تواصل معرض مريم قزويت بعائشة حداد

حينما ينفجر الحزن ألوانا وزهورا

حينما ينفجر الحزن ألوانا وزهورا
  • القراءات: 826
❊ لطيفة داريب ❊ لطيفة داريب

لم يكن من اليسير أبدا لمريم قزويت الوفاء بوعدها في تنظيم معرض برواق "عائشة حداد" بعد وفاة والدتها، لكنها استجابت لطلب مؤسسة "فنون وثقافة"، حتى إنها دعت زوجها إلى المشاركة في هذه الفعاليات رغم أنه مختص في الأنفوغرافيا، فشارك بثلاث لوحات من ضمن 23 لوحة معروضة بهذا الرواق الواقع بشارع "ديدوش مراد".

عُرفت الفنانة مريم قزويت بميلها إلى الألوان خاصة الصاخبة، وهو ما لم يمنعها من الاعتماد أيضا على الألوان الهادئة، كما اشتهرت بحبها لرسم الأزهار بتنوعاتها الكبيرة. وفي هذا قالت لـ "المساء" إنّها لم تشأ أن تحيد عن عالمها، لهذا لم تعرض برواق "عائشة حداد" لوحات تعبّر عن حزنها العميق لوفاة والدتها الكريمة، بل جاء هذا المعرض على شكل سابقيه، مليئا بالألوان والمواضيع التي تتفرع إلى الطبيعة والبورتريهات، علاوة على لوحات في الفن التجريدي. وأضافت الفنانة أنّها اعتمدت في معرضها هذا على العديد من التقنيات، وهي الرسم الزيتي والتقنية المختلطة والباستال الزيتي والأكوارال، كما عرضت لوحات جديدة إلا أربع لوحات من الحجم الكبير رسمتها في زمن مضى، إضافة إلى ثلاث لوحات رسمها زوجها بمساعدتها، وهو الفنان المتخصص في الأنفوغرافيا.

وفي هذا أشارت الفنانة التي سبق لها أن عرضت أعمالها في أكثر من 30 ولاية بالجزائر وخارجها أيضا، إلى فقدانها الشجاعة لإتمام لوحاتها لعرضها برواق "عائشة حداد" بعد وفاة والدتها، فكان أن طلبت من زوجها مساعدتها، وهو ما كان، ليتقاسم معها لحظات عميقة وروحية، ويثبت لها وجوده معها في أحلك لحظات حياتها؛ من خلال ثلاث لوحات للأكوارال، رسما فيها الطبيعة بشكل واقعي جذاب.

ورسمت مريم في معرضها هذا لوحات مختلفة المواضيع والتقنيات، فرسمت بورتريه شبه واقعي لامرأة تنظر بحزم؛ وكأنها تريد أن تقول لرائيها إنها لا تخاف من شيء وأنها مستعدة لأكثر التحديات صلابة. وبورتريه آخر لامرأة ترتدي وشاحا وتغمض عينيها؛ وكأنها تتأمل في حياتها والمسار الذي آلت إليه. كما رسمت أكثر من لوحة عن الطبيعة؛ مثل لوحة تكاد الأزهار تتدفق منها، وقد زادها اللون البنفسجي بهاء. وفي لوحة أخرى رسمت أزهارا حمراء تتدلى منها أوراقها الخضراء، في حين ظهرت هذه الأزهار في حالة انفجار في أكثر من لوحة، من بينها لوحة غمرها الظلام، إلا أن انفجار الزهرة البيضاء أضفى عليها مسحة من اللمعان.

ودائما مع الأزهار، رسمت مريم لوحة بتقنية الفسيفساء، وكأنها تريد أن تجعل من الأزهار لغتها الفنية لكن ليس بطريقة بسيطة، بل بلغة تحمل الكثير من الدلالات، وهو ما يظهر أيضا في انفجار سحري لأزهار وردية وبيضاء.

وبالكثير من الرمزية رسمت مريم ابنة بجاية، لوحتين صغيرتين، كلا منهما تبرز امرأة تقعد القرفصاء، وكأنها تحضّر وجبة تقليدية وتحيط بها الرموز الأمازيغية. وبنفس القعدة رسمت مريم امرأة لا تظهر ملامحها في أربع لوحات صغيرة باللونين الأبيض والأسود، ربما تدل على قوة حزنها، الذي استطاع رغم حياء الفنانة وتحفظها أن يبرز أمام الجمهور.

وبالمقابل، عرضت مريم في هذا المعرض الذي تدوم فعالياته إلى غاية الرابع من جويلية المقبل، أربع لوحات من الحجم الكبير عرفت النور في الماضي، وتتميز بالألوان الغامقة والموضوع التجريدي، مثل اللوحة النارية التي يغلب عليها اللون الأحمر، ويمتزج فيها اللونان الأصفر والأخضر. وأخرى اعتمدت فيها الفنانة على مجموعة كبيرة من الألوان؛ كرمز للأزهار وتنوعاتها الجذابة. كما رسمت لوحتين بتقنية التنقيط، وأخرى بتقنية الفسيفساء كتبت في وسطها كلمة "الله".