه تصريحاته العلنية، الرافضة لإجراءات الحجر رغم بقاء بلاده كأكبر بؤرة للوباء بتسجيلها لحوالي 55 الف وفاة وقرابة مليون مصاب بالوباء من قائمة مصابين في العالم قاربت عتبة ثلاثة ملايين شخص وتوفي منهم 205 آلاف مصاب ضمن قائمة كارثية مازالت مفتوحة على مآسي قادمة.