مبتول مبرزا دور الهيئة في إنجاح محاربة الفساد

ضرورة تحرير وتفعيل مجلس المحاسبة

ضرورة تحرير وتفعيل مجلس المحاسبة
الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول
  • القراءات: 1112
زولا سومر زولا سومر

يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، أن المشكل في محاربة الفساد وسوء التسيير لا يكمن في غياب القوانين، بل في غياب إرادة سياسية، تسمح بإنشاء هيئات ثقة مدعمة بميكانيزمات جديدة للضبط في إطار الشفافية، مشددا على أن نجاح محاربة الفساد مرهون بتجسيد دولة القانون، وإشراك المواطن في القرار عن طريق المجتمع المدني، ووجود معارضة حقيقية، واستقلالية القضاء، وتوفر نظرة واضحة للمبادرات السياسة والسوسيواقتصادية؛ ما يعني، حسبه، تجديد الحكامة على جميع المستويات؛ من أجل تحديد المسؤوليات وفرض الالتزام بالأخلاقيات المهنية لدى المسؤولين مهما كانت مناصبهم.

وقدّم الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول مساهمة واقتراحات للمحاربة الفعالة لظاهرة الفساد والرشوة وإعادة تأهيل مجلس المحاسبة، «الذي يعرف حالة خمول وعدم تقديم تقارير حول الظاهرة منذ 20 سنة»، موضحا أن الهدف من هذه المساهمة تذكيرٌ مقتضب بمهام الهيئات الاستراتيجية، في الوقت الذي نعيش فيه جدلا واتهامات بالغة الخطورة بين الرئيس الحالي لمجلس المحاسبة الموجود في هذا المنصب منذ 24 سنة، ونقابة هذه الهيئة التي تتهمه بعرقلة الملفات المتعلقة بالفساد.

وفي سياق متصل، ذكّر الخبير بأن العديد من الهيئات التي تحارب الفساد والتي تم إنشاؤها بشكل «مصطنع»، لا تتمكن من تقديم تقارير لكشف الفساد؛ كونها تصطدم بمعارضة القوى في قمة السلطة.

ولاحظ المتحدث أن الهيئات التي من المفترض أن تحارب الفساد، لازالت تابعة لوزارة المالية ووزارة العدل، وبالتالي فإن الجهة التنفيذية هي القاضي وهي الطرف؛ الأمر الذي لا يسمح لهذه الهيئة بأداء مهامها باستقلالية، ملحّا على تكريس استقلالية هذه الهيئات، وتمكينها من أداء مهامها بشفافية لمحاسبة كل المسؤولين مهما كانت مناصب مسؤوليتهم.

وأبرز مبتول ضرورة تكريس استقلالية مجلس المحاسبة والهيئات المماثلة، حتى لا تكون تابعة للجهاز التنفيذي والرفع من عدد أعضائه، مع التعجيل بتكريس استقلالية العدالة، موضحا أن في كل دول العالم حيث توجد دولة قانون، يُعد مجلس المحاسبة هيئة استراتيجية سامية.

وفي سياق حديثه عن ظاهرة الفساد، قال الخبير إن الملفات التي كشف عنها مؤخرا القضاة والمحامون وعدة مواطنين عبر 48 ولاية من الوطن، تبين بوضوح وعكس ما تضمنته تصريحات كل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال، أنه لايزال أمامنا وقت طويل لإقامة دولة القانون والديمقراطية في الجزائر، والتي تبقى شرطا أساسا لمحاربة الفساد الذي يمس شريحة واسعة من المجتمع، ويشكل خطرا على الأمن الوطني، ويُعد كبحا لكل مبادرات ومسارات التقدم.

كما أكد الخبير الاقتصادي أن الوضعية السوسيواقتصادية التي عادة ما تُنسى، تشكل خطرا كبيرا على مستقبل الوطن، وهي بحاجة إلى حل سياسي سريع بحكامة جديدة ومؤسسات ذات مصداقية وأشخاص معنويين نزهاء، مشيرا إلى أن هذه الشروط ضرورية ولا مفر منها إذا أردنا تفادي الركود الاقتصادي والانحراف الاجتماعي للجزائر، باعتبار أن الآثار السلبية لهاتين الظاهرتين ستمس بالدرجة الأولى، الطبقات الهشة الأكثر ضعفا.

وفيما يخص المهام التي يجب أن يقوم بها مجلس المحاسبة، ذكّر المتحدث بوجوب التحرك وإعداد تقارير حول ما يُتداول عن الحركة غير الشرعية لرؤوس الأموال وتهريبها، وانعكاساتها على السوق السوداء للعملة الصعبة (الأورو) التي تجاوزت هذه الأيام 220 دينار لـ 1 أورو، ناهيك عن تضخيم الفواتير وغيرها من المخالفات.

وألح المتحدث على ضرورة تحرير مجلس المحاسبة، وفقا لما ينص عليه الدستور، الذي يصنفه كهيئة مستقلة، دورها محاربة الفساد وحماية الأموال العمومية ورؤوس الأموال التجارية للدولة، والمساهمة في الحكامة الرشيدة بضمان الشفافية في تسيير الأموال العمومية، علما أن الهيئة مخولة بإعداد تقرير سنوي حول هذه الأموال، ترفعه إلى كل من رئيس الجمهورية والوزير الأول ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني.

وتساءل في الأخير عما إذا كانت الممارسات والإجراءات المعمول بها في مجلس المحاسبة بالجزائر، تستجيب للمقاييس الدولية المعمول بها في مثل هذه الهيئات، مذكرا بالتقرير الذي أصدره الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2013، والذي تم خلاله تشجيع مجلس المحاسبة الجزائري، على حل بعض المشاكل التي تم تحديدها، خاصة ما تعلق بطول مدة الإجراءات والآجال المتعلقة باتخاذ القرار، والتغطية المحدودة للرقابة وعدم توحيد مناهج العمل وعدم نشر تقارير المجلس.