المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي يعيش حالة جمود منذ سنوات

مقيدش لـ”المساء”: تغييب ”الكناس” بعد دسترته خسارة للبلاد

مقيدش لـ”المساء”: تغييب ”الكناس” بعد دسترته خسارة للبلاد
  • القراءات: 819
حنان حيمر حنان حيمر

في ظل الوضع الذي تعيشه بلادنا والأزمة السياسية ذات الأبعاد والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية، يظهر جليا أن البحث عن فضاءات للتشاور والحوار بين مختلف فعاليات المجتمع، أمر ضروري للبحث عن الحلول التوافقية، وكان من المفروض أن يبرز في هذا الوقت بالذات دور المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، الذي يعد هيئة ساهمت منذ إنشائها في تحليل الأوضاع واقتراح الحلول بمختلف المراحل التي مرت بها البلاد، فالجميع يتذكر تقاريره الدورية التي كانت تحمل تشريحا موضوعيا للسياسات العمومية، لذا فمن الطبيعي التساؤل عن سبب تغييبه كفضاء تشاوري في مجالات اختصاصه رغم دسترته.

تغييب أو تجميد تأسف له أحد مؤسسي هذه الهيئة ونائب رئيسه الخبير الاقتصادي مصطفى مقيدش، الذي اعتبر في تصريح لـ«المساء أن غياب هذه الهيئة في الوقت الراهن عن المشهد يعد خسارة للجزائر، مذكرا أن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي لعب دورا هاما في كافة المراحل التي مرت بها البلاد، ولاسيما في سنوات الإرهاب.

وقال في هذا الصدد المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي كان فضاء للتشاور ولتقييم سياسات السلطة وتقديم الرأي المعارض بمساهمة الشركاء الاجتماعيين وكافة فئات المجتمع المدني ولاسيما الأكاديميين، لكن للأسف تم تجميد عمله من طرف النظام السابق، وآمل أن يتم رفع هذا التجميد وإعادة تنشيط هذه الهيئة.

ولأن المجلس التابع لرئاسة الجمهورية، مر بمراحل منذ تأسيسه في 1993 في عهد حكومة رضا مالك، وعرف في سنوات الـ2000 نشاطا مكثفا تميز خصوصا بالتقارير السداسية عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فإن محدثنا شدد وهو يرد عن سؤالنا حول أهمية إستغلال هذا الفضاء في الوضع الراهن الذي تمر به البلاد، بالتشديد على أهمية ذلك، لكن على أن يتم ذلك في إطار منح استقلالية تامة للمجلس عن الجهاز التنفيذي، وإشراك جميع الشركاء وممثلي المجتمع المدني وكذا فئة الأكاديميين، وهذا بغية إعادة هيبة هذه المؤسسة التي ذكر أنها تابعة للدولة وبالتالي مؤسسة جمهورية، تم تجميدها من طرف النظام السابق، الذي لم يكن يرغب في الاستماع إلى آراء مختلفة عن تلك التي كان يسوقها حول سياساته العمومية، والتي أوصلتنا اليوم إلى الوضع الذي نعيشه، مثلما أشار إليه.

وصرح لنا في السياق قائلا أنا أتأسف، وأقول أن ذلك خسارة، لأن المجلس لعب دورا هاما في أصعب المراحل التي مرت بها البلاد، لكن للأسف لم يرغب المسؤولون السابقون في الاستماع إلى رأي حر ومختلف أو بكل بساطة إلى تقييم السياسات العمومية التي كانوا يطبقونها.

ويستغرب محدثنا من أن ذلك تم بالموازاة مع دسترة هذه الهيئة في 2016، وهو ما وصفه بـ«المفارقة لأن هذه الدسترة كانت عبارة عن مجرد كلام وهو ما اعتبره خسارة للبلاد.

أمر دفعه إلى التعبير عن أمله في ألا يتم الاستغناء عن هذه الهيئة لأنها ذات منفعة كبيرة للبلد، وفضاء تبادل هام، إذا ما تحقق شرط استقلاليته، مثلما أضاف.

للتذكير، عرف المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في السنوات الأولى من الألفين نشاطا بارزا، بفضل التقارير الدورية التي كان ينشرها كل ستة أشهر، والتي كانت تلقى صدى واسعا على المستوى الإعلامي وفي المشهد الاقتصادي والاجتماعي، إذ كانت بمثابة البوصلة التي تشير إلى توجهات السياسات العمومية سواء على مستوى الاقتصاد الكلي أو الجزئي.

وبعد استبعاد محمد الصالح منتوري عن رئاسته،واستبداله بمحمد الصغير باباس، تغير أسلوب عمله، واستغنى تماما عن هذه التقارير الدورية، وعكف على إعداد دراسات وتقارير بإشراك منظمات دولية، ركزت بالخصوص على الجوانب الايجابية في المسار التنموي للبلاد.

وفي 2016 تمت دسترة هذه الهيئة في الدستور الجديد، حيث تنص المادة 204 على أن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي يدعى في صلب النص المجلس، هو إطار الحوار والتشاور والاقتراح في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، وهو مستشار الحكومة.

وتحدد المادة 205 مهام المجلس وهي توفير إطار لمشاركة المجتمع المدني في التشاور الوطني حول سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمان ديمومة الحوار والتشاور بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الوطنيين، تقييم المسائل ذات المصلحة الوطنية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والتكوينية والتعليم العالي ودراستها و«عرض اقتراحات وتوصيات على الحكومة. للإشارة فإنه لم يتم لحد الآن تعيين رئيس جديد للمجلس منذ وفاة محمد الصغير باباس، في مارس 2017، والذي ما زال يقدم كرئيس للمجلس في الموقع الإلكتروني للهيئة.