معرض المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بعزازقة

لوحات من النرويج تحلّق في سماء مؤسسة عسلة

لوحات من النرويج تحلّق في سماء مؤسسة عسلة
  • القراءات: 662
❊لطيفة داريب ❊لطيفة داريب

للفن لغة واحدة اسمها الجمال، يتحدّثها الفنانون المبدعون بإتقان ولا يخطئون في نطق ألفاظها ولا حتى في كتابة حروفها، وهي حال الفنانَين الأخوين محمد إيدير ومحند أورمضان جودر، اللذين التقيا بالفنانة النرويجية هنا هاوكوم في تظاهرة فنية بتركيا، فتحدثوا لغة واحدة، واتفقوا على مواصلة الخطاب في منطقة عزازقة، وتحقق ذلك. كما قاموا بخطوة إضافية، تتمثل في تنظميهم رفقة فنانين آخرين، معرضا جماعيا بمؤسسة "أحمد ورابح عسلة" يدوم أسبوعا واحدا لا غير.

تجولت "المساء" في فضاء مؤسسة "أحمد ورابح عسلة" بمناسبة تنظيمها معرضا جماعيا لأربعة فنانين وأساتذة من المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بمدينة عزازقة (تيزي وزو) رفقة فنانة نرويجية، حلت بعزازقة أولا، ثم بالجزائر العاصمة بعد تلقيها دعوة من طرف الأخوين جودر، حسبما كشفت عنه لـ "المساء"، معبرة في هذا السياق، عن انبهارها الكبير بحفاوة الجزائريين الذين استضافوها بكل حب.

هنا هاوكوم: انبهرت ببلد لم أكن أعرف عنه شيئا

هنا هاوكوم تحدثت عن مشاركتها في سامبزيوم تركيا، والتقائها هناك بفنانين جزائريين، دعوها لتقديم خبرتها أمام طلبة المدرسة الجهوية للفنون الجميلة بعزازقة، من خلال تنظيم ورشة. وأضافت أنها في الأصل مختصة في فن الخزف، إلا أنها لم تستطع جلب أعمالها الفنية في هذا التخصص، إلى الجزائر، فما كان عليها إلا أن شاركت في هذا المعرض الجماعي المنظم بمؤسسة "أحمد ورابح عسلة" بلوحات من الحجم الصغير، بلغ عددها أربعة عشرة. وتأسفت هنا هاوكوم لعدم قدرتها على إنجاز عمل فني في الجزائر نظرا لضيق الوقت، مما منعها من الاحتكاك بكل أريحية بالفنانين الجزائريين، إلا أنها وعدت بزيارة ثانية للجزائر، سيكون لها عنوان آخر. وبالمقابل تحدثت إلـى "المساء" عن تفاصيل مشاركتها هذه، وقالت إن لوحاتها تنبض طبيعة؛ نظرا لما تتميز به النرويج من مناظر طبيعية خلابة.

فنانو وأساتذة عزازقة يتحدثون عن هذه التجربة الفريدة

تطرق الفنان التشكيلي والأستاذ بالمدرسة الجهوية للفنون الجميلة بعزازقة محمد إيدير جودر في حديثه إلـى "المساء"، عن التجربة الفريدة من نوعها للمدرسة، والمتمثلة في دعوة فنان أجنبي لتنشيط ورشة لصالح الطلبة أولا وكذا للأساتذة، مضيفا أن التواصل مع الفنانة هنا هاوكوم، حدث في تركيا، وبالضبط خلال السمبوزيوم الذي نظمته جمعية "الحوار بين الثقافات"، الذي عرف مشاركة فنانين تشكيليين من 25 دولة، وهناك جرى التفكير في دعوة الفنانة إلى الجزائر من خلال النشاط الإضافي لمدرسة عزازقة بعنوان "لقاء مع فنان"،الذينُظملإثراءالبرنامجالبيداغوجيالمسطرمنطرفوزارةالتعليمالعاليوالبحثالعلمي.وأضافمحمدإيديرأنالفنانةهناهاوكوم،مختصةفيالخزف،وجدتنفسهافييوممنالأيام،رسامةتقومبإنجازلوحاتفنية،حيثعرفتكيفتربطبينالرسموالخزف،إضافةإلىاستعمالهاتقنياتجديدةفيتخصّصها.

وفي إطار آخر، تطرق الأستاذ لمشاركته في هذا المعرض الجماعي من خلال خمس لوحات في الفن التجريدي. وفي هذا قال: "أحمل فكرة عن موضوع الرسمة قبل أن أشرع فيها، حتى إنني أحيانا لا أستعمل الألوان، بل عدة مواد مثل الجبس. وأبحث عن موضوعي مثل الباحث في الآثار الذي ينقّب عما دفنته السنوات والتجارب".

أما الفنان محند أورمضان جودر الذي شارك أيضا في تظاهرة تركيا، فقال لـ "المساء" إنّ تخصصه بمدرسة عزازقة والمتمثل في الخزف، مكّنه من إجراء محادثات طويلة مع الفنانة النرويجية، التي أكد أنها عكس الخزفيين الجزائريين المحبين للتعقيد، فإن أعمالها بسيطة وثرية بالجماليات في آن واحد. أما عن مشاركته هو في هذا المعرض فتمثلت في لوحتين تعبران عن جزء من الرصيد الفني للفنان، وتشكلان فضاء مليئا بالأشكال والألوان في انتظار مشاركته بأعمال من الخزف.

وشارك أيضا في المعرض الجماعي الفنان التشكيلي والأستاذ بنفس المدرسة وهو كذلك مدير الدراسات بها مزيان بوسعيد، الذي كشف لـ "المساء" عن تنظيمه ابتداء من 12 أكتوبر الجاري، معرضا فرديا بمؤسسة "أحمد ورابح عسلة" بعنوان "الجدران الصامتة" بعد مشاركته في هذا المعرض بخمس لوحات، مضيفا أنه يستعمل في أعماله الأخيرة أوراق الألمنيوم التي تحدد معالم الهيئات التي يرسمها، ومن ثم يضع عليها دهان الأحذية حتى يبرزها أكثر ويعطيها قوة أكبر، وهي التقنية التي قال إنه أبدعها. كما أضاف أن مواضيع لوحاته تظهر في شكل جدران، قد تبدو صامتة للعامة، لكنها في الأصل ممتلئة بحديث لا ينتهي.

بالمقابل، تحدّث مزيان عن الإقبال الكبير الذي تعرفه مدرسة عزازقة من الشباب الموهوبين، حيث استقبلت هذه السنة 37 طالبا جديدا؛ نظرا لقلة مدارس الفنون الجميلة بالجزائر، وكذا لغزارة المواهب الفنية التي لا تقف حائرة أمام غلاء المواد المستعملة في الفنون التشكيلية، وعدم وجود قانون واضح خاص بالفنان وغياب سوق للفن التشكيلي، بل تعمل بجد من أجل إبراز إبداعها، مضيفا أن جميع خريجي مدرسة عزازقة بصحة فنية جيدة.

وشارك أيضا في المعرض الفنان والأستاذ بمدرسة عزازقة حميد فردي، الذي أشار إلى مشاركته بثلاث لوحات اختارها بالصدفة؛ فجميع لوحاته من نبع إلهامه، مضيفا أنه يرسم حسب درجة الإلهام؛ فأحيانا يرسم بدون هوادة، ومرات أخرى لا يرسم، إلا أنه في الحقيقة لا يتوقف عن عشقه هذا ولو في مخيلته.

أما عن طريقة تدريسه الطلبة فقال إنه يهتم بتأطير الطالب، ودعمه لإبراز موهبته، مضيفا أنه في السنتين الأولى والثانية يهتم بتعليم الطالب فنيات الرسم، إلا أنه في السنتين الثالثة والرابعة من التكوين، يدفع به إلى تكوين موهبته وتشكيل بصمته الفنية. وتأسف حميد لضياع العديد من المواهب الفنية في عالم الرسم التي اختارت وجهة أخرى في حياتها، وقال لـ "المساء": "حزينٌ ضياع مواهب أكيدة في الفن التشكيلي لم تسمع إلى نصائحي واختارت مسلكا آخر في الحياة!".

للإشارة، تُختتم فعاليات المعرض التشكيلي الجماعي اليوم 12 أكتوبر. وعن هذا قال السيد عسلة مدير المؤسسة المنظمة للحدث، إنه سعيد بأن يحتضن فضاؤه مثل هذا النشاط الثري بمشاركة فنية جزائرية نرويجية.