صدور "شموع ثقافية لن تنطفئ بحد الشكالة"

الراحل عبد القادر ميلود الشاعر الحالم بالأفضل

الراحل عبد القادر ميلود الشاعر الحالم بالأفضل
  • القراءات: 1070
مريم. ن مريم. ن

صدر عن دار خيال للنشر والترجمة، منذ أيام، كتاب بعنوان "شموع ثقافية لن تنطفئ بحد الشكالة"، جمع وتنسيق الأستاذين محمد مشلوف والطيب بن ربعية. ويُعتبر العمل دليلا على أن الراحل ميلود عبد القادر لم يعبر الحياة كأي شخص، ولم يكن شاعرا عاديا ورئيس اتحاد الكتّاب فرع وهران فحسب، بل كان قامة ثقافية لا تكفّ عن النضال من أجل غد أفضل.

لم يكن الشاعر الراحل عاديا، يكتفي بالكتابة بوصفها فعلا حيويا، قد تغني الشاعر عن أفعال أخرى، لكنه اختار أن تكون شمعة في عصر امتاز بتعدد مصادر العتمة والقلق والريح، التي من شأنها أن تطفئ  كل مصدر للتوتر مهما كان صلبا، فميلود عرفته الجزائر مناضلا ثقافيا، مؤمنا بأن الغد سيكون أفضل من خلال الثقافة، التي انتقى فيها سنوات طويلة، وحاول أن يصنع من خلالها فضاءات تتسع لأحلامه وأحلام المثقفين الذين رافقوه وشاركوه التجربة.

جاء في غلاف الكتاب أن "الراحل من مقامات الجمال، ويُعتبر رحيله مقاما للخلود، فلا يمكن بأي شكل أن يُنسى، وقد ترك مكانه شاغرا ومحاطا بأصدقاء. هذا الكتاب الذي جاء معبرا عن تراجيديا فقد مفاجئ من جهة، وعن رغبة كل أصدقاء الشاعر في تخليد مواقفهم منه، ورؤاهم تجاهه كشاعر وإنسان وناشط ثقافي، لم يسترح إلا بموت نقله نحو فضاءات قد تكون أوسع لروحه المشعة والمحبة للشعر والإنسان والجمال أينما وُجد".

رحل الشاعر رئيس فرع وهران لاتحاد الكتاب الجزائريين ميلود عبد القادر، في 3 سبتمبر 2019، إثر وعكة صحية مفاجئة ألمت به، أُدخل على إثرها قسم العناية المركزة بمستشفى "أول نوفمبر" في وهران، ليتوفى عن عمر ناهز 58 سنة، ودُفن بمقبرة واد الفل ببلدية حد الشكالة بعمي موسى بولاية غليزان.

صدرت للراحل ميلود عبد القادر عدة دواوين، من بينها ديوان "عمر الغريب". وقدم في السنوات الأخيرة عدة أدوار تلفزيونية ومسرحية، كما كان نشطا في الساحة الأدبية، من خلال تنظيمه الأشعار؛ من فصيح وشعبي وكلمات الأغاني، وإشرافه على العديد من الملتقيات والفعاليات الأدبية، علاوة على مرافقته المواهب الشابة في عالم الإبداع وتشجيعه لها. وفي المقابل، اختص الفقيد في مجال الأدب الشعبي، وظفر بالعديد من الجوائز طيلة مسيرته الأدبية.

كان الشاعر ميلود عبد القادر أدلى في تصريحه لصحيفة "البديل"، بكتابته الشعر بأنواعه، مضيفا أن ليس للشعر لغة معينة أو محددة، بل هو ملزم بالارتباط بالصدق. أما عن تكليفه برئاسة فرع وهران لاتحاد الكتاب الجزائريين، فاعتبره الراحل واجبا وطنيا، مشيرا إلى أنه كمبدع جزائري، يحزنه أن تخلو مدينة وهران من هذا العملاق (اتحاد الكتّاب الجزائريين) من الناحية الإدارية، أما الكتاب فموجودون باختلاف اتجاهاتهم، راجيا أن يتحد مبدعو وهران تحت لواء اتحاد واحد.

وكان اتحاد الكتّاب الجزائريين عزّى أسرة ورفقاء الراحل، معتبرا إياه أخا عزيزا غاليا، ومبدعا متميزا، شاء الله، ولا راد لقضائه، أن يفارقنا ويودّعنا هكذا فجأة. للتذكير، كتب حينها صديق الراحل المقرب عزوز عقيل، عضو الأمانة الوطنية لاتحاد الكتاب الجزائريين والمكلف بالنشاط الثقافي، "أيها الموت لماذا لم تتريث قليلا؟!".

وسأل ميلود عبد القادر "لماذا أردت أن تستعجل الزمن وأنت الذي تبتسم في وجه كل مصيبة؟ لماذا خانتك الابتسامة هذا المساء وأنت الذي كنت لا تأبه بكل الصعوبات؟ لماذا اختار الموت ابتسامتك الرائعة؟ لماذا لم يتريث قليلا ونشرب مزيدا من كؤوس الشاي؟ لماذا أتى مستعجلا؟ لماذا باغتنا ونحن مازلنا نخطط لمشاريع قادمة، لقصائد استعصى مجيئها منذ سنوات وأنت تلاطفني بقصيدة (الكذكذة)؟!".

وكتب أيضا: "ألم يجد الموت كأسا أخرى غير هذه الكأس المريرة، ليسقينا منها مرارة وألما؟ كنت منذ أيام أحن إلى لقاءات قادمة، وكان معرض الكتاب سيجمعنا بكل محبة وإيخاء، كنت وكنت، ولكن ماذا عساها تفعل هذه الكنت؟".