البروفيسور يحيى مكي المختص في علم الفيروسات لـ" المساء":

على الجزائر تطبيق الحجر الجماعي لتفادي الكارثة الصحية

على الجزائر تطبيق الحجر الجماعي لتفادي الكارثة الصحية
  • القراءات: 527
شريفة عابد شريفة عابد

أوصى البروفيسور المتخصص في علم الفيروسات بمستشفى ليون بفرنسا، الخبير لدى منظمة الصحة العالمية، يحيى مكي عبد المؤمن، في تصريح لـ«المساء"، السلطات في الجزائر بالانتقال إلى مرحلة الحجر الجماعي العاجل وفرض حضر التجوال، تفاديا لتأزم الوضع مستقبلا وتجنيب البلاد كارثة صحية، مفسرا ارتفاع نسبة الوفيات بجملة من الأسباب، أبرزها وصول المرضى إلى درجة متقدمة من الإصابة، وهشاشة مناعة المصابين من أصحاب الأمراض المزمنة والمدخنين، فيما توقع طرح اللقاح المضاد للفيروس من قبل المخابر العالمية قبل شهر أكتوبر القادم.

 

وفي تعليق له حول المنحى التصاعدي للإصابات التي سجلتها الجزائر والانتشار السريع للوباء بعدة ولايات في ظرف 3 أسابيع فقط، أكد البروفيسور يحيى مكي عبد المؤمن، أن الوضع في الجزائر أصبح مقلقا، حيث بات من الضروري فرض حجر جماعي وتطبيق حظر التجوال، لتفادي وقوع كارثة صحية مستقبلا وتجنيب البلاد الانفلات الوبائي، مستشهدا بما عاشته فرنسا في بداية مراحل تفشي الوباء، حيث ساهم عدم الإسراع في اتخاذ تدابير صارمة في انتشار الفيروس بالشكل المخيف الذي هو عليه الآن.

واعتبر مصدر "المساء"، أن هذا الأمر ينطبق على جميع بلدان شمال إفريقيا المصابة بوباء كورونا، "حتى تجنب نفسها سيناريو أسوأ لا قدر الله، لاسيما وأن إمكانياتها الطبية محدودة وتبقى الوقاية الحل الأفضل والأنجع والأسلم لها".ووصف محدثنا الارتفاع الكبير في عدد الوفيات التي سجلتها الجزائر مقارنة بتعداد المصابين، حيث وصلت النسبة أول أمس، الأحد إلى نحو 10,7 بالمائة، بالأمر المخيف، مفسرا الأمر بثلاثة عوامل أساسية، يتعلق الأول ـ حسبه ـ بوصول المرضى متأخرين إلى المستشفيات، "حيث يكون الفيروس قد بلغ مرحلة متقدمة بجسم المصاب".

أما العامل الثاني، فيرتبط حسب البروفيسور يحيى مكي بكون غالبية المصابين بالفيروس من فئة أصحاب الأمراض المزمنة، "حيث تكون مناعة هذه الشريحة هشة نوعا ما، وبالتالي تكون مقاومة الجسم لفيروس "كوفيد 19" ضعيفة، ليبقى العامل الأخير المسبب لارتفاع الوفيات، وفق محدثنا، هو ضعف إمكانيات مصلحة الإنعاش والعناية المركزة.في سياق متصل، استبعد البروفيسور، أن تكون فئة الشباب في منأى عن الإصابة بالفيروس وعن خطورته التي تؤدي إلى الموت مثلما يروج له، حيث قال بأنها، تتعرض كغيرها للإصابة إذ خرقت قواعد الوقاية والسلامة التي تنصح بها منظمة الصحة العالمية.

وفي رده على سؤالنا المتعلق بمدى نجاعة دواء الملاريا في معالجة المصابين بفيروس كورونا، أكد البروفيسور يحيى مكي عبد المؤمن أن عقار "الكرونوكيل" الموجه لعلاج الملاريا، والذي أثبت صلاحيته لعلاج المصابين، حيث اعتمده الأطباء بفرنسا وتعافت حالات عند حقنها به بعدة مقاطعات ومنها مرسيليا وباريس، كونه موجه أساسا لعلاج الالتهابات التي يتسبب فيها (كوفيد 19)، يطرح إشكالية لدى أصحاب الأمراض المزمنة كأمراض القلب والسكري والحساسية والربو وكذا المدمنين على التدخين، حيث يمكن أن تتسبب الأعراض الجانبية التي يتركها هذا العقار لدى هذه الفئة في وفاتهم، مضيفا في سياق متصل إلى أنه "على كل حال يبقى التقدير الطبي للطبيب الذي يعتمد ما يراه الأنسب بالنسبة لاستعمال دواء الملاريا لعلاج المصابين بالكورونا من فئة أصحاب الأمراض المزمنة، حيث يمكن استعمال علاجات مرافقة لها لتفادي موت المصابين.

وتابع محدثنا في هذا الإطار، أن "دواء الملاريا الذي اكتشف منذ 30 سنة تقريبا، قد أثبت، فعاليته في علاج الالتهابات ولذلك فهو يستعمل اليوم لإنقاذ حياة المصابين بـ(كوفيد 19)، الذي يتسبب في التهابات حادة على مستوى الجهاز التنفسي".

أما فيما يتصل بالسباق المحموم بين المخابر العالمية لاكتشاف لقاح لفيروس (كوفيد 19)، قال البروفيسور إن التقديرات الحالية تشير إلى إمكانية طرح اللقاح بداية شهر أكتوبر القادم كأقصى تقدير.

وفي رده على سؤال متعلق بسبب الارتفاع المهول لعدد الإصابات بفرنسا وإسبانيا وإيطاليا مقارنة بالصين، أرجع محدثنا ذلك إلى عدم اتخاذ هذه البلدان للإجراءات اللازمة في وقت مبكر، موضحا أن نسبة الوفيات بإيطاليا مثلا، فاقت تلك المسجلة بالصين، "حيث انهارت المنظومة الصحية هناك مقارنة بالصين التي طبقت حجر صحي جد صارم وتمكنت من تخطي الأزمة".

بالمناسبة، وجه البروفيسور يحيى مكي دعوة لبلدان شمال إفريقيا من أجل فرض حضر التجوال ومنع الخروج إلا للضرورة، تجنبا لحدوث السيناريو الإيطالي ببلدانها ووقوع كارثة إنسانية، مشيرا إلى أنه "يتعين على شعوب هذه البلدان أن تمكث بالمنازل وتلتزم بالحجر حتى تمر مرحلة الوباء، خلال مدة مقدرة بأسبوعين أو ثلاثة والتحلي بالصبر والحيطة".وذكر في هذا الصدد بأن كل الدول ماعدا الصين، بدأت العدوة بها بشخص واحد ثم اثنين وثلاثة إلى أن وصلت إلى 14000 كما هو الحال بالنسبة لإيطاليا، ما يستدعي  حسبه  التحرك العاجل والفوري لتفادي كارثة صحية لا يحمد عقباها.