«143 طريق الصحراء” يدخل منافسة أيام الفيلم الملتزم

فرحاني يروي مأساة مليكة

فرحاني يروي مأساة مليكة
  • القراءات: 1205
دليلة مالك دليلة مالك

«143 طريق الصحراء هو عنوان آخر عمل سينمائي وثائقي للمخرج الجزائري حسان فرحاني، وهو أيضا عنوان السيدة مليكة المقيمة في وسط الصحراء في إحدى الولايات الجزائرية، وتحديدا بالمنيعة، الذي شكل منها المخرج موضوع فيلمه. هذه السيدة التي أبانت عن شجاعة كبيرة في مواجهة مجتمع غير رحيم بنسائه، وتجلت مقاومتها للجميع حتى تحيا بشرف وعزة رغم الفقد والحرمان.

وثائقي”143 طريق الصحراء (100 دقيقة، إنتاج 2019) لحسان فرحاني، هو التجربة الثانية له بعد فيلمه الأول الوثائقي في راسي رونبوان (إنتاج 2016) الذي لاقى نجاحا كبيرا. ويبدو أن عمله الثاني سيعرف نجاحا أكبر بفضل عدة عوامل فنية وتقنية تداركها المخرج، ولكنه يبقى وفيا دائما لأصالة أفكاره، وتميز معالجته المواضيع التي تبدو في البدء متناولة أو مستهلكة.

وفي الوثائقي الذي عُرض سهرة أول أمس لحساب الدورة العاشرة لمهرجان الجزائر الدولي للسينما، أيام الفيلم الملتزم بقاعة ابن زيدون في ديوان رياض الفتح، يحدثنا فرحاني عن السيدة مليكة؛ ليس لها أولاد وغير متزوجة، جعلت من مسكنها البسيط مزارا لسائقي المسافات الطويلة، ينزلون عندها لأخذ بعض الراحة وارتشاف كأس شاي أو تناول وجبة خفيفة، ثم مواصلة الطريق. وما جعل السيدة تفعل ذلك الحالةُ الاجتماعية، التي دفعتها إلى ترك كل شيء بما فيه عائلتها، لتستمر في الحياة رغم التضييق الاجتماعي الذي واجهته سنوات. وفي الفيلم قد يبدو الأمر بالنسبة لها مر عليه الزمن وانتهى، لكن المخرج دنا من السيدة مليكة أكثر، وصوّر المعاناة التي تعيشها رغم مزاحها المستمر والتلقائي على مدار الفيلم.

تحمل مليكة هاتفها، وتخبر من تكلمه بأنها قلقة، ويبدو عليها ذلك؛ فهي تتحدث بصوت مرتجف وئيد، وتحيل كل عواطفها للقطة ميمي وكلبتها ديانا؛ إذ لم تجد في البشر خيرا، لذلك ترى الرحمة في الحيوان. مليكة فقدت الثقة في الناس بعد ما عاشته في فترة الإرهاب من ترويع عند مزار أحد الأئمة. لم تتوان لحظة لتخبر السيد بأن سفره طويل وعليه بالمضيّ؛ في إشارة إلى طرد لطيف، ثم تعلق بعد ذهابهم: لماذا يسألون عني وهم لا يفعلون شيئا لأجلي؟!.. إنه النفاق.

يتجلى مشكل في الأفق، سيقابل مقهى مليكة محطة بنزين مزودة بجميع الخدمات؛ الأمر الذي سيسيء لحالها، لكن أحد الزوار يؤكد لها أنه وكل محبيها سيبقون أوفياء لها، ولكنها لا تخفي أنها تأثرت بالوضع منذ انطلاق عمل هذه المحطة. تم عرض الفيلم بحضور المخرج حسان فرحاني والسيدة مليكة، وحضور قياسي للجمهور، الذي وقف في نهاية الفيلم مصفقا لجودة الفيلم، وشجاعة مليكة هذه المرأة الاستثنائية.

وبالمناسبة، قال فرحاني للجمهور إن عمله هذا لم يتناول كل تفاصيل حياة السيدة مليكة، لكن يمكن الفهم أنها عانت في حياتها كثيرا. وأضاف أنه يشتغل على الإحساس المرهف والشاعرية.

وعن إقحام الممثلين شوقي عماري وسمير الحكيم أكد أن الأول كان بصورة عفوية؛ فشوقي عماري يعرف مليكة من سنوات. وأما بالنسبة لسمير الحكيم فالأمر يتعلق بإتمام قصة بدأت في الأول، وكان عليه أن يتمها. وذكر المتحدث أن تصوير فيلمه دام شهرا ونصف، وأن 90 بالمائة من زوار السيدة مليكة قبلوا التصوير بدون تردد.