رئيس الجمهورية يبرز أهداف التعديل الدستوري:

بناء دولة قوية وتجنيبها الاضطرابات

بناء دولة قوية وتجنيبها الاضطرابات
  • القراءات: 408
ق. و ق. و

أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، أن تعديل الدستور "يهدف إلى بناء دولة قوية وتجنيبها الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة، رفقة العديد من دول العالم الذي يشهد تحولات عميقة".

وقال الرئيس تبون، في كلمة بمناسبة احتفال المجلس الدستوري بالذكرى الـ30 لتأسيسه، ألقاها نيابة عنه مستشاره بوعلام بوعلام، إن "فكرة تعديل الدستور، تعديلا عميقا وشاملا، والتي عبرنا عنها قبل الانتخابات الرئاسية لـ12 ديسمبر الماضي وبعدها، باعتبارها خطوة أساسية نحو الجمهورية الجديدة التي نؤمن بضرورة بنائها والتي يحتل فيها تعديل الدستور أولوية، الهدف المتوخى منه دولة قوية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون ويمارسون فيها حقوقهم بكل حرية في إطار القانون".

وأضاف رئيس الجمهورية، أن التعديل الدستوري يهدف أيضا "إلى مساندة ومرافقة مسار انفتاح المجتمع الجزائري على العصرنة في ظل احترام قيمه الحضارية والعمل على الحفاظ على استقراره وتجنيبه الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة التي تحيط بنا رفقة العديد من دول العالم الذي يشهد تحولات عميقة"، مشيرا إلى أن الجزائر تستعد اليوم لتعديل دستورها بمنهجية مدروسة، "حيث تزامن انطلاق المشاورات مع شخصيات وطنية حول هذا المسعى أساسا مع تكليف لجنة صياغة أوكلت لها مهمة تحضير تعديل الدستور، تتشكل من خبراء ذوي مستوى علمي رفيع، على أن يعقب ذلك نقاش واسع لمناقشته داخل البرلمان، ستبث مباشرة عبر مختلف وسائل الإعلام، حتى يدرك المواطن ويشارك في النقاش حول مختلف محاور التعديل. كما سيشمل النقاش مختلف شرائح الطبقة السياسية والمجتمع المدني".

وتابع السيد تبون في سياق متصل، "إن منهجيتنا في تجسيد هذه النظرة تقوم على أسس متينة وثابتة، بعيدا عن أي تصدع أو تحريف أو ارتجال"، الأمر الذي من شأنه ـ حسبه ـ "تجنيب بلادنا التي عانت من ويلات ومآسي الإرهاب واللااستقرار وعبر شعبنا عن رفضها جملة وتفصيلا".

كما لفت الرئيس تبون إلى أن الجزائر أعلنت - في إطار ذات النظرة - أنها لن تدخر أي جهد في سبيل إحلال السلم والاستقرار وحل النزاعات وبؤر التوتر سواء في البلدان المجاورة كمالي وليبيا أو في أي مكان آخر في إفريقيا وباقي أصقاع العالم. وهو مبدأ راسخ في السياسة الخارجية للدولة الجزائرية".

وأوضح بالمناسبة أن تعديل الدستور يمليه "التزامنا بضرورة التعبير عن طموحات الشعب إزاء التغيرات التي أفرزها الحراك الشعبي المبارك والذي أكدت في كل مرة التزامي بتلبية مطالبه وكل المستجدات التي ترتبت عن الواقع الجديد لبلادنا على المستوى السياسي، الاجتماعي والاقتصادي"، مبرزا أن خيار مراجعة الدستور يعد "محطة أولى ضمن رؤية شاملة ترمي إلى تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة وتصب في مسعى تمكين مجتمعنا من التحرر تدريجيا والتحكم في مقاييس العصرنة في إطار قيمنا الحضارية"، مؤكدا بأن "هذا الخيار يعبّر بحق عن بناء مشروع مجتمع عصري بدأنا إنجازه بخطى حثيثة وثابتة، مشروع مجتمع يقوم أولا وقبل كل شيء على تعزيز وتدعيم الانسجام والوفاق الوطني، انطلاقا من إعداد دستور يقوم على مرتكزات وجدت توافقا وطنيا حولها".

ولفت السيد تبون إلى أن هذه المرتكزات، تتمثل أساسا في حماية حريات وحقوق المواطن، أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد بكل أشكاله، تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وترقية دور البرلمان في مرافقة عمل الحكومة، فضلا عن تعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون والتكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات وتقنين المجال الإعلامي وتحسين نوعية الحكامة".

فرصة لتقييم الأشواط التي قطعتها الجزائر في مجال القضاء الدستوري

في سياق آخر، أكد رئيس الجمهورية أن الاحتفال بذكرى تأسيس المجلس الدستوري يعتبر "فرصة للوقوف وقفة تأمل وتقييم للأشواط التي قطعتها بلادنا في مجال القضاء الدستوري، الذي أصبح يكتسي أهمية بالغة في إرساء دولة القانون وترسيخ القيم الدستورية وحماية الحقوق والحريات"، معربا عن دعمه الكامل لما يبذله المجلس من مجهودات كبيرة تفكيرا وتحليلا وبحثا في سبيل إرساء قيم العدالة وحماية حقوق المواطن وحرياته وإرساء قواعد الاستقرار والسلم والعدل في العالم والتعاون والتكامل الذي تنشده الجزائر لتحقيق تنمية متوازية تعود بالخير على الجميع".

وأشاد الرئيس تبون بالخطوات الكبيرة التي قطعتها دول إفريقية وآسيوية وعربية في المجال الدستوري، بما يتماشى وخصوصياتها من جهة، وترسيخها لمبادئ دولة القانون والسهر على سمو الدستور وحماية الحقوق والحريات، من جهة أخرى"، مؤكدا أن "الجزائر التي دأبت على ضمان الاحترام الصارم للدستور، تسعى لتطوير الصرح المؤسساتي من خلال تعزيز نصوصها الدستورية وفرض احترامها من قبل جميع المواطنين والسلطات العمومية على حد سواء".

بالمناسبة، ذكر رئيس الجمهورية، بمكانة المؤسسة الدستورية في النظام المؤسساتي الجزائري بكونها "مؤسسة سيادة تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية وتحظى قراراتها، التي تستند إلى الدستور كمرجع أساسي لها، للتطبيق الصارم من قبل السلطات العمومية".