"تأملات" لمحمد سمارة برواق "محمد راسم"

التراث والهوية بالألوان والرموز

التراث والهوية بالألوان والرموز
  • القراءات: 648
مريم. ن مريم. ن

يقيم الفنان سمارة محمد معرضه "تأملات" برواق محمد راسم إلى غاية 23 ماي الجاري، يوقّع فيه أعماله الإبداعية المستمدة من الهوية الجزائرية الضاربة في عمق الأزل. ويحاول من خلال البحث والإبداع أن يلفت اهتمام الجمهور إلى التراث بكل تجلياته؛ باعتباره ركيزة الانتماء والهوية، فعبّرت اللوحات من خلال رقيّها، عن قيمة هذا التاريخ الزاخر، وعكست ريشة الفنان جماليات الألوان والأشكال والرموز.

تعمّد سمارة توشيح لوحاته بخطوط عمودية بارزة وأحيانا محببة للتعبير عن الالتزام والوضوح والصراحة حتى لو كانت مرّة، وهي صفات طبعت الجزائري. أما اللّون الأصفر الغالب على اللّوحات فيمثل لون التربة والنشأة الأولى وحرارة الوطن. وتعامل الفنان في معرضه مع المدرسة التعبيرية والانطباعية مع حرصه على التميّز بلمسته الخاصة.

ووقف هذا الفنان على الأرضية الأمازيغية؛ حيث استخدم الرمز والعادات والتقاليد وحتى الأسماء والأماكن. ويظهر بجلاء البعد الإفريقي في أعماله ممثّلا في الوشم والطقوس الاحتفالية والعادات والعمران، وكأنه يفصّل في التقاليد المشتركة والهوية الراسخة ومعرفة الشعوب، وهي نوع من المقاومة للتفسخ والاضمحلال أمام الآخر، فالتفتح لا بأس به لكن ليس على حساب الخصوصية. وفي هذا المضمون أشارت ممثلة رواق "محمد راسم" أمينة بوناب عند حديثها مع "المساء"، إلى أنّ الفنان لا يتكلم الأمازيغية، لكنه يرى أنّها تراث مشترك بين كلّ الجزائريين وعلينا جميعا تثمينه. وأكدت بالمناسبة أنّ مواقيت العرض في رمضان، تكون من العاشرة صباحا حتى الرابعة عصرا، ومن الثامنة ليلا حتى الواحدة صباحا.

وحضر التراث العربي الإسلامي في الخط المغاربي الأندلسي وفي العمارة. وقد زاوج الفنان بينهما في تناغم ملفت ومقنع. كما رسم الخط العربي الكوفي، واستُعمل في أكثر من لوحة وخط المسند. أما عن خط تيفيناغ فكان له رصيده البارز، وقد بذل الفنان فيها مجهودا كبيرا في أعماله المعروضة، فجاءت بلغة فنية مغايرة للسائد إضافة إلى المشهد التشكيلي عندنا.

ويبدو من خلال المعرض أنّ تجربة سمارة فيها اكتظاظ وغنى ومرتبطة بهويته وانشغالاته. وكان الفنان استعان بالتقنية المزدوجة، التي مكّنته من استعمال كلّ الخامات المحتملة لإنجاز اللوحة بدون التركيز على أداة أو خامة واحدة، وهي تقنية معتمدة في مدرسة الرمزية المعاصرة مع التركيز على الألوان الحارة؛ تماشيا والطبيعة الجزائرية خاصة الصحراوية، منها البني والأصفر والبرتقالي الداكن، وبالتالي استعمال تقنية التشكيل بالرمل.

محمد سمارة الذي وُلد سنة 1963، كان توجّهه إلى الفن التشكيلي نتيجة دراسته له في المعهد التكنولوجي، إذ شكلت المعاهد التكنولوجية النواة الأساسية لتكوين الأساتذة في الجزائر، قبل أن يتم حلها في تسعينيات القرن الماضي. وبعد تخرجه عمل هذا الفنان في مجال التعليم لمدة جاوزت 30 سنة، وهو يشغل الآن منصب مفتش تربية تشكيلية بولاية عين الدفلى.