"مقامات" بالمسرح الوطني

فرتوني يستعرض الممارسة الشعرية للتوارق

فرتوني يستعرض الممارسة الشعرية للتوارق
  • القراءات: 1079
❊د. مالك ❊د. مالك

قدّم الشاعر مولود فرتوني خلاصة معرفته بالممارسات الشعرية في ثقافة التوارق، أول أمس، في فضاء "مقامات" الذي ينظمه بيت الشعر بالتعاون مع المسرح الوطني الجزائري "محيي الدين بشطارزي"؛ فالشعر الأمازيغي مليء بالكثير من الممارسات الفنية؛ سواء بالمواضيع المتعلقة بالصحراء كتيمة كبرى، أو بالجانب الفني الذي هو أساس هذا الشعر.

لمولود فرتوني العديد من الكتابات الشعرية والسردية والفنية آخرها رواية "سرهو"؛ حيث كانت الصحراء تيمة هذا العمل. والذين كتبوا عن الصحراء كتبوا من زاويتين؛ الأولى من زاوية خارجية، وينظَر إليها دائما بطابع عجائبي كالمستشرقين والرحالة. والزاوية الثانية هم من يكتبون من داخل الصحراء من أبنائها كقضية وجودية وليست عجائبية في حد ذاتها. والرواية التي كتبها مولود فرتوني تتعلق دائما بموضوع الحب والشرف في منطقة التوارق.

في المستهل، تحدّث فرتوني عن مفهوم الشعر الترقي، وقال إن عموم المثقفين والكتّاب يتكلمون عن "الإيموهاق"، وهو خطأ، والأصح هو "التوارق"، وهم جزء من "الإيموهاق". والتوارق تُكتب بحرف التاء وليس بالطاء، وهم سكان السواقي؛ فهي كلمة مشتقة من "تارقا" و"ترقوين" بمعنى الساقية والسواقي، وهم المستقرون من "الإيموهاق" وليسوا بدائمي السكن. و"الإيموهاق" هم المتحدثون بلغة تماهقت.

ويعتبر "الإيموهاق" الشعر من أبرز علوم الكلام، وهو حامي اللغة وحاملها. وهناك من يرى أن اللغة المفقودة مخفية في الشعر. واستشهد بقول الشاعر لحسن ماضية المتوفى في 2005 من مدينة تازرو، إن من يريد اكتشاف الكلام عليه بالقصيدة. وأعطى الشاعر مكانة مميزة للشعر في المجتمع الترقي رغم أن جميع أفرادها يمارسون الشعر ويتغنون به، فالأم تستعين بقصائد "صودص" التي تنوّم بها صغارها. وهناك القصائد المغناة والرقص وقصائد اللعب، وقصائد الشجاعة حين تنشئ ابنها على خصال الشجاعة. وهناك قصيدة الزفة أو "أوليون"، وهي قصيدة زفة العروس، وهذا المستوى الشعري يمارسه المجتمع كشعر جماعي، فهناك ما هو مؤلف من أفراد المجتمع في حيه، وهناك من هو مجهول صاحبه رغم شهرتها في أقاليم مجتمعه. كما أن الممارسة الشعرية من لدن الشاعر أو الشعراء النابغين من داخل المجتمع، هي ممارسة خاصة تخص حياتهم داخل مجتمعهم كأفراد فاعلة ومتفاعلة. أما ما يحدث في العائلة وفي المجتمع عموما والممارسة الشعرية عند النساء، فأغلبه غنائي؛ فهناك شعر لإعداد الطعام، وشعر غنائي لكل أنواع التندي. وأشكاله عديدة كالشعر الذي يغنى للعائد من السفر، وللمريض والعروسين، وللمرأة التي استوفت عدة الطلاق. وهناك شعر تيندي للمولود الذكر، وللبالغ لما يرتدي "الشاش"، والمرأة التي ترتدي الملحف أو "تيسغنس"، وأغربها للذي تعرض للدغ. ويُحكى أن أحد الشيوخ في منطقة تيميون في 1973، شاهد أحدهم لدغته أفعى، فوضعوه في حلقة تيندي، وشرعوا في ضرب التيندي؛ لأن ليس هناك من يعالجه وقال إنه تعافى. وهناك شعر تيندي لمن خرج من السجن، وللذي أنهى الخدمة العسكرية.