تفتقد للمقاهي والمطاعم

صروح ثقافية بلا جاذبية

صروح ثقافية بلا جاذبية
  • القراءات: 1002
دليلة مالك دليلة مالك

أغلب المرافق الثقافية التي تتمتع بها الجزائر لا تتوفر على فضاءات الترفيه والاستهلاك من مطاعم أو مقاه، وهو أمر يؤسف له بالنظر إلى صروح مماثلة في دول جارة أو متشابهة من حيث نوع النظام الثقافي والاجتماعي. وما يؤسف له أكثر معرفة أن هذه الفضاءات كانت موجودة في سنوات الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات، لكن سرعان ما تلاشت بسبب عزوف الناس عن حضور مختلف الأنشطة الثقافية والفنية خلال الأزمة الأمنية التي عاشتها البلاد في تسعينيات القرن الماضي.

اليوم بعد أن استعادت الجزائر أمنها وعادت الحياة الثقافية تنبض من جديد، لم يتبعها الشق المتعلق بأماكن الاستراحة وارتشاف القهوة مثلا، في استراحة عرض أوبرالي أو مسرحي، وهو ما شاهدناه في بدايات نشاط أوبرا بوعلام بسايح المتواجد في منطقة معزولة بضواحي بلدية أولاد فايت بالجزائر العاصمة.

والأسوأ من ذلك يمنع أعوان الاستقبال إدخال أي شيء يؤكل أو يشرب بما في ذلك منع قوارير المياه، وهو أمر غير مفهوم أمام غياب بديل لحاجة الوافدين على قاعات السينما أو المسرح، خاصة أوبرا الجزائر البعيدة عن كل المرافق الممكنة لاستهلاك الأطعمة والمشروبات.

أوبرا الجزائر تبحث عن شريك

في هذا الشأن، يقول نور الدين سعودي مدير أوبرا الجزائر بوعلام بسايح، إنه قام بالإعلان عن مناقصة لبناء مطعم فخم داخل حرم الأوبرا؛ ذلك أن الهبة الصينية المتمثلة في الأوبرا، لم يقم برصد مكان ليكون مطعما أو مقهى، وأن مصالحه أنشأت مقهى في بهوه. وبالنسبة للمطعم يضيف سعودي، فإن تعطل أشغاله يعود لغياب الإمكانيات اللازمة. ويضيف المتحدث أن عند تسلم الأوبرا لم يكن بها لا مقهى ولا مطعم، ولم يكن حتى مبرمجا في مخططها الهندسي، «ونحن تلقائيا فور تسلّمه، برمجنا فضاء للتلاقي، ويتعلق الأمر ببناء مطعم ذي جودة وبمستوى المطاعم الموجودة في دور الأوبرا في العالم. وأنا بصدد البحث عن شريك ليرافق هذا المشروع، الذي يحتاج إلى إمكانيات من أهل الاختصاص». وتابع: «تم فتح مقهى تشتغل لما تكون عروض وأنشطة ومهرجانات». وذكر المتحدث أن من المهم أن تكون كل المرافق الثقافية بل في كل المجالات، مساحات للتلاقي؛ بهدف التطوير وبعث انطلاقة قوية لأي مرفق. وكشف أن من بين المشاريع المنتظرة فتح مجموعة من المحلات، لتكون فرصة للناس للاستمتاع في هذه الفضاءات، وأخذ قسط من الراحة في المقهى بدون أن يكون هناك داع لوجود أي عرض.

السينماتيك تفكر..

يقول سليم أعقار مدير المركز الجزائري للسينما إن مصالحه تضم 12 قاعة سينماتيك عبر كل القطر الوطني، لكنها ليست قاعة تجارية وليس قاعة حيث تكون هناك أماكن للاستهلاك. وجدير بالذكر أن قاعة سينماتيك متواجدة بقلب العاصمة؛ حيث يوجد عدد هائل من المقاهي والمطاعم، لكن هذا لا يمنع من فتح فضاء للاستهلاك في السينماتيك شرط أن لا تكون بمنطق السينما التجارية. ونشاهد، على سبيل المثال، قاعة كوسموس برياض الفتح كيف أضحت «بيتزيريا كبيرة»! «أوافقك على فكرة خلق مقهى تكون متاحة للمتفرجين في استراحة بين فيلم وآخر، سنفكر في الموضوع». وتابع أقار يقول إن الانشغال طُرح عليه من لدن سينماتيك بجاية وتيزي وزو وبشار، والإطار مهيأ لذلك على اعتباره مرفقا عاما، غير أنه بحاجة إلى سلسلة من الترتيبات الإدارية».

المسرح الوطني مستعد

وبخصوص المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشطارزي قال مديره محمد يحياوي إن فكرة إنشاء مقهى بداخل مبنى المسرح مطروحة كمشروع منذ سنوات، وستكون أمام قاعة الحاج عمر بعد أن تلاشى تجسيدها في بهو المسرح، الذي سيتحول إلى رواق للمعارض. وأشار يحياوي إلى أن المسرح الوطني يجاوره مقهى عريق، من شأنه أن يغطي حاجيات الوافدين، لكن إنشاء مقهى داخل المسرح من شأنه أن يجعل المتفرجين في أجواء مسرحية بحتة.

المتاحف في مواسم

تفتقر المتاحف الجزائرية لهذه الفضاءات عكس ما هو متعارف عليه في العالم، فالمتاحف هناك مرادفة لمطاعم فاخمة. والمتردد على متحف اللوفر في فرنسا مثلا، حري به أن يتناول وجبة بمطعمه الجميل، غير أن المتاحف المرموقة في الجزائر على غرار الباردو وغيرها، لا تضم مساحة صغيرة حتى لمقهى بسيط.

وفي السنوات القليلة الماضية عملت العديد من شركات الاتصال على كراء هذه المتاحف وتحويلها إلى مقاصد للراحة والتلاقي في الشهر الفضيل، وهي الفكرة التي استحسنها الناس، وطالبوا بتمديدها على مدار السنة، غير أنها لم تتجسد.

إن المتاحف الجزائرية بحاجة ماسة أكثر من أي مرفق ثقافي آخر، ذلك لما تشهده من عزوف للناس، ولعل مساحات مرافقة للمتحف للتلاقي وتبادل الآراء على طاولة شاي، من شأنها أن تعطي وجها آخر للمتاحف المظلمة من غياب الزوار.