الرئاسة والمؤسسة العسكرية يصران على الحوار لحل الأزمة

البحث عن توازن بين «يتنحاو قاع» وترجيح الحكمة ورفض الإقصاء

البحث عن توازن بين «يتنحاو قاع» وترجيح الحكمة ورفض الإقصاء
البحث عن توازن بين «يتنحاو قاع» وترجيح الحكمة ورفض الإقصاء
  • القراءات: 744
حنان. ح  حنان. ح

يلتقي كل من الخطاب الذي ألقاه رئيس الدولة عبد القادر بن صالح وافتتاحية مجلة «الجيش» في عددها الأخير، عند العزم على انتهاج سبيل «الحوار والتشاور» للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد. وأوضح موقفا الرئاسة والمؤسسة العسكرية رفض الذهاب نحو مرحلة انتقالية أو تشكيل مجلس تأسيسي، والإصرار على الاستمرار في خيار تنظيم انتخابات رئاسية، بما يستجيب لمتطلبات «الشرعية الدستورية».

تشير قراءة في خطاب رئيس الدولة وافتتاحية «الجيش» اللذين ميزا الحدث السياسي نهاية الأسبوع، تزامنا والمسيرة الـ16 للحراك الشعبي، إلى أن هناك توافقا لدى السلطة الحالية في النظرة إلى آليات الحل، بعد إلغاء الانتخابات الرئاسية للرابع من جويلية المقبل.

فبعد أن طلب بيان المجلس الدستوري الذي أعلن استحالة تنظيم الرئاسيات في جويلية، من رئيس الدولة عبد القادر بن صالح التكفل بتنظيم رئاسيات جديدة، وهو ما يعني تمديد مدة رئاسته التي حددها الدستور بـ90 يوما كـ»أقصى حد»، رد رئيس الدولة بالإيجاب على هذا المطلب في خطابه للأمة مساء الخميس الماضي، حيث أعلن رسميا عن «الاستمرار في تحمل مسؤولية رئيس الدولة، إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية».

وجدد بن صالح دعوته إلى فتح أبواب الحوار والتشاور، بغرض الوصول إلى «توافق» يستجيب لمتطلبات «الوضعية الاستثنائية» من جهة ولمطالب الشعب من جهة أخرى.

رؤية تدعمها قيادة الجيش الوطني الشعبي بوضوح، وهو ما أبرزته افتتاحية عدد جوان من مجلة «الجيش»، لسان حال المؤسسة العسكرية، التي دعت إلى «انتهاج أسلوب الحوار الجاد والمثمر والبناء»، للإسراع في إيجاد الحلول المناسبة لـ»الأزمة المعقدة» التي تمر بها البلاد وتجنب الدخول في «متاهات»، مشددة على ضرورة الاستعانة بـ»آليات دستورية» من أجل الشروع في الحوار.

هذا الأخير الذي يراد له أن يكون «شاملا»، يتوجه بالخصوص - وفقا لما جاء في خطاب بن صالح - إلى ثلاث فئات هي «الطبقة السياسية» و»المجتمع المدني» و»الشخصيات الوطنية».

ويرى الجيش أن الحوار الذي لا بد أن يتم «في أسرع وقت» لايعني «النقاشات العقيمة التي لا طائل منها»، وإنما المطلوب هو «حوار حقيقي وصادق، يقدم تنازلات متبادلة ويقرب وجهات النظر، خدمة لمصلحة الوطن وتحقيقا لمزيد من المطالب الشعبية المعبر عنها».

ورغم حرص الطرفين على الاستجابة للمطالب الشعبية، فإن هناك اتفاقا على أن الإصلاحات التي يطالب بها المواطنون منذ أسابيع، لا يمكن تحقيقها إلا من طرف رئيس جمهورية منتخب عبر الصندوق، وهو ما يعيدنا دوما إلى الطرح المتعلق بإجراء انتخابات رئاسية بدل مرحلة انتقالية يقودها مجلس تأسيسي، مثلما تطالب به بعض الأطراف.

ويأتي تجديد الدعوة إلى الحوار، بعد فشل الجولة السابقة من المشاورات التي أشرف عليها رئيس الدولة، والتي كانت موجهة خصيصا لبحث آليات «إنشاء هيئة وطنية مستقلة مكلفة بتحضير وتنظيم الانتخابات»، وهي الهيئة التي تعد بمثابة «مربط الفرس» في المسار الانتخابي، ولهذا شددت افتتاحية «الجيش» على ضرورة إحاطة الحوار بـ»آليات دستورية مناسبة»، تتمثل في تشكيل وتنصيب «الهيئة المستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات»، بوصفها «أداة قانونية تضمن إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وذات مصداقية».

ولأن الجولة السابقة للمشاورات فشلت في استقطاب أهم الفاعلين السياسيين وممثلي المجتمع المدني، مما مهد لاستحالة تنظيم رئاسيات الرابع جويلية، فإن السؤال المطروح اليوم هو «هل سيكون للدعوة الجديدة للحوار أثرا مختلفا؟»، لاسيما وأن المعطيات لم تتغير، ببقاء رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس المجلس الشعبي الوطني الذي يطالب الشارع بتنحيتهم.

أمر ستحدده بدون شك التطورات في الأحداث خلال الأيام المقبلة، وكذا ردود أفعال الطبقة السياسية والمجتمع المدني، التي تبدو لحد الآن منقسمة بين مرحب ورافض لدعوة الحوار. ففي حين رحب ما يعرف بـ»أحزاب الموالاة» في بيانات لها بالحوار، تحدثت «أحزاب المعارضة» عن غياب أي تجديد في خطاب رئيس الدولة وموقف الجيش، مما يعني الاستمرار في نفس الوضع.

وسيكون نجاح الحوار إذن مرهونا بما ستقدمه السلطة من «ضمانات» جديدة، يمكنها أن تشكل أرضية للذهاب نحو التوافق المرجو، لاسيما بعد أن توالت مؤخرا المبادرات السياسية الرامية للخروج من الأزمة، والتي جاءت من أطراف مختلفة سياسية وحتى دينية. كما أن تحرك المجتمع المدني في الآونة الأخيرة، والذي ينتظر أن ينظم ندوة وطنية منتصف الشهر الجاري لبحث الأزمة الراهنة، يشير إلى الرغبة في تحريك الأمور، والخروج من حالة الانسداد التي تطبع الوضع الراهن بين مطلب «يتنحاو قاع» من جهة ومطلب «ترجيح الحكمة» و»رفض كافة أشكال الإقصاء والمغامرة» من جهة أخرى.