اتحاد الحراش

المسيّرون في عين الإعصار

المسيّرون في عين الإعصار
  • القراءات: 611
ـــــــــــــ ع. إسماعيل ـــــــــــــ ع. إسماعيل

من ينقذ فريق اتحاد الحراش من وضعيته الصعبة في البطولة؟، ذلك هو التساؤل الذي ما انفك تطرحه الأوساط الرياضية للنادي، لاسيما في هذه الأسابيع التي تشهد تدني مستوى التشكيلة الحراشية بعد تسجيلها لسلسلة من الانهزامات سمرتها في المركز الأخير من منافسة الرابطة الاحترافية الثانية.

أكثر ما يؤلم أنصار الحراش، خشيتهم من تأخر استفاقة اللاعبين لجرّ الفريق إلى أعلى الترتيب قبل فوات الأوان، ومن بعد ذلك سيلوح سقوطه في الأفق ولا يمكن بالتالي إنقاذه من حتمية الالتحاق ببطولة الهواة في مشهد لا يريد الحراشيون تصوّره إطلاقا، لأن ذلك يشكل بالنسبة إليهم كابوسا من الصعب عليهم تحمّله، وما يريده الحراشيون الآن هو تحديد المسؤوليات في ما يحدث للفريق من مساوئ في البطولة، حيث تتجه الأنظار بالدرجة الأولى في هذا المجال إلى أعضاء مجلس الإدارة التي يترأسها محمد العايب، المسؤول الأول عن النادي.

عراقيل ومكائد لا تنتهي

وتعهّد المسؤولون أمام أعضاء الجمعية العامة للنادي التي انعقدت في الصائفة الفارطة، بتحسين صورته وتمكين الفريق من لعب الأدوار الأولى في البطولة بهدف تحقيق عودته إلى الرابطة الاحترافية الأولى، بل ذهبوا إلى حدّ قطع العهد على أنفسهم بقدرتهم على جلب الأموال اللازمة من أجل تفادي عودة اتحاد الحراش إلى الأزمات المالية التي كانت السبب الأوّل في مغادرته للرابطة الأولى، ناهيك عن مساهمة البعض من هؤلاء المسيرين في تلك الأزمة. اليوم لا نكاد نعرف من هو المسيّر النزيه ومن هو المسيّر المفسد وغير المؤهل للبقاء في فلك النادي، ناهيك عن التشاؤم من مسيّرين سابقين للفريق قالوا أمام الملأ إنّه لا يهدأ لهم بال حتى يروا اتحاد الحراش في أسفل دهاليز البطولات الوطنية. قالوا هكذا نكاية في المسيرين الذين أزاحوهم من المسؤوليات في النادي، مثل هذه المواقف غير المشرّفة أبانت لنا بوضوح عن درجة مستوى هؤلاء المسيرين الذين كانوا يتغنون دوما بحبهم الشديد لألوان النادي وهم الآن يتفرجون في ما آلت إليه وضعية هذا الأخير في البطولة. وإذا كانوا قد تمكنوا من مخادعة الثقة التي وضعتها فيهم الأوساط الرياضية للنادي، فإنّ مآربهم الحقيقية انكشفت مع مر الزمان وتعرت مصداقيتهم الزائفة التي كانت مبنية على الخداع والمناورات من أجل الانفراد بالمسؤوليات في النادي لا غير. وكأن اتحاد الحراش لا يمكنه معايشة الاستقرار إلاّ بمعيتهم  وأنّ من بعد ذهابهم سيعرف هذا الأخير سوى النكبات.

بالفعل النادي يعيش الويلات في المنافسة لكن بسبب العراقيل والمكائد التي كانوا يصنعونها ولا زالت أثارها موجود إلى اليوم داخل الفريق تكبد هذا النادي العريق ضربات قوية نالت من سمعته وحطت من قيمته، فجعلت فريقه يتنافس اليوم مع فرق كانت في السنين الماضية تحلم ملاقاته حتى في مباريات ودية! ليت الأيام والسنين الجميلة تعود إلى الحراش وتذكرنا بتاريخ هذا النادي الذي لم يحفظ له هؤلاء المسيرين المزيفين شرفه بل دنسوا ذاكرته التي لا زالت تحمل في طياتها أسماء حملت ألوانه وضحت من أجل الجزائر أيام الاستعمار الغاشم فكانوا من بين قوافل شهداء الأندية الجزائرية في مختلف الاختصاصات الرياضية، فمن الذي هدم الالتفاف الذي كان حاصلا حول الفريق وزرع بذور التفرقة؟ أليس جزء من المسيرين الذين نصبوا أنفسهم كمنقذين للفريق ثم ساهموا في نزوله إلى الرابطة الثانية، منهم من خيّب ظن الأنصار وذهب، ومنهم من فضّل الاستمرار في التسيير دون الشعور بأي ذنب تجاه النادي الذي وصل اليوم إلى مفترق الطرق.

اندثار سياسة التكوين

الشيء المؤسف في الوضعية الصعبة التي يتخبط فيها اتحاد الحراش هو بدون شك اندثار سياسة التكوين التي كانت تمثّل قوّة وسمعة النادي لسنوات عديدة. من الستينيات إلى غاية نهاية الثمانينيات، كان لاعبوه بنسبة تسعين في المائة من خريجي المدرسة الحراشية، وقد سمح ذلك للنادي بامتلاك فريق كبير على مدار السنوات، كان يلعب الأدوار الأولى في البطولة ويحسب له ألف حساب في السباق على اللقب، فضلا عن أنه نال عن جدارة واستحقاق لقب كأس الجمهورية سنة 1987، بتشكيلة مر أغلب لاعبوها على مدرسة التكوين للنادي على غرار اللاعب البارع وقائد الفريق عبد القادر مزياني، ناصر بشوش، أحميدة حرابي، حسان بن عمر، بايا، نور الدين ساجي، حكيم مدان، يونس إفتسان، خالد لونيسي، محمد بعداش، محمد راحم وآخرون، كلهم تركوا بصماتهم في تاريخ النادي مثلما فعل ذلك لاعبو فريق الستينات الذي كان يحمل تسمية USMMC ، حيث فازوا بكأس الجمهورية وسمحوا لاتحاد الحراش من تحقيق صعود تاريخي إلى القسم الأول آنذاك. اليوم اتحاد الحراش فقد تقاليده في مجال التنافس بسبب سياسة تسيير أبانت عن حدودها من موسم إلى آخر.

مفترق الطرق

اتحاد الحراش يتواجد اليوم، في مفترق الطرق، فهو يفتقر إلى سياسة واضحة المعالم تحدد مستقبله في الرابطة الثانية. النادي لا زال يتخبط في صعوبات مالية قد تزداد حدة في الأسابيع القادمة في ظل غياب مصادر تمويل مستقرة. كل الإجراءات التي قام بها لاستقدام مؤسسة اقتصادية تتكفل بتسييره باءت بالفشل، وقد لا يحصل على هذا الامتياز الذي ستستفيد منه فقط أندية الرابطة الاحترافية الأولى.

الفريق يحتل المركز الأخير في ترتيب البطولة بعد مرور ست جولات، وسيصعب عليه الخروج من منطقة الخطر في حال ما إذا لم يستفق قبل انتهاء المرحلة الأولى من المنافسة. مهمته لا تبدو سهلة بالنظر إلى ضعف تعداد الفريق وغياب الاستقرار على مستوى العارضة الفنية التي تفتقر الآن إلى مدرب رئيسي بعد سحب الثقة من المدرب المغترب جليد الذي لم يوفق في مهمته، حيث غادر الفريق في أعقاب الخسارة التي سجلها زملاء بن عبد الرحمان في غيلزان، مهمة قيادة العارضة الفنية أوكلت للمدرب المساعد ناصر بشوش الذي لم يتمكن من تفادي انهزام فريقه ببوسعادة في الجولة الأخيرة من البطولة، وأصبح الأنصار قلقين جدا على ما آلت إليه وضعية فريقهم في الترتيب، فأصبحوا يضغطون بقوة على إدارة النادي كي تسارع في استقدام مدرب رئيسي جديد، حيث تتحدث الأوساط الرياضية عن وجود اتصالات متقدمة مع بعض التقنيين يوجد من بينهم كمال بوهلال وعبد الكريم لطرش الذي سبق له قيادة الفريق.