حداد، العرباوي ومعزوز متابعون بتهمة التمويل الخفي لها

أكثر من 700 مليار ضخت في حملة "الخامسة"

أكثر من 700 مليار  ضخت في حملة "الخامسة"
  • القراءات: 950
شريفة عابد شريفة عابد

واصل قاضي محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، أمس، الاستماع لرجال الأعمال والمسؤولين الكبار السابقين في الدولة المتورطين في قضايا فساد ذات الصلة بملف تركيب السيارات بالجزائر، وعلاقة هؤلاء بالتمويل الخفي للحملة الانتخابية للعهدة الخامسة الملغاة للرئيس المستقيل، حيث أبانت المواجهة التي جرت بين الأطراف المعنية بالملف، رصد مبالغ ضخمة قدّرها علي حداد، ما بين 700 و800 مليار سنتيم، قدمها رجال أعمال وفي مقدمتهم مركبو السيارات حسان العرباوي (20 مليار سنتيم) وأحمد معزوز (39 مليار سنتيم)، مقابل الحصول على امتيازات متعددة خارج القانون.

وافتتحت جلسة المحاكمة في يومها الثالث في حدود الساعة العاشرة وعشر دقائق، بعد أن اقتيدت المجموعة المتابعة في القضية ومنهم الوزيران الأولان السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ونجله فارس سلال، بالإضافة إلى وزيري الصناعة السابقين، يوسف يوسفي ومحجوب بدة، ووزير النقل والأشغال العمومية عبد الغاني زعلان، ورجل الأعمال علي حداد، ومدير ديوانه حاج سعيد، فضلا عن رجال أعمال آخرين منهم محمد بايري، وحسان لعرباوي وأحمد معزوز وإطارات من وزارة الصناعة ومديري البنوك المعنية بالفضيحة، إلى القاعة رقم 5 الموجودة بالطابق الأول للمحكمة، لمواصلة التحقيق معهم في القضايا المتابعين فيها.

ورافقت الجلسة تعزيزات أمنية شديدة داخل القاعة وخارجها كالعادة.  وافتتح القاضي سلسلة الأسئلة بتوجيه سؤال إلى مدير مجمع "اوتي اراش بي" علي حداد، يتعلق بتفاصيل تمويل الحملة الانتخابية للعهدة الخامسة لرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

حداد: سعيد طلب منّي نقل أكثر من 700 مليار إلى مكتبي

ودون أدنى محاولة للمراوغة أو النكران اعترف علي حداد، بتكديس مبالغ مالية ضخمة بمقر مديرية الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة بحيدرة، مشيرا إلى أن شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، طلب منه أولا المساعدة في إدارة حملة شقيقه ثم أخبره بوجود "مبلغ يتراوح ما بين 700 إلى 800 مليار سنتيم بالمداومة، وطالبني  بإخراجه بأي طريقة خوفا من السطو عليه من قبل مجهولين".

كما كلّف سعيد بوتفليقة، حداد بالاتصال بكل من الوزير الأسبق عبد المالك سلال، ووزير التجارة الأسبق عمارة بن يونس، من أجل تأطير الحملة الانتخابية، نافيا في المقابل بأن يكون قد كلّفه بجمع الأموال من الراغبين في تمويل الحملة الانتخابية.

واعترف علي حداد، بأنه نقل مبلغ قدره 19,5 مليار سنتيم فقط من مديرية الحملة إلى مكتبه بالدار البيضاء، مضيفا بأنه كلف مدير ديوانه حاج سعيد، بمهمة جلب المبلغ من عند شخص يدعى "أوران محمد"، قبل أن يوضح في هذا الخصوص بأن سحب الأموال تم على ثلاث مراحل، وهو ما أكدته إفادة السيناتور بالثلث الرئاسي حمود شايد، بصفته مديرا للمالية لحملة الرئيس بوتفليقة وقتها.. غير أن علي حداد، نفى صلته بشايد و معرفته بالرجل، رغم أن هذا الأخير كان قد أكد أن علي حداد، هو من عيّنه بمديرية الحملة الانتخابية.

وطلب القاضي من علي حداد، الكشف عن مصادر تلك الأموال لمواجهة أقواله مع أقوال أحمد معزوز، الذي كشف أن مصدرها "الأفسيو"، حيث أجاب في هذا الخصوص بالقول إن "رجال أعمال آخرين ساهموا في تمويل الحملة ومنهم عبد المالك بن حمادي، ومدير مجمع بلاط ومتيجي وحسن عرباوي وآخرين..".

وردا عن سؤال آخر يتعلق بالأسماء التي فتح بها الحساب البنكي بالقرض الشعبي الجزائري، قال حداد إنه "تم فتحه باسمي مديري الحملة الانتخابية عبد المالك سلال وعبد الغاني زعلان.

عرباوي قدم 20 مليارا ومعزوز 39 مليار سنتيم

كما وجه القاضي سؤالا لحسان عرباوي، الذي اعترف بضخ 39 مليار سنتيم في حملة الرئيس السابق، فيما أنكر علي حداد، من جهته درايته بتبرع رجل الأعمال حسان عرباوي بـ20 سيارة لمديرية الحملة الانتخابية للرئيس السابق ومبلغ مبالي قدره 20 مليار سنتيم، ليوضح بعدها العرباوي، أن الـ20 سيارة بيعت لمجمع الصحافة "وقت الجزائر".

في المقابل اعترف حداد، بتدخله لدى سعيد بوتفليقة لتسوية مشكل تقني خاص بربط الغاز بمصنع معزوز بالأربعطاش وهو المصنع الخاص بتكرير السكر، موضحا أنه لم يطلب من معزوز مقابل ذلك تمويل الحملة الانتخابية.

في حين جدد معزوز، التأكيد على أنه قدم مبلغ 39 مليار سنتيم كمساهمة في الحملة الانتخابية لحداد بمقر "الأفسيو"، مشيرا إلى أنه كان مرفوقا حينها بزميله محمد بايري. وواصل حداد، أقواله فيما يخص تمويل الحملة الانتخابية، مشيرا إلى أن جزءا من تلك الأموال رصد لكراء مقر المديرية بحيدرة بـ520 مليون، فيما وجهت 700 مليون لتأثيث المكتب وللمصاريف الأخرى، فيما نفى أن تكون هناك ثغرة مالية وفقا لما كشف عنه القاضي الذي قدر هذه الثغرة بـ6 ملايير سنتيم.


قال إن سلطته فاقت سلطة سلال وأويحيى

عشايبو: بوشوارب كان شيطانا..

قال رجل الأعمال عبد الحميد عشايبو، إن الوزير الأسبق للصناعة عبد السلام بوشوارب، هو من كان يقف وراء عرقلته ومنعه من تطوير استثماره في قطاع السيارات بصفته كان وكيلا لعلامة "كيا"، رغم خبرته الكبيرة في الميدان والتي تزيد عن 17 سنة، موضحا في رده على أسئلة المحكمة أن جميع المراسلات التي وجهها للوزيرين الأولين السابقين، عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، لحلحلة الوضع كانت تلقى تجاوبا منهما لكنهما لم يتدخلا لوقف تصرفات بوشوارب، "الذي كان يعتبر نفسه فوق الجميع".

وأشار عشايبو، وهو أحد الضحايا في ملف تركيب السيارات، إلى أن بوشوارب، كان يتمتع بنفوذ وسلطة تفوق سلطة الوزيرين الأولين، مستدلا بتدخل سلال "لدى هذا الوزير لكن دون جدوى، حيث لم يطبق بوشوارب، التعليمات.. فيما لم يقم أويحيى بأية محاولة رغم شرحي المستفيض في الملف للجدوى الاقتصادية لمشروعي الاستثماري". 

وكشف عشايبو، خلال جلسة الاستماع للمتورطين في قضايا فساد مرتبطة بملف تركيب السيارات، وكذا للضحايا والشهود من قبل القاضي بمحكمة سيدي امحمد، عن حقائق مثيرة ومعها السلطة الكبيرة التي كان يتمتع بها الوزير الأسبق للصناعة عبد السلام بوشوارب، الذي ذهب إلى حد تشبيهه بـ"الشيطان"، مؤكدا بأن سلطة هذا الوزير في ملف الاستثمار الخاص بقطاع السيارات كانت تفوق سلطتي الوزيرين الأولين السابقين عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، وقال الضحية وهو يروي سيناريو العراقيل البيروقراطية التي واجهها على مستوى وزارة الصناعة، إنه عندما أراد الاستثمار "رغم خبرتي في الميدان والتي تفوق 17 سنة وكذا سمعتي بالسوق، حيث تمكنت من تسويق أزيد من 500 ألف سيارة من 1999 إلى 2017، عبر 37 نقطة بيع معتمدة، مقابل التزامي الكامل مع مصلحة الضرائب التي دفعت لها 42 مليار دينار وتوفيري لحوالي 850 منصب شغل حرمت من حقي في الاستثمار".

واسترجع الضحية في هذا الإطار المساعي التي قام بها، حيث قدم في 18 سبتمبر 2016، ملفا للوزير الأول الأسبق عبد المالك سلال، لتتدخل بعدها وزارة الصناعة ممثلة في عضو اللجنة التقنية أمين تيرة، بصفته المكلف بالملفات التقنية "والذي كان يطبّق تعليمات بوشوارب، لتحطيمنا مقابل تسهيل الأمور لآخرين ليست لهم أية تجربة في مجال تركيب السيارات".

وكان عشايبو، يقدم في كل سانحة خبرته في مجال نشاط السيارات الذي دخله منذ 1996، حيث كان ممثلا لـ7 علامات من بينها "إيسيزي" و"كيا" و"سوزوكي" و"فورد"، حيث تم اختياره سنة 2002، مع مجمع "سيفيتال" كممثلين لعلامة فورد في الجزائر، والتي بيعت منها 7 آلاف سيارة

وأضاف عشايبو، أن "في 2014 بدأ بوشوارب، في تحطيمنا ولم يجب عن ملفاتنا بخصوص الاستثمار، وتركت لهم "كيا" وبعدها أقصوني من استيراد 6 علامات وحرموني من كل ملفات الاستثمار بخصوص باقي العلامات".

وأكد بأنه بالرغم من كونه كان يلتزم بدفع ضرائبه إلا أنه تفاجأ في 2016 بسحب ملف تركيب سيارات "فورد" منها ومنحه لرجل الأعمال "عيسيو" الذي لا يحوز على أية تجربة في هذا المجال.

تركيب السيارات جريمة في حق الاقتصاد الوطني

كما حمّل عشايبو، بوشوارب بكونه السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار السيارات في الجزائر، منتقدا طريقة تسيير ملف تركيب السيارات الذي اعتبره "جريمة في حق الاقتصاد الوطني"، حيث قال في هذا الصدد إنه كان بإمكانهالاستمرار في استيراد سيارة "بيكانتو" ودفع الضرائب كاملة، مع بيع المركبة بنفس سعر مصنع باتنة،"خلافا لأصدقاء بوشوارب، الذين لم يدفعوا الضرائب والرسوم وسوقوا عربات باهظة الثمن للجزائريين".

بوشوارب كان يرفض تعاملي مع الكوريين والأمريكيين

ولم تتوقف عملية نشر الغسيل عند هذا الحد، حيث كشف عشايبو، عن رفض السلطات الجزائرية أن يكون عشايبو، هو المتعامل لشركة "كيا" و"فورد" بالجزائر، موضحا أن مدير "فورد" هو من أخبره بهذه التفاصيل المثيرة، عندما قال له إن الوزير لا يريدك أن تتعامل معنا، ليستسلم في الأخير ويتنازل عن المشروع لحسان العرباوي، الذي كان مفضّلا لدى بوشوارب، مستعرضا في هذا الصدد الخسائر المادية التي تكبّدها.

وأبانت تصريحات العرباوي، صحة أقوال عشايبو، حيث أصبح وكيلا معتمدا لـ"كيا"، وقام بكراء قاعات العرض بوهران، وبعد 4 أشهر من تاريخ إيداع الملف تحصل العرباوي، على ترخيص تم بموجبه استيراد 8 آلاف سيارة في 2016.

من جهته قدم عمر أقادير، مدير الترقية الصناعية بوزارة الصناعة، شهادته في القضية، موضحا أنه قدم ملف عشايبو، للجنة التقنية، الذي استلمه أمين تيرة عضو اللجنة التقنية إلا أن السكرتيرة ـ حسبه ـ رفضت وضع ختم استقبال ملف عشايبو تنفيذا لتعليمات بوشوارب".

من جانبه قال أمين تيرة، إنه ليس مكلفا باستقبال الملفات التي تودع على مستوى اللجنة بديوان الوزير أو بمكتب التنظيم، مشيرا إلى أنه التقى بعشايبو، وأوصله إلى مكتب التنظيم لدى السكرتيرة لكي يودع الملف، وأنه لم يتلق أي تعليمات برفض ملفه، قبل أن يضيف "ليس من مهام السكرتيرات التصديق على استقبال الملفات الموجهة لبوشوارب".


تسبب فيها ثلاثة متعاملين في تركيب السيارات فقط

خسائر الخزينة العمومية تقدر بـ 128 مليار دينار

بلغت قيمة الخسائر التي تكبدتها الخزينة العمومية من مشاريع تركيب السيارات لثلاثة متعاملين فقط وهم حسان العرباوي وأحمد معزوز ومحمد بايري، 128 مليار دينار منها 23 مليار دينار تمثل الضرر الناجم عن التعدي عن العقار الصناعي المنهوب.

وعلى سبيل المثال كبد حسان عرباوي، خسارة للخزينة العمومية بقيمة تفوق 87 مليار دينار، أما احمد معزوز، فكلف الخزينة العمومية خسارة فاقت 39 مليار دينار، فيما بلغ حجم الخسار التي تسبب فيها المتعامل محمد بايري 1,3 مليار دينار.

وأبانت الوثيقة التي قدمها الطرف المدني الذي تأسس في حق الخزينة العمومية خلال تدخله مساء أمس، أمام القاضي، أن قيمة التجاوزات المالية المسجلة في حق بايري محمد، وزعت على ثلاثة اجزاء، يخص الأول وكالة ترقية الاستثمار بمبلغ 141.211.615 دينار، أما بالنسبة للخسائر الخاصة بنظام "أس كا دي" و"سي كا دي" فقد بلغت 510.917.226 دينار ، بالإضافة الى امتيازات بنكية حصل عليها خلال عهدة الوزير الأول أحمد أويحيى، قدرها 708.413.626 دينار.