يواجهون باستماتة ضغط العمل وخطر الفيروس

عمال معهد باستور في حالة تأهب قصوى

عمال معهد باستور في حالة تأهب قصوى
  • القراءات: 693
شريفة عابد شريفة عابد

يعيش عمال معهد باستور بالعاصمة حالة استنفار قصوى منذ ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا بالجزائر، أدخلتهم في دائرة التأهب والتحدي اليومي للخطر المميت، في ظل التزايد المستمر في عدد حالات الإصابة المؤكدة، ما جعلهم يجابهون خطر الموت بروح مسؤولية عالية وإصرارا تام انحناء للواجب المهني  الإنساني، حيث تم تنظيم العمل بدوام متواصل وتطليق الحياة الاجتماعية، حسبما أكده لـ«المساء" الدكتور في علم المناعة أمين رحماني، الذي اغتنم الفرصة لتجديد دعوته المواطنين إلى احترام تدابير الوقاية من انتشار الفيروس، حفاظا على سلامتهم من جهة، وعرفانا بتضحيات الطواقم الطبية والمخبرية التي تعاني من الضغط الكبير في هذا الظرف الحساس، من جهة أخرى.

ويروي الدكتور رحماني يوميات عمال معهد باستور الذين كيفوا طريقة عملهم بشكل يضمن مواجهة انتشار الفيروس الجديد، في تحد دائم ومستمر رغم الضغط المتزايد الذي أملته طبيعة الوباء السريع الانتشار، بشكل شبهه بسرعة انتشار الضوء"، حيث قال في هذا السياق، "كل يوم يحمل تحديا جديدا بالنسبة لنا، لأننا في مواجهة مباشرة مع الموت داخل المخابر نتعامل مع الفيروس، ونحاول معرفة خصوصياته ونحن نعلم أنه فيروس قاتل".

وأشار محدثنا إلى أنه "منذ أن بدأ انتشار الوباء في الجزائر ضاعف الأطباء وعمال معهد باستور من ساعات الدوام، فهم لا يبرحون المخابر طيلة أيام الاسبوع ويعملون بنظام دوام مستمر عبر كل ساعات اليوم 24 ساعة على 24 ساعة، من أجل تحليل العينات التي تصل إلى المعهد من مختلف المستشفيات المنتشرة عبر العاصمة والولايات المجاورة، والتي تزداد أعدادها يوما بعد يوم".

وأوضح الدكتور رحماني أن معهد باستور بالعاصمة يتعامل اليوم مع فيروس كورونا وما يحمله من خطر على صحة البشر "وكأنه في حالة حرب"، من خلال تجنيد جميع المخابر التي يتوفر عليها لاستقبال العينات الخاصة بوباء كورونا، باعتبار مكافحته والتصدي له تمثل أولوية وطنية.

على هذا الأساس، حسب المتحدث وضع تسخير المخابر لتحليل العينات والكشف عن فيروس "كوفيد 19"، منها تلك التي كانت مخصصة لمراقبة البكتيريا والمضادات الحيوية، وقسم المكربيولوجيا الغذائية، وقسم الطفيليات، وقسم مراقبة اللقاحات وقسم المناعة، فضلا عن مخابر الفيروسات المتواجدة بسيدي فرج، تحت تصرف الطواقم الطبية المكلفة بالكشف عن فيروس كورونا وتحليل العينات الخاصة بالمرضى والحالات المشتبه بها القادمة من المراكز الاستشفائية الوطنية.

واستجابة للطلب المتزايد على التحاليل المخبرية للفيروس "كوفيد 19"، فتح معهد باستور ملحقات أخرى بكل من ولايات قسنطينة وهران وورقلة من أجل استقبال العينات الموجهة للتحليل، يضاف إليها التحاق جامعة تيزي وزو بمهام التحليل الخاصة بفيروس كورونا.

ويتوفر معهد باستور بالعاصمة على امكانيات لتحليل أزيد من 400 عينة في اليوم، فيما أكد الدكتور رحماني وجود إمكانية لرفع هذا المستوى من التحليل، حسب الاحتياجات وعدد العينات التي تصل إلى المعهد، "حيث سخرت الطواقم  الطبية نفسها للعمل دون انقطاع".

أما بالنسية للفترة التي يستغرقها تحليل العينات وإعلان النتائج فهي تقدر بخمس ساعات، حسب الدكتور أمين رحماني، الذي أوضح في هذا الخصوص أن الضرورة الملحة لضمان نجاعة ودقة التحليل، تستدعي تجميع حزمة من العينات من أجل إخضاعها جملة للتحليل باستخدام الوسائل الطبية.

وبلغة المتخصص، أشار محدثنا إلى أن العمل المخبري للعينات التي يفحصها الأطباء يرتكز على تحليل عنصر "أ أر أن" المتواجد في الفيروس. وهو مماثل للحمض النووي "أ دي أن" لدى الانسان، مع فحص تفاعل "البوليميراز" المتسلسل ذي التناسخ العكسي، ليتم إثرها تفسير النتائج التحليلية الحاملة للفيروس، ثم تطبع  توقع وتعاد إلى اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تطور انتشار فيروس كورونا، التي  تعلن على أساسها النتائج النهائية والرسمية لعدد الاصابات في الجزائر، "بدرجة عالية من الدقة لا يشوبها أي شك".

زيادة على الالتزام المهني الذي يتحلى به عمال معهد باستور بالعاصمة وعملهم بدوام مستمر فرضه الفيروس القاتل، فهم يحرصون كباحثين كل في مجال تخصصه، على متابعة كل ما تطوره مخابر البحث عبر العالم، حيث يشاركون في تنشيط ندوات علمية عبر تقنية التواصل عن بعد، من أجل من تبادل التجارب سواء داخل الوطن أو خارجه، فيما يقوم بعضهم، على غرار الدكتور أمين رحماني بتلخيص جميع المستجدات العلمية ذي الصلة بالوباء واعادة تبسيطها ونشرها لفائدة المواطنين في إطار حملة التحسيس والتوعية.

وحتى وإن كانت الطواقم المخبرية التي تسير معهد باستور بفروعه عبر الوطن، ساهرة ليل نهار، من أجل تحليل كل العينات التي تصلها في الآجال القصيرة الممكنة، تفاديا لتراكم العينات وتسريعا لوتيرة علاج الحالات المصابة بالمستشفيات وتأمين الحجر الصحي للرعايا القادمين من خارج الوطن، بما يمكن من تسريح الحالات السليمة، فإن "تحلي المواطنين بروح المسؤولية والتزامهم بتوصيات منظمة الصحة العالمية من خلال الحرص على النظافة والتباعد الاجتماعي والالتزام بالحجر الصحي، تبقى أفضل وأنجع سبيل للتقليل من الاصابات وهزم هذا الفيروس القاتل" حسب الدكتور رحماني، الذي لفت إلى أن الانضباط الذي تحلى به الشعب الصيني، يبقى أكبر مثال على التغلب على الوباء، مادام العلماء لم يتوصلوا بعد إلى اكتشاف اللقاح المناسب للوباء. وكل ما في حوزتهم اليوم هو بروتوكولات طبية تختلف من منطقة إلى أخرى، في محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من الأرواح وهو "ما يحتم على المواطنين الالتزام بالحجر والامتثال التام للتعليمات الصحية الى غاية مرور هذه الأزمة الوبائية العالمية".