معرض فريد عترون بمركز «مصطفى كاتب»

الحجر يرسم جمال بلاده الجزائر

الحجر يرسم جمال بلاده الجزائر
معرض فريد عترون بمركز «مصطفى كاتب»
  • القراءات: 672
مريم. ن مريم. ن

يصوّر الفنان فريد عترون تجليات الحصى في الطبيعة وفي فضاءات الابتكار ليقف الجمهور بإعجاب أمام عالم كان يعتبره جمادا لا حياة فيه، ويحرص على إفشاء أسرار الأحجار وينقل وشوشاتها المشفّرة. وتكتمل الصورة بتراكيب عجيبة بين الأحجام والأشكال والأنواع والألوان، كما رصت الأحجار في لوحات فوتوغرافية بدت وكأنها قطعة طبيعية من المشهد.

عند مدخل المعرض المقام إلى غاية نهاية شهر رمضان برواق المركب الثقافي «مصطفى كاتب»، توضع الأحجار الملساء في شكل طواقم متناسقة، وفي شكل أدوات الزينة تسرّ الناظرين، وتمتدّ الأحجار إلى مساحات مسطّحة تشبه العلب معبأة بالرمل توضع عليها الأحجار المزركشة، ممتدة من الصغيرة إلى الكبيرة أو العكس.

حضرت بالمعرض اللوحات الفوتوغرافية «الرقمية» متفاوتة الحجم ومختلفة المواضيع أغلبها يصوّر الطبيعة الساحرة بالجزائر من خلال عدة مناطق منها بجاية والبليدة وتيبازة وغيرها، ورصّعت بقطع الحصى بشكل واقعي بعيدا عن التركيب الجاهز.

أشار الفنان عترون خلال حديثه لـ»المساء» إلى أنه اختار الحصى ليعبّر عن جمال الطبيعة الجزائرية، وقد جمعها من البحار التي تعد واجهة الجزائر الزرقاء منها البحر بشرشال وتيبازة وغيرها، فجاءت عاكسة لجمال وقدرة الخالق. واستطاع الفنان بمنحوتاته الراقية تجسيد جمال الطبيعة في الجزائر وقال «أردت أن أستبق موسم الاصطياف وقدمت دعوة مفتوحة للسفر فبلادنا تنعم بالجمال في كل مكان».

أما فيما يتعلق بالأحجار، فأكد أنه يلتقطها من البحر وهو يقف على الشاطئ، ويرى كيف يستطيع الماء أن يصقل الحجر ويحوله إلى أشكال وأصناف، بينما نفس البحر يلفظ كل دخيل من خشب وقارورات ولا يعتبرها من الكائنات التي تعيش فيه، وفي كل ذلك يقف عترون بين الماء والرمل ليلاحظ ما يجري، وليتمتع بهذا الجمال الرباّني، علما أن الكثيرين لا يربطون بين الجمال والحجر.

كما أشار محدث «المساء» إلى أنه عندما يجمع الأحجار بعدما ترميها الأمواج يحافظ عليها ولا يتعدى على خصوصيتها بل يثمن جمالها، ويجتهد في تطعيمها ببعض التقنيات منها اللصق وبعض الرتوشات الخفيفة جدا من الألوان، وهو ملتزم بهذا الإبداع منذ 12 سنة من العمل ويحرص على توظيف تقنية الأبعاد الثلاثية وبالتركيب الطبيعي ويحاول من كل ذلك التحسيس بأهمية الطبيعة والمحافظة عليها.

قال الفنان إنّه في معرضه، التزم بـ3 محاور، الأوّل خاص «بالمعالم الأثرية والأماكن السياحية والطبيعية» ليلفت إليها الأنظار وليعيد اكتشافها، والمحور الثاني خاص «بالتقاليد» وذلك بمد الجسور بين الشباب وبين من سبقوهم، فأحيانا تصل هذه التقاليد للشباب شفهيا فلا يدركها، لكن من خلال المعرض والتقنيات المستعملة فيه يوظف هذا التراث بالملموس في تحف فنية يكتشفها الزوار. والمحور الثالث هو البعد النفسي حيث يوفر ارتياحا وطاقة سلبية تتجلى في صور الماء والقطرات والانحدارات المائية وغيرها.

استعان الفنان أيضا بالصدفات المزركشة اتي أنجز بها عدة مجسمات ولوحات، وفي بعضها طعّمها بقطع خشب الفرنان ليحصل على أشكال تمثل البشر أو الشجر وغيرها ليثمن دور الطبيعة على حياة كل الكائنات.

جاءت أعمال أخرى على شكل قطع ديكور تم فيها مراعاة الجانب الجمالي والتناسق بين الألوان والأشكال ودرجة اللمعان وبعضها وضع بشكل راق على مسطحات أغلبها من الصحون البيضاء.

كما خصص الفنان حيزا للأطفال حيث كانت بعض إنجازاته عبارة عن لعب للأطفال منها مسطح وضعت عليه أحجار بحجم ولون بيض الحمام ورسم عليها وجوها مختلفة، وهنا أكد لـ»المساء» على ضرورة استغلال الفن لتنشئة الصغار وتعليمهم ومشاركتهم، ناصحا الأولياء بجمع الحجر من الشواطئ ومشاركة الصغار في رسمها، بدل أن يتحججوا بغلاء بعض الوسائل التي تعيق هذه المبادرات الخاصة بالأطفال.

يظل هذا الفنان وفيا للطبيعة وللتراث، يحاول من خلال كل معارضه أن يثمن جمال الجزائر وتراثها العريق في المدن والأرياف، ويحاول جاهدا المضي قدما نحو آفاق جديدة تعزز هذا الاهتمام.

للتذكير، فإن الفنان عترون من مواليد سنة 1953 ببجاية وهو مهندس بترول ومهتم بالتراث والتاريخ.