تولي المعارضة رئاسة المجلس الشعبي الوطني

تأسيس للتوافق حول رهانات المرحلة القادمة

تأسيس للتوافق حول رهانات المرحلة القادمة
  • القراءات: 641
شريفة عابد شريفة عابد

يضفي انتخاب النائب سليمان شنين المنتمي إلى المعارضة السياسية، على رأس المؤسسة التشريعية، نوعا من المصداقية والشرعية على مشاريع القوانين التي سيعالجها البرلمان في الدورة القادمة، وفي مقدمتها تعديل قانون الانتخابات واستحداث الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، اللذان يعتبران أبرز النصوص المطلوب تجسيدها في إطار الاستجابة لمطالب الحراك وإنهاء الانسداد الذي تعرفه البلاد، وهو ما من شأنه أن يخلق نوعا من التوافق بين أطراف الطبقة السياسية داخل البرلمان ويوحد جهودها سواء لإنجاح الرئاسيات القادمة، أو لتمرير مشروع قانون المالية 2020 الذي سيأتي في ظرف استثنائي يتطلب الإجماع.

وقد التزمت الأحزاب السياسية المشكلة للمجلس الشعبي الوطني، المحسوبة على الموالاة وهي الأفلان، الأرندي، تاج، الأمبيا والأحرار وكذا النواب دون انتماء، بدعمها الكامل للرئيس الجديد للمجلس الشعبي الوطني، متعهدة بتقديم تنازلات للمعارضة - على الرغم من كون هذه الأخيرة تشكل أقلية داخل الهيئة التشريعية - من أجل خدمة الصالح العام للبلاد والسير وفق ما تتطلبه في هذه المرحلة الراهنة من استقرار.

ويعد تعديل قانون الانتخابات واستحداث الهيئة الوطنية المستقلة للإشراف على الانتخابات الرئاسية القادمة، أهم المشاريع التي ستشتغل عليها الأحزاب السياسية، تحت رئاسة المعارضة، لاسيما وأن هذه الأخيرة لا طالما شككت في نزاهة الانتخابات وأظهرت مخاوفها من إمكانية تسخير البرلمان لتمرير تعديلات ومشاريع سياسية وفق إملاءات السلطة وبشكل قد يتعارض ومقتضيات «النزاهة والشفافية» التي يطالب بهما الحراك الشعبي.

ويبدو أن أحزاب الأغلبية تفطنت لهذا الأمر واستدركته من خلال التنازل عن رئاسة المجلس الشعبي الوطني لنائب من المعارضة والإعلان عن دعمه، في خطوة تهدف بالأساس إلى غلق باب «التخوين المسبق وإشراك المعارضة فعليا في صناعة القرار وتسيير المرحلة القادمة».

كما أن انتماء سليمان شنين، إلى حركة البناء الوطني، يجعل منه عامل إجماع داخل قبة البرلمان، كون هذه الحركة تعتبر امتدادا للتيار الإسلامي المعتدل، وقد تتلمذ شنين على يد المرحوم الشيخ محفوظ نحناح، مؤسس حركة مجتمع السلم، والمعروف بمواقفه الوطنية التاريخية لصالح الجزائر خلال الأزمة الأمنية التي عاشتها البلاد.

كما يعتبر وصول المعارضة لرئاسة المجلس الشعبي الوطني، لأول مرة منذ فجر التعددية السياسية في الجزائر التي أقرها دستور 1989، هو مكسب حقيقي للجزائر وعربون من السلطة لتلبية مطالب الحراك الشعبي، التي لم تقتصر على المطالبة برحيل الرئيس السابق للبرلمان معاذ بوشارب، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، من خلال الدعوة إلى تمكين المعارضة من تولي رئاسة البرلمان.

وعلى الرغم من مقاطعة 3 أحزاب سياسية معارضة لأشغال البرلمان، وهي الأفافاس والأرسيدي وبعض من نواب حزب العمال، فإن موقفها هذا لا يعد مؤثرا بالشكل الذي يجعلها تعرقل أو تعيق تمرير المشاريع السياسية الهامة في المستقبل، لاسيما وأن الأفافاس وحزب العمال يعيشان مشاكل داخلية.

إمكانية التوافق حول مشروع قانون المالية 2020

من المكاسب التي يمكن أن يحققها وجود سليمان شنين، على رأس قبة البرلمان، إمكانية تمرير مشروع قانون المالية لسنة 2020، وفق نظرة إجماع وطني، في ظل الظرف الاستثنائي الذي تمر به الجزائر والمتأثر بتراجع احتياطات الصرف وحملة تطهير الفساد التي طالت الكثير العديد من رجال الأعمال والمسؤولين السامين الدولة وكشفت عن انتشار جرائم نهب المال العام خلال الـ20 سنة الماضية.

كما تحتاج السلطة أيضا إلى إجراءات تهدئة توجهها للجبهة الاجتماعية، فيما يخص الأجور وضخ معاشات المتقاعدين وضمان سيرورة منظومة الضمان الاجتماعي التي تعاني من عجز. وهي ملفات شائكة لا يمكن للمولاة أن تتحمل القرارات بشأنها بشكل منفرد، كما كان عليه الأمر في السابق، بل يستدعي الظرف الحالي تسييرها بإشراك المعارضة في القرار وفي المسؤولية، من خلال تجنب مقاطعتها للأشغال وضمان مشاركتها في النقاش وفي الاقتراحات خلال طرح مشروع مالية 2020، وذلك بأمل الوصول إلى إجماع برلماني حول هذا النص الهام، الذي يحدد السياسة العامة لتسيير قطاعات بكاملها بما يضمن استمرارية برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجزائر.