سكيكدة

متى تسترجع روسيكادا بريقها؟

متى تسترجع  روسيكادا بريقها؟
سكيكدة
  • القراءات: 1582
❊❊بوجمعة ذيب ❊❊بوجمعة ذيب

لا تزال مدينة سكيكدة، التي تعد من بين أغنى بلديات الوطن، بعيدة عن المستوى الذي يطمح إليه المواطن، ومن جميع النواحي، لاسيما ما تعلق بالنظافة، إذ تبقى تشهد تدهورا في المحيط، يتجسد ذلك من خلال الانتشار الكبير للفئران والجرذان، التي غزت كل شوارع وأنهج المدينة في مشهد مقزز، ناهيك عن الروائح الكريهة المنبعثة من أقبية العمارات وعلى مستوى شوارعها. وما زاد الطين بلة، تنامي ظاهرة التبول العشوائي في الشوارع، التي تحولت حقيقة إلى ما يشبه المراحيض، دون الحديث عن البعوض الذي أضحى هو الآخر جزءا من ديكور سكيكدة.

مجمع "مونطالو" والوجه الآخر للمأساة

إذا كان شارع "زيغوت يوسف" الذي يعتبره السكيكديون من الأماكن الراقية في المدينة بالخصوص، ويضم ما يعرف بمجمع "شارل مونطالو" الشهير، المشكّل من النزل البلدي والبنك المركزي والقباضة الرئيسية للبريد، وما يحيط بها، بما تبقى من الحدائق التي لم تعد تحمل سوى الإسم، فإن هذا الشارع، وبخلاف الأمس، أصبح يشهد تدنيا واضحا في المحيط، بسبب انتشار النفايات والروائح الكريهة المنبعث بعضها من العمارات، ومن المحلات المغلقة منذ سنوات طويلة، كمقر الخطوط الجوية الفرنسية، ناهيك عن انتشار الجرذان بشكل مقلق، حسبما أكده المواطنون لـ«المساء".

أما بلاط هذا الشارع الرخامي الممتد على طوله ومن الجهتين، فهو الآخر فقد الكثير من جمالية لونه الأبيض الناصع، ليتحول إلى سواد بفعل غياب شبه كلي للنظافة، دون الحديث عن تهشم أجزاء منه بسبب الأشغال المتعددة والمتكررة.

فيما يخص عمارات هذا الشارع، بما فيها المحلات وبعض المؤسسات العمومية، كان من المفروض أن تكون نموذجا من حيث مظهرها الخارجي، سواء من ناحية نوعية الطلاء، أو حتى مظهر شرفاتها وواجهات المحلات ومؤسساتها، بما فيها المحلات التجارية، لكن بين ما يجب أن يكون، وما هو كائن فرق شاسع، أمام غياب الصيانة والعناية اللازمتين، دون الحديث عن تعطل المصاعد.

السكان، وخلال حديثهم مع "المساء"، أكدوا أنه في كثير من الأحيان، أبلغوا شكاويهم الجهات المعنية قصد التدخل، لكن في كل مرة تذهب مطالبهم في مهب الرياح، معبرين عن تذمرهم بسبب ما آلت إليه الأوضاع على مستوى عماراتهم  التي غزتها الحشرات والفئران، وهو ما دفع السكان وفي كثير من الأحيان، إلى تنظيم حملات تطوعية والقيام ببعض الأشغال على مستوى عماراتهم، كوضع حاويات للنفايات المنزلية عند مدخل كل عمارة، مع إلزام السكان بإخراجها في أوقات معينة، وقد تأسف العديد ممن تحدثنا معهم، عن مصير هذا الشارع الذي فقد الكثير من مظاهر التمدن والتحضر، رغم أنه لا يبعد إلا بأمتار قليلة عن النزل البلدي.

أحياء تغرق في النفايات

إذا كان هذا الوضع حال أرقى موقع سكني في مدينة سكيكدة، فإنه على مستوى جل أحياء المدينة تقريبا يبقى كارثيا للغاية، بالخصوص ما تعلق منه بالمحيط البيئي، رغم الجهود الكبيرة التي بذلت في السنوات الأخيرة، من خلال مشاريع إعادة تهيئة أحياء المدينة التي رصدت لها مبالغ مالية ضخمة، لكن رغم ذلك، تبقى بعض الأحياء تواجه مشكل تدهور الطرق الرئيسية والفرعية، ونقص الإنارة، وانتشار الحشائش الطفيلية والانتشار الفوضوي للنفايات المنزلية، مع تسرب المياه الراكدة من داخل أقبية العمارات، ناهيك عن قدم الأعمدة الكهربائية، كما هو الحال على مستوى أحياء "ممرات 20 أوت 55"، وحي "الإخوة بوحجة" و«بني مالك"، و«الزرامنة"، و«20 أوت 55"، وهضبة "صالح بوالكروة".

حدائق عمومية لا تحمل غير الاسم

إذا كانت عاصمة روسيكادا تضم في الأصل حوالي 24 حديقة عمومية جلها يعود إلى الحقبة الاستعمارية، فإن عددا كبيرا منها، خاصة تلك الموجودة في الجهة الغربية، تعرف إهمالا كبيرا وتسيبا لا مثيل له، فإلى جانب قيام بعض الأشخاص بإنجاز أكشاك وسطها، كما هو الحال بحيي "الأمل" و«500 مسكن"، فإن الموجود منها يعرف تدهورا محسوسا، حيث غابت الأزهار والأشجار والمساحات الخضراء، ومنها ما يعاني من نقص مياه السقي والحراسة، ناهيك عن تعرض السياج الحديدي لبعضها إلى التخريب والسرقة، وتحول البعض منها إلى مرتع للمنحرفين، كما هو شأن الحديقة المقابلة للمسرح الجهوي، أو تلك المتواجدة بالقرب من مقر المجلس الشعبي الولائي، التي تحولت إلى مكان يلتقي فيه المنحرفون من الجنسين، بغض النظر عن النفايات المتراكمة على مستواها.

ولعل الأمرّ من ذلك والأكثر غرابة، أنه رغم تنصيب لجنة وزارية مشتركة للمساحات الخضراء سنة 2009، تضم ممثلين عن 10 قطاعات وزارية وخبراء في المجال، يتم تعيين أعضائها لمدة ثلاث سنوات وتجتمع مرتين في السنة، مهمتها الاهتمام بدراسة مشاريع ومخططات من شأنها تطوير المساحات الخضراء في بلادنا، إلا أن الواقع مخالف، فلا توجد مساحات خضراء أنجزت حسب المواصفات، ليبقى واقع مدينة سكيكدة غير مريح، خصوصا ما تعلق بالمساحات الخضراء.

حتى حديقة "قنون" العمومية، الواقعة على مستوى شارع "زيغوت يوسف"، بمحاذاة كل من دار البريد المركزي والبنك المركزي، تعيش هي الأخرى وضعا لا تحسد عليه، بسبب غياب العناية، والإهمال نفسه طال تمثال "عودة الابن الضال" الذي أنجزه الفنان العالمي أرنيست دوبرا سنة 1936، بطلب من بول كيطولي، رئيس بلدية سكيكدة، خلال الحقبة الاستعمارية، رغم الشهرة العالمية التي اكتسبها، إلا أنه لم يتم إلى حد الآن تصنيفه كغيره من التماثيل الأخرى، التي كانت موجودة في بعض أجزاء الحدائق المتواجدة على امتداد هذا الشارع، والتي طالها أيضا التهميش، علما أنها لا تبعد إلا ببضع خطوات عن دار البلدية.

أما "مؤسسة سكیكدة الخضراء" التي أنشأت في أوت 2012، بموجب القرار الوزاري المشترك بین وزارات كل من الداخلیة والجماعات المحلیة والمالیة وتھیئة الإقلیم والبیئة، التي دخلت حیز الخدمة قبل نهاية شهر جانفي 2014، فإن الكثير من السكيكديين يتساءلون صراحة عن موقع هذه الأخيرة من الإعراب، خاصة إذا علمنا أنها عبارة عن مؤسسة عمومیة ذات طابع صناعي تجاري، تھتم بإنشاء وتھیئة المساحات الخضراء على مستوى إقلیم الولایة.

سكان حي "ممرات 20 أوت" يشتكون تدني المحيط

خلال قيامنا بهذا الاستطلاع، اشتكى سكان حي "ممرات 20 أوت 55"، خصوصا القاطنون بمحاذاة الوادي، تدني وضعية المحيط التي قالوا، إنها صارت مقلقة للغاية، بسبب انتشار الروائح الكريهة المنبعثة منه، مما أدى إلى انتشار البعوض بكثرة، وجعل الحياة داخل العمارات لا تطاق، ناهيك عن الجرذان والفئران، وانتشار الأحراش والنباتات الطفيلية والمياه الراكدة العفنة، التي زادت  الوضعية تعقيدا.