منتدى المسرح يستضيف الدكتور سوالمي حبيب

المدارس الإخراجية في الجزائر تعاني من تسطيح الرؤية

المدارس الإخراجية في الجزائر تعاني من تسطيح الرؤية
الدكتور سوالمي حبيب
  • القراءات: 1367
❊دليلة مالك ❊دليلة مالك

شكل موضوع "المدارس الإخراجية في الجزائر بين التقابل والتداخل"، محور نقاش منتدى المسرح الوطني الجزائري، مؤخرا، بمتابعة الدكتور سوالمي حبيب على منصة "الفايسبوك"، إذ يرى أن بعض المخرجين الجزائريين يعتمدون على مصطلح التجريب حتى يهربوا من سؤال محرج، مؤداه إلى أية مدرسة أو اتجاه ينتمي عملكم، والأصل في التجريب هو الوعي بخصوصية الاتجاهات، ثم التأسيس لنوع جديد وفق تجريب نظريات معينة، وليس الأصل فيه الهروب من أسئلة المتلقي المتخصص.

قال سوالمي، إن المدارس الإخراجية في الجزائر تعاني من تسطيح الرؤية عند المبدعين، إلا النزر القليل منها، الذي يقدم عرضه وفق رؤية إخراجية واعية بمدى أصالتها وكذا انتمائها، وقد يقول قائل، إننا في زمن ما بعد الدراما، لهذا الزمن خصوصياته. فهل نعرف معنى ما بعد الدراما، أم أنها هروب آخر من الأسئلة المحرجة؟.

صاغ سوالمي إشكالية مهمة، مفادها أن المخرجين الجزائريين عندما يتناولون نصوصا مسرحية إخراجيا، سواء كانت هذه النصوص عالمية أو محلية، هل يتناولونها بطريقة واعية أثناء إنتاجها، فيدركون أنها تنتمي إلى مدرسة إخراجية معينة، أم أن أعمالهم مجرد تجارب لا ترقى لأن تصنف في مدرسة معينة؟.

للإحاطة أكثر، ذكر ضيف المنتدى، ثلاثة نماذج معاصرة جدا، وهي مسرحية "سيفاكس" التي أنتجها المسرح الجهوي لوهران، وأخرجها عيسى مولفرعة، وقال عنها مخرجها، إنها تنتمي إلى المسرح الملحمي أو البريختي، لكن متلقي المسرحية يجدها مزيجا بين الواقعية التاريخية والنفسية وصلتها بالمسرح الملحمي، تتجلى على مستوى توظيف الراوي.

نموذج آخر معاصر جدا، يتمثل في مسرحية "فالحيط" التي أنتجها المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، وأخرجها عبد القادر جريو، وهي مسرحية سياسة مباشرة بامتياز، لكن على المستوى الإخراجي لا تكاد تأخذ نظرة عنها بأنها تنتمي إلى مدرسة معينة، حتى تجدها تدخل إلى مدرسة أخرى، وأعتقد أن المخرج في هذه المسرحية لم يأخذ في حسبانه سوى التشكيل الحركي على حساب مستويات أخرى.

نموذج آخر يتمثل في مسرحية "قلعة الكرامة"، للمخرج لخضر منصوري، وهو نموذج يقترب إلى تطبيق اتجاه مسرحي معروف، يتمثل في الواقعية النفسية، باعتبار أن المخرج تعامل مع ممثلين هواة وأصلح طريقة للتعامل مع هكذا ممثلين، هي الواقعية النفسية، رغم أن المخرج أراد أن يقول إنه قدم عمله وفق مزج بين مجموعة من التيارات، أو ما يعرف بالمسرح الشامل، لكن التدريبات التي قام بها مع الممثلين والمتابع للمسرحية يجدها تنتمي إلى الواقعية النفسية.

حسب الأكاديمي، تبقى مسرحية "افتراض ما حدث فعلا" لمخرجها لطفي بن سبع، من بين المسرحيات التي تظهر فيها نوعية الاتجاه المتبع بوضوح، فقد وفق بن سبع كثيرا في هذه المسرحية، حيث اعتمد على الجسد أو التعبير الجسدي بطريقة واعية جدا، وتابع متسائلا؛ هل فعلا ننتج مسرحا واعيا بالمدارس الإخراجية العالمية المعروفة، أم مازلنا في مرحلة ما قبل الدراما الحديثة؟

عرج المتحدث إلى المدارس الإخراجية العالمية التي كان لها دور في بلورة المسرح الحديث والمعاصر، وأسست لمفهوم جديد للعملية المسرحية، هذه الأخيرة كانت تنحصر في ثنائية الممثل والكاتب قبل ظهور فن الإخراج، لكن مع ظهور أول مخرج غربي (جورج الثاني)، بدأ الإخراج المسرحي يكتسب هويته شيئا فشيئا، فظهرت تيارات إخراجية متعددة كان كل تيار ينبثق من آخر ويتجاوزه تقنيا وفنيا، فعلى سبيل المثال، يجد الدارس للتيارات الإخراجية الحديثة والمعاصرة أن الواقعية الطبيعية في المسرح مع أندري أنطوان، قد تجاوزت الواقعية التاريخية التي أسس لها سكس مينجن، كما أن ستانسلافسكي خرج من قبعة الواقعية الطبيعية في الإخراج، وأسس مدرسة الممثل الخاصة به، والتي عرفت باسم الواقعية النفسية، كما خرج مايرهولد من رحم الواقعية النفسية ليؤسس ما عرف بالبيوميكانيكا أو المسرح الشرطي.

هذه التيارات، أو بمعنى أصح، رواد ومؤسسي هذه التيارات الإخراجية، كانوا على دراية ووعي بمجمل الحركيات الإخراجية التي انتشرت في أوروبا مع مطلع القرن الماضي، وعندما أسسوا مدارسهم الخاصة بهم، إنما أسسوها ليضيفوا رؤى جديدة تساعد في فهم المغزى الفني والفكري للعملية المسرحية.

يذكر أن الدكتور سوالمي، أستاذ محاضر بجامعة "أبوبكر بلقايد" في تلمسان، له عدة مشاركات بمداخلات داخل الجزائر وخارجها، وهو من أهم الأكاديميين الشباب المنكفئين على رصد الحركة المسرحية الجزائرية برؤية نقدية واعية.