الجزائر تعرض اليوم بنيويورك أول مخطط وطني للمناخ

خارطة طريق جادة لمكافحة تأثيرات التغيرات المناخية

خارطة طريق جادة لمكافحة  تأثيرات التغيرات المناخية
  • القراءات: 1498
م . خ م . خ

تعرض الجزائر اليوم خلال قمة الأمم المتحدة العالمية بنيويورك، المخطط الوطني للمناخ للفترة الممتدة من 2020 إلى 2030، والذي يمثل أداة عملية لتطبيق السياسة الوطنية لمكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية على العديد من المجالات الحيوية. والتي تبرز غالبا في التقلبات الجوية المفاجئة والعنيفة وتراجع مستويات المنتوج الفلاحي وانخفاض منسوب المياه وتدهور نوعيتها وارتفاع الطلب على الطاقة وتراجع التنوع البيولوجي، علاوة على ارتفاع درجات الحرارة وحرائق الغابات.

وتعكف هذه القمة العالمية التي تحمل شعار”تعبئة الجهود المتعددة الأطراف من أجل القضاء على الفقر وتوفير التعليم الجيد ومكافحة تغيير المناخ وضمان الشمول”، على بحث عدة قضايا دولية مدرجة ضمن جدول الأعمال، تخص السلم والأمن والقانون الدولي والتنمية.

ويولي المخطط الوطني للمناخ الذي يعد الأول من نوعه، اهتماما كبيرا للتأثير السلبي للتغيرات المناخية على صحة المواطنين، ويتضمن 155 عملية ونشاط تهدف إلى ضمان التكيف مع آثار التغيرات المناخية والحد منها للعشرية المقبلة، لاسيما من خلال خفض مستوى إفرازات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وكذا إدماج البعد المناخي أكثر فأكثر ضمن مختلف السياسات العمومية التنموية.

وسيسمح المخطط الوطني للمناخ الذي سيعرضه وزير الشؤون الخارجية السيد صبري بوقادوم، بالرفع من إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل العمليات ذات الصلة بالمناخ، والتي توفرها مختلف آليات التمويل الأممية، فضلا عن كونه يعد ”واجهة لبلادنا دوليا، في مجال المناخ ويشكل خارطة طريق جادة تحمل رؤية واضحة عن المجهود الوطني لآفاق 2030، لتخفيض نسبة انبعاث الغازات الدفيئة بنسبة 22 بالمائة كالتزام مشروط و7 بالمائة كالتزام طوعي، وهي الالتزامات التي تم الإعلان عنها في قمة المناخ بباريس في 2015”.

وتضم اللجنة الوطنية للمناخ مختلف القطاعات المعنية، بالإضافة إلى فريق من الخبراء والباحثين، حيث يتوخى منه تجسيد كل العمليات المرصودة فيه.

وفي هذا الإطار، أمر الوزير الأول الحكومة بالمصادقة عليه، معتبرا أن المخطط الوطني للمناخ 2020-2030 يمثل ”إنجازا يساهم في المخطط العالمي لحماية البيئة ويترجم احترام التزامات الجزائر المعلن عنها”.

كما أشار السيد بدوي عقب الاستماع لمختلف العروض والمناقشات، التي تم تقديمها خلال عرض المخطط أول أمس، على مجلس وزاري مشترك، إلى أن هذا  المخطط يعد بمثابة ”تحد وطني يقع على الجميع احترامه وتنفيذه”، مضيفا بأنه يعتبر أيضا ”التزاما دوليا لبلدنا للحفاظ على بيئة عالمية سليمة وكمساهمة مسؤولة وفعّالة في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، علاوة على كونه يعد قفزة نوعية في مجال تعزيز الدبلوماسية المناخية ومكانة بلادنا ضمن المنظومة الدولية في هذا المجال”.

وقصد إعطاء البعد العملي لهذا المخطط، شدد السيد بدوي على ضرورة وضع آلية حكومية لمتابعة وتجسيد هذه الآلية وتقييمها بشكل دوري، عبر كل مستوياتها الوطنية والمحلية، مع دراسة إمكانية تكليف الوكالة الوطنية للتغيرات المناخية بهذه المهمة، فضلا عن إعادة النظر في نظامها الأساسي لاستقطاب الكفاءات الوطنية في الداخل والخارج وكذا تفتحها على الخبرات، وطنية كانت أو أجنبية، للتوافق وتحقيق الأهداف الكبرى للمخطط.

وتهدف هذه الآلية الحكومية من جهة أخرى، إلى مرافقة كل القطاعات الوزارية والجماعات المحلية لوضع مخططات عملية لكل منها، يتم تنفيذها مرحليا وبصورة متكاملة تندمج فيها كل فعاليات المجتمع المدني.

وتم تكليف كل القطاعات الوزارية والجماعات المحلية بتكييف برامج عملها وتنظيمها مع متطلبات المخطط الوطني للمناخ وتأهيل المورد البشري الذي  تتطلبه هذه العملية، حيث أكد الوزير الأول في هذا الإطار، بأن التزامات القطاعات الوزارية وكذا الولايات والبلديات يجب أن تكون معلنة ومحددة في الزمن بصورة دقيقة، حتى يتسنى تحديد المسؤوليات وتقييم مدى تنفيذ الالتزامات. فيما أمر بالعمل على ترجمة المخطط الوطني للمناخ على مستوى كل جماعة محلية إلى مخططات محلية للمناخ، تأخذ بعين الاعتبار مؤشرات سلامة البيئة بحسب خصوصية كل بلدية ووفقا للمعايير العالمية ذات الصلة الواجب احترامها.

في نفس الصدد، أوصى السيد بدوي، بإنشاء لجان دائمة بالمجالس الشعبية البلدية والولائية، تعنى بدراسة كل ما له علاقة بالمخططات المحلية للمناخ. كما كلف وزيرة البيئة ووزير التعليم العالي بعقد اتفاقيات عمل للفترة 2020-2030، من أجل مرافقة تنفيذ المخطط الوطني للمناخ من الناحية العلمية والبحثية.

وقد تقرٍر في هذا الشأن، إنشاء مخابر وطنية للمناخ لمرافقة هذه العملية وبمشاركة الخبراء والباحثين الوطنيين وكذا كفاءاتنا بالخارج.

وخلال هذا الاجتماع، كلف وزير الفلاحة بالتحضير الجيد للبرنامج الوطني للتشجير والذي سيكون بمثابة ”هبة وطنية يشارك فيها الجميع، خاصة فعاليات المجتمع المدني والمؤسسات والإدارات والمتعاملون الاقتصاديون وغيرهم للحفاظ على بيئتنا والارتقاء بمحيط معيشتنا، مع تقديم عرض تقييمي لمدى تقدم  التحضيرات”.

كما تقرر إعادة إحياء المشروع الوطني للسد الأخضر وتأهيله مع وضع جهاز دائم على مستوى القطاع المعني يتولى التحضير لهذه العملية وتجسيدها ومتابعتها الدائمة، حسب بيان مصالح الوزير الأول.

وتشترط خطة الجزائر التي رفعت لقمة المناخ، عدة أسس على رأسها انتقال التكنولوجيا وتوفير الأموال للدول النامية، مؤكدة التزامها بمخططها لتقليص الانبعاث الحراري والتأقلم البيئي.

وشهدت الجزائر خلال 30 سنة الأخيرة تغيرات مناخية كبيرة، أدت إلى نقص كمية الأمطار بأكثر من 13 بالمائة، مما يؤدي إلى الجفاف وشح المياه وارتفاع الفيضانات ولاسيما في الجنوب.

كما تتأسف الجزائر لعدم إيفاء الدول بإسهاماتها في الصندوق الأخضر الذي يتطلب 100 مليار دولار، في حين لا يوجد في هذا الصندوق أكثر من 10 مليار دولار.

وتعد الجزائر من الدول القليلة التي وفت بتعهداتها لقمة المناخ 2015، فيما يخص برنامجها لتقليص الانبعاث والتأقلم البيئي.