المنشد المغربي هشام كريم لـ"المساء":

الإنشاد فن راق ورسالة نبيلة تساهم في تغيير المجتمعات

الإنشاد فن راق ورسالة نبيلة تساهم في تغيير المجتمعات
المنشد المغربي هشام كريم
  • القراءات: 795
❊حاوره: زبير زهاني ❊حاوره: زبير زهاني

كانت إطلالة الفنان المطرب هشام كريم، على مهرجان الإنشاد الدولي بقسنطينة، في طبعته الثامنة، مميزة، ولمن لا يعرفه هو فنان مغربي، صاحب الـ42 سنة، ولد وترعرع بمدينة القنيطرية، وبدأ حياته الفنية بالمشاركة مع تلاميذ الثانوي في حفلات المدرسة ومنها كون فرقة إنشاد أحيت عدة مناسبات دينية ومحلية بالقنيطرة، درس مبادئ الموسيقى بالعرائش ثم تخصّص بطنجة في العود، ليشق طريقه في هذا النوع الفني الإنشادي، من خلال الاستماع للمديح والابتهالات، حيث اكتشف فن الموال عن طريق الاستماع للشيخ أديب الدايخ وكان له أول إصدار سنة 2004 بعنوان "راحة الأرواح"، وبعد ذلك توالت الإصدارات، خلال الخمس سنوات الموالية، حيث تمكن من إصدار خمس ألبومات، وزار الجزائر في عدة مرات وشارك في العديد من المهرجانات والحصص الإذاعية، وكان أخرها بالمهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة، حيث كان له دردشة مع "المساء"، حول واقع الإنشاد ورسالته.

أولا هل نستطيع معرفة انطباعكم حول المشاركة في هذا المهرجان ؟

❊❊ أود بادئ ذي بدء أن أشكر القائمين على هذا المهرجان الذي تستضيفه مدينة قسنطينة العريقة، وعلى حسن الضيافة التي حضينا بها كمشاركين في هذه الفعالية الثقافية ببلد، نعتبره بلدنا الثاني، بصراحة تفاجأت بهذا الحب من طرف الجزائريين للطرب وللإنشاد بصفة عامة، وهذا ليس غريبا على الجزائريين وعلى الجزائر، التي تنظّم في كلّ سنة العديد من المهرجانات، كما أود أن أتحدث عن التنظيم الذي  كان على ما يرام، وخلال تواجدي هنا بالجزائر وبقسنطينة، لمست  أن هناك حبا وشغفا بهذا الفن، ولا يسعني إلا تمني زيارة الجزائر مرة أخرى، دون أن أنسى الدعاء بالازدهار والتطور لهذا البلد الشقيق والجار.

ماذا قدمتم، خلال مشاركتكم بالمهرجان؟

❊❊من محاسن الصدف، أنّ المهرجان جاء بين مناسبتين عزيزتين على الشعب الجزائري بصفة خاصة وعلينا كعرب وكمسلمين بصفة عامة، حيث جاءت فعاليات هذا المهرجان، بين احتفالات غرة نوفمبر والثورة الجزائرية الشهيرة، التي قام بها أبناء البلد لدحض الاستعمار الفرنسي وبين احتفاليات المولد النبوي الشريف، أظن أن هذه إشارة من الله عز وجل بأنّ الجزائر ستولد من جديد وستحيا من جديد.

بالعودة إلى فعاليات المهرجان ومشاركتي به، فقد قدّمت مجموعة من الابتهالات والمدائح النبوية، بمضامين مختلفة، حيث اختلفت بين المديح، الغزل العفيف والرسائل الإنسانية، التي تعد رسائل وعظية، لكلّ فئات المجتمع وهي الرسالة النبيلة التي نسعى، كفنانين وكمنشدين، إلى نشرها أينما رحلنا وارتحلنا، وأظن أنّ هذه مهمة ملقاة على عاتقنا، بما أننا اخترنا هذا الطريق.

من خلال سفركم إلى عدة بلدان، هل وقفتم على اختلاف في الإنشاد بين المغرب العربي والمشرق ؟

❊❊أولا أريد الحديث بالنسبة لنا في المغرب العربي، فلا أجد اختلافا مثلا بين الجزائر والمغرب، أو بين الجزائر وتونس، وهو نفس الأمر الذي وقفت عليه، من خلال زيارة هذه البلدان الجارة، أما إذا أردنا مقارنة الأمر مع دول عربية أخرى في المشرق، فربما قد نجد أن هناك اختلافا في الطبوع والألوان الجهوية في بعض المناطق، ولكن أظن أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، فهناك نفس الثقافة ونفس الأشعار وقاسم مشترك واحد بين شعوب المنطقة وهو حب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكيف ترون مستقبل الإنشاد في المغرب العربي؟

❊❊أظنّ، وهذا بشهادة العديد من العارفين والمختصين، أنّ الأمور بخير، فسواء بالنسبة للمغاربة، الجزائريين، التونسيين وحتى الليبيين، فإن الإنشاد يحظى بمرتبة لائقة ويعتبر سكان هذه المنطقة منبعا وخزانا كبيرا للمديح النبوي، وأصدقكم القول إنّ أشهر القصائد في مجال المديح موجودة بالمغرب العربي، بدليل أن قصيدة البردة الشريفة أو ما يعرف "بالكواكب الدرية في مدح خير البرية"، لصاحبها محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصري من مصر، أكثر حفاظها من المغرب العربي الكبير، ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أدعو الله أن يفتح على شعوب هذه المنطقة وأن يعم الأمن والسلام والرخاء.

هل يختلف الإنشاد عن بقية الألوان الطربية والفنية الأخرى ؟

❊❊الفن رسالة نبيلة، وهو ليس تهريجا أو ترفيها عن النفس وفقط، ومن هذا المنطلق، نرى أنّ الإنشاد هو فن راق وهو رسالة تساهم في تقدّم الحضارات وتغيير المجتمعات نحو الأفضل من خلال محاربة كل أشكال الانحراف والانحلال والظواهر السلبية، وهذا بالتركيز على أخلاق السلف الصالح وعلى رأسهم خير الأنام محمد عليه أفضل الصلوات والسلام، وتقديم النصح، خاصة بالنسبة للشباب، الذي يعد أهم عنصر في بناء الأمم.

في الآونة الأخيرة، دخل على الإنشاد استعمال الآلة والموسيقى العصرية، كيف ترون أنتم كمنشدين هذا الأمر ؟

❊❊أنا شخصيا لا أرى ضررا في ذلك، وأعتبر نفسي من المنشدين الذين ساهموا في إخراج النشيد من الزاوية الصوفية إلى المهرجانات والفعاليات الثقافية الكبرى، من خلال استعمال الوسائل العصرية، ولنا خير دليل في ذلك، الثورة التي أحدثها في الإنشاد كل من ماهر زين وسامي يوسف، هو نفس الإنشاد لكنهم استطاعوا توظيف التكنولوجيا والآلات الحديثة في تطوير هذا النوع الفني، والحمد لله أصبح للإنشاد رواج كبير في العالم العربي وحتى في العالم الغربي.

رسالتكم إلى المنشدين الشباب

❊❊عليهم أن تكون لديهم ثقافة، تربية وفن، لأنه وكما تحدّثت آنفا، فإنّ الطرب والموسيقى ليست تهريجا وإنّما هي فن راق، ويجب أن نعطي للفن وللعلوم أساسا، عليهم بالمعرفة والمثابرة، حتى يصلوا إلى مبتغاهم وطريق النجاح يكون دوما محفوفا بالشوك والعثرات، والناجح فيه يكون دوما صاحب الإرادة القوية والعزيمة الصلبة، الذي لا تكسره بعض السقطات.

نشكركم على تخصيص هذه الحيز من وقتكم، لقراء "المساء"

❊❊أنا جد سعيد بتواجدي بالجزائر وكل الشكر مني لكم، على رحابة صدركم كجزائريين وعلى استقبالكم الحار في بلدكم هذا، الذي نعتبر أنفسنا، ليس بالغرباء فيه، أتمنى الخير كل الخير للجزائريين ولكل شعوب المنطقة العربية والإسلامية، ومزيدا من التألق ومزيدا من التآخي ولم الشمل بين أبناء البلدان العربية قاطبة من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب.